حذرت مجلة كومنتاري الأمريكية من أن اعتزام الإدارة الأمريكية قطع المساعدات العسكرية عن مصر, يعد أكبر خطأ ممكن أن تقع فيه تلك الإدارة. وأشارت- في تعليق علي موقعها الإلكتروني - إلي ما يمكن أن يترتب علي قطع المساعدات عن مصر من تقليص النفوذ الأمريكي بها والذي يشهد تراجعا بالأساس, كما حذرت من مغبة أن يتم تفسير هذه الخطوة علي أنها دعم لجماعة الإخوان وأنصارها. واعتبرت المجلة أن موجة العنف الأخيرة التي شهدتها مصر, والتي خلفت نحو900 قتيل بينهم100 من عناصر الشرطة والجيش, كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر الإدارة الأمريكية في هذا الصدد. ورأت أنه علي الرغم من كل الشواهد التي تشير إلي أن الجيش المصري يحظي بدعم معظم المصريين إلا أن الوضع لا يزال يشهد سيولة سياسية. ولفتت المجلة إلي تراجع المشهد المصري عن صدارة قائمة اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية منذ أغسطس المنصرم بعد أن تصدرتها علي مدار الصيف الماضي, وذلك لانشغال إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بين الوضع المتأزم في سوريا والدخول في حلقة إيرانية جديدة. ورجحت المجلة الأمريكية أن قطع المعونة عن مصر سيشجع الإخوان علي الاستمرار في جهودها لاستعادة السلطة. وأضافت لو أن قرار قطع المعونة من قبل إدارة أوباما جاء إبان إطاحة الجيش المصري بنظام الإخوان لكان خطأ ولكنه خطأ متسق مع جهود تلك الإدارة الداعمة للجماعة في السلطة, ولكن أن يأتي هذا القرار الآن بعد أن أصبحت الجماعة في حالة فرار فإنه يفتقر إلي المنطق ويبعد عن حسن السياسة. ورأت المجلة أنه لا يمكن التنبؤ بكل تبعات قرار قطع المعونة عن مصر ولكن الشيء الأكيد هو أن مصر لم يعد لديها خيار بشأن البحث عن حليف أجنبي آخر يقدم إليها مساعدات عسكرية, مشيرة في هذا الصدد إلي أن تحالف مصر مع أمريكا بدأ علي أنقاض تحالفها مع الاتحاد السوفيتي وكان مصحوبا بمساعدات نقدية أمريكية شريطة حفاظ مصر علي معاهدة السلام مع الإسرائيليين. والآن مع عودة الزخم الروسي بالمنطقة علي يد الرئيس فلاديمير بوتين علي حساب نظيره الأمريكي في سوريا, فإن ثمة اعتقاد بدأ يترسخ بأن موسكو قد تملأ الفراغات التي خلفتها واشنطن. اما صحيفة لوفيجارو الفرنسية فقد تناولت الموقف الأمريكي عندما كتب الصحفي الكبير بيير روسلان في مقالة نشرتها الصحيفة امس أن الاجراء الأمريكي في هذا الشأن يؤكد مدي فقدان الولاياتالمتحدة لنفوذها في الشرق الأوسط. وأضاف أن تعليق المساعدات الأمريكية الجزئية العسكرية إلي مصر يتم في شكل عقوبة لدفع النظام المصري للديمقرطية, وإنما يمثل أيضا خطوة للخلف في إطار سياسة التراجع الاستراتيجي التي تنفذها واشنطن للابتعاد عن الشرق الأوسط والتركيز بشكل أكبر علي منطقة المحيط الهادئ بسبب النهضة الاقتصادية في آسيا. وأعتبر الكاتب الفرنسي أن( الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين, الذي استغل أخيرا تراجع الدور الأمريكي ليثبت موقعه مجددا في الملف السوري جنبا إلي جنب مع حليفه بشار الأسد, يحلم( بوتين) أن تعود مصر مرة أخري إلي مدار موسكو, كما كان الوضع خلال الحرب الباردة وحتي وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في عام1970, قبل سياسة التوجه للغرب التي اتخذها الرئيس الراحل أنور السادات. وأوضح روسلان انه بصرف النظر عن الموقف المستخدم بالقاهرة لوضع نهاية لحكم الإخوان المسلمين, ينبغي علي الولاياتالمتحدة أن تدعم النظام المصري اذا كانت واشنطن تريد الدفاع عن أولوياتها الأساسية في المنطقة, والحفاظ علي اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل. ورأي الكاتب الفرنسي أنه من غير المرجح في الواقع أن يكون لتعليق إمدادات الأسلحة الأمريكية تأثير مقنع علي سياسة القاهرة, فالخطاب العسكري المصري معادي للولايات المتحدة, إن لم يكن أكثر, مما كان عليه في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين. وأشار إلي انه بصرف النظر عن روسيا, التي تتمني أن تطلب منها مصر ذلك لتسهيل عودتها إلي البحر المتوسط, فمصر لا ينقصها الشركاء لتعويض الانسحاب الامريكي في إشارة إلي تعليق المساعدات, فالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت قد وعدوا بتقديم12 مليار دولار مساعدات لتعويض المساعدات التي كانت قطر قد تعهدت بها لدعم جماعة الإخوان المسلمين. واختتم روسلان مقاله: إن موضوع وقف الإمدادات الأمريكية من الأسلحة الثقيلة لمصر يشبه إلي حد كبير قرار تركيا باللجوء إلي الصين لتوفير نظام للدفاع الجوي, فكل تلك الشواهد تدل علي أن الغرب يفقد نفوذه في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.