في حوار شامل مع الأهرام المسائي كشف الدكتور ماجد الشربيني رئيس أكاديمية البحث العلمي عن أبرز ملامح خطة إعادة هيكلة البحث العلمي في مصر مؤكدا أن أهم ما تم إنجازه في هذه الخطة هو إنشاء المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا الذي يضع الأولويات التي يجب أن توجه إليها موارد الإنفاق للنهوض بالبحث العلمي. فإلي نص الحوار: * علمنا بأن هناك خطة جديدة لحماية منظومة البحث العلمي في مصر.. فماذا تتضمن تلك الخطة؟ ** في البداية أقول إننا عكفنا علي مدار عامين علي دراسة المشكلات التي تواجه منظومة البحث العلمي في مصر من حيث قلة التمويل والإمكانات المتاحة وقمنا بإعداد تقرير عن الخطط التي اتبعها الكثير من دول العالم في إدارة منظومة البحث العلمي لديها ومنها دول تقدمت كثيرا في هذا المجال ودول أخري كانت متقدمة وتأخرت ودول ثالثة تعثرت فيها عملية البحث العلمي واستعنا بوزارة التنمية الإدارية لإعداد تقارير ترصد مشكلات المراكز والمعاهد البحثية في مصر وبناء علي ذلك تم إعداد الخطة الجديدة لهيكلة منظومة البحث العلمي في مصر. * وهل تم البدء في تنفيذها؟ ** أبرز ما تم إنجازه من تلك الخطة هو إنشاء المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا الذي يرأسه رئيس الوزراء بعضوية8 وزراء و6 من أبرز العلماء في الخارج و3 من رجال المجتمع المدني والصناعة أبرزهم نجيب ساويرس ومحمد المهدي ودور هذا المجلس الرئيسي وضع الأولويات التي لابد أن توجه لها موارد الإنفاق للنهوض بالبلد خاصة أن مواردنا المالية ضعيفة في هذا الشأن. * أين سيكون موقع الأكاديمية من الخطة الجديدة؟ ** بموجب الخطة الجديدة سوف تتحول الأكاديمية إلي مجلس من مجالس الفكر وذلك بعد أن كانت لها العديد من الأنشطة التي أثقلتها كالتمويل ومسئولية براءات الاختراع والقيام بعدد من المشروعات لينحصر دورها في الخطة الجديدة علي وضع الاستراتيجيات لمنظومة البحث العلمي في مصر ككل من خلال مجالسها النوعية التي تضم خبرات العلماء المصريين في مصر والخارج علي أن تقوم برفع استراتيجيتها للوزارة التي تقوم بدورها برفعها للمجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا ليقرها ثم يعيدها للوزارة مرة أخري التي تحيلها إلي صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية الذي يعمل علي توفير التمويل اللازم. * ألا يعني ذلك انحسار دور الأكاديمية أكثر وأكثر من ذي قبل؟ ** بالعكس بل إن دور الأكاديمية أصبح بارزا وحيويا في ظل الخطة الجديدة خاصة أن الخطة تضع لها خمسة أدوار منها دور وضع الاستراتيجيات ودور رعاية الابتكار من خلال مكتب براءات الاختراع المصري وهو المكتب الوحيد علي مستوي إفريقيا والشرق الأوسط الحائز علي اعتراف دولي في هذا المجال كما أن الأكاديمية علي اتصال بالمكاتب الأجنبية المناظرة ورعاية المبتكرين من خلال وحدة تسمي بوحدة التصميم الصناعي وهي حلقة الوصل بين شباب المبتكرين بالأكاديمية والوزارة التي ترعي الباحث منذ أن يكتب فكرته علي الورق حتي تتحول إلي منتج نهائي يفيد البيئة الصناعية في مصر. وهذه المرحلة من حياة المبتكر تسمي بمرحلة وادي الموت التي إن لم تتم رعاية الباحث فيها رعاية سليمة فسوف يفشل ويقل معدل ابتكاراته كما أن المجتمع المدني سيشارك في هذا الأمر بقوة وهي المشاركة التي سيعلن عن نتائجها قريبا. * وماذا عن الأدوار الأخري للأكاديمية؟ ** ستقوم الأكاديمية برعاية الباحثين من خلال عدد من المنح العلمية لشباب الخريجين الذين لم يحالفهم الحظ للالتحاق بجامعة أو بمركز بحثي وإدماجهم في برنامج تحت مسمي شباب الجيل الجديد الذي يتلقي فيه الباحث تدريبا مكثفا مدته6 أشهر ثم30 شهرا أخري يدعم خلالها الباحث بألف جنيه كراتب شهري ومتابعته حتي يحصل علي درجة الماجستير ثم سفره للخارج للحصول علي الدكتوراة. * وماذا عن الثقافة العلمية وأين دور الأكاديمية منها؟ ** بموجب الخطة تم تدشين موقع علي الإنترنت يسمي ال ساينس بوك وهو شبيه بموقع ال فيس بوك وذلك لمساعدة الشباب علي تبادل المعارف والعلوم وإطلاعهم علي كل جديد في العلم وتم تسجيل5 آلاف مصري علي الموقع حتي الآن وهذه بداية جيدة جدا وندعو جميع شرائح المجتمع للاشتراك فيه. * هل تواجه الخطة صعوبات في تطبيق أي من أجزائها؟ ** ما ينقصنا حاليا هو التسويق وما سوف يساعدنا علي سد هذا النقص مشاركة المجتمع الصناعي بقوة في هذا المجال وأنا أدعوهم إلي ذلك. * ألم تتطرق الخطة إلي مسألة التمويل ومصادره؟ ** منذ ما سيقرب من4 سنوات كان التمويل مقصورا علي التمويل المباشر من الحكومة للجامعات والمراكز والمعاهد البحثية وكانت كل جهة تنفق بما يتفق مع ظروفها وأولوياتها الخاصة دون تنسيق إلا أن وجود المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا أسهم في وضع أولويات البحث العلمي وهي موحدة علي الجميع كما أن تمويل المراكز والمعاهد البحثية يزيد بنسبة تتراوح بين10% و15% سنويا ويتوازي معه التمويل المتاح لصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية الذي يزيد بمعدل200 مليون جنيه سنويا. * وكم تبلغ قيمة الإنفاق علي البحث العلمي في مصر خاصة مع تعدد قيمة هذا التمويل بين أكثر من رقم؟ ** الإنفاق علي البحث العلمي في مصر يبلغ حاليا2.1 مليار جنيه سنويا. * وهل يعني ذلك زيادته علي فترات سابقة أو نقصانه وما دلالة تلك القيمة؟ ** وضع البحث العلمي بالنسبة للمبالغ التي تنفق عليه أصبح في خطر فحتي وقت قريب كانت النسبة التي تنفق علي البحث العلمي في مصر تبلغ0.24% من الدخل القومي وزادت مع مرور السنوات لتصل حاليا إلي0.4% ونتوقع أن تصل إلي1% خلال السنوات الخمس المقبلة وإذا وصلنا إلي تلك النسب فسنصبح ضمن الدول التي تنفق الحد الأدني المطلوب علي البحث العلمي ولا يزال الوقت مبكرا علي أن نصل إلي نسبة ال3% أو ال4% الي تنفقها الدول المتقدمة علي البحث العلمي من دخلها القومي. * هل تم وضع ميزانية محددة للأكاديمية في ظل تطبيق إعادة الهيكلة؟ ** ميزانية الأكاديمية في العام المقبل ستصل إلي15 مليون جنيه وتزيد بنسبة10% سنويا وأتمني زيادتها مستقبلا. * وإذا ما قارناها بميزانيات فترات سابقة فماذا تقول؟ ** الأكاديمية منذ عشر سنوات كانت ميزانيتها150 مليون جنيه لكن كان ملقي علي عاتقها العديد من المهام ومنها تمويل المشروعات البحثية وهذا لم يعد قائما في خطة إعادة هيكلة البحث العلمي الجديدة.. المهم أن يتم توجيه المبلغ المعتمد في الاتجاه الصحيح لتحقيق الأهداف المرجوة. ؟ ماذا عن القانون الجديد للبحث العلمي وإلي أين وصل الآن؟ ** لا يزال قيد المناقشة والإعداد ولم ننته منه بعد. * وهل يمكن أن تكشف لنا عن أبرز ملامحه؟ ** القانون الجديد يركز علي تحسين مناخ البحث العلمي في مصر وضمان تعدد مصادر تمويل البحث العلمي وفتح الباب لزيادتها وتوفير سبل العيش الكريم للعلماء والباحثين المصريين والانطلاق بالبحث العلمي خارج المناخ البيروقراطي الذي يسيطر عليه الآن. * هناك العديد من المخاوف لدي أساتذة المراكز والمعاهد البحثية من التفرقة بينهم وبين أساتذة الجامعات وبالتالي الإضرار بمراكزهم القانونية بالقانون الجديد.. فما تعليقك؟ ** لا يمكن النظر إلي الأستاذ بالمركز أو المعهد البحثي بنظرة مختلفة عن أستاذ الجامعة لأن الاثنين علماء ولن يميز القانون الجديد بينهما علي الإطلاق وكل ما أشيع عن ذلك مجرد تكهنات. * وهل يساعد القانون الجديد علي تنظيم العملية البحثية في مصر أفضل من الوضع الحالي؟ ** البحث العلمي في مصر لا ينظمه قانون بل تنظمه مادة واحدة فقط في الدستور نصها: ترعي الدولة البحث العلمي ورغم أن البحث العلمي ذكر في الدستور مرتين والتعليم العالي ذكر مرة واحدة إلا أن التعليم العالي له قانون ينظمه وهو القانون49 لسنة1972 المنظم للجامعات في حين تلك الجملة هي التي تحكم البحث العلمي في مصر. * هل سيعرض القانون علي الدورة البرلمانية الجديدة؟ ** من المستحيل عرضه علي الدورة البرلمانية المقبلة لأن مجلس الشعب في تلك الدورة مثقل بشكل كبير جدا بالعديد من مشروعات القوانين إلي جانب أننا لم ننته بعد من صياغة القانون بشكل نهائي لأنه يحتاج إلي مناقشة واسعة تضم جميع المعنيين بالبحث العلمي في مصر حتي يرضي كل الأطراف. * وهل ستشارك المراكز البحثية في وضعه؟ ** سيشارك في مناقشته ووضعه جميع العلماء المصريين والمراكز والمعاهد البحثية وأساتذة الجامعات ورواد البحث العلمي في مصر وجميع الوزارات خاصة أن البحث العلمي ليس مقصورا علي وزارة التعليم العالمي والبحث العلمي فقط. * هناك دائما أصوات تنادي بضرورة الفصل بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي تحقيقا لاستقلال البحث العلمي والاهتمام به من خلال وزارة منفصلة.. فهل تمت دراسة هذا المقترح وهل يمكن تطبيقه؟ ** لا يمكن بأي حال من الأحوال الفصل بين الوزارتين علي الإطلاق لأسباب واضحة جدا أبرزها أن العلماء المصريين يبلغ عددهم98 ألف باحث منهم73% بالجامعات بالإضافة إلي13% في المراكز البحثية و14% في جهات أخري وهذا يعكس بقوة أن التعليم العالي ومؤسساته والبحث العلمي ومؤسساته منظومة واحدة متكاملة لا يمكن الفصل بينها. * حالة من الترقب والغليان يعيشها أساتذة المراكز والمعاهد البحثية نتيجة استبعادهم من مشروع حوافز الجودة وقصره علي أساتذة الجامعات.. وسبق أن وعدتهم بتطبيق مشروع منفصل طبقا لتوجيهات رئيس الوزراء.. فماذا تم حتي الآن؟ ** انتهينا بالفعل من تصميم الاستمارات الخاصة بصرف حوافز الجودة للمراكز والمعاهد البحثية وتمت تجربتها بالعديد منها ونحن في انتظار أن تنفذ الحكومة وعدها بأن يتم البدء في تطبيقها ابتداء من يوليو المقبل مع بداية السنة المالية الجديدة. * البدء في التطبيق أم البدء في الصرف خاصة أنهم أخذوا منك وعدا بالصرف مع بداية السنة المالية الجديدة؟ ** المهم أن نبدأ وكيف يمكن أن أبدأ تطبيق هذا النظام دون تدبير نفقاته. * وهل تم تحديد ميزانية لتمويله؟ ** طلبنا50 مليون جنيه كدفعة مبدئية وستكون كافية وتعد بداية ممتازة. * لكن الجامعات تصرف150 مليون جنيه في الدفعة الواحدة والقانون يساوي بينها وبين أعضاء المراكز والمعاهد البحثية؟ ** كما قلنا في البداية فمخرجات البحث العلمي مختلفة تماما عن مخرجات الجامعات وبالتالي المهام الموكلة لأستاذ الجامعة أكبر بكثير من المهام الموكلة للمراكز البحثية فأستاذ الجامعة لديه مهام البحث العلمي والتدريس وخدمة المجتمع في حين أن الأستاذ بالمركز البحثي مطالب بالبحث العلمي في المقام الأول وبخدمة المجتمع وبالتالي لابد أن تختلف قيمة الاعتمادات المالية.