شيء مرعب أن تجد نفسك تعيش في خوف مستمر تخشي علي نفسك وأولادك حتي من الخروج إلي الشارع لعمل أو شراء بعض متطلباتك في ظل عنف وإرهاب يستشري في المجتمع كالنار في الهشيم تحت دعوي جهادية هي أبعد ما تكون عن سماحة الدين الإسلامي الذي أتي برسالة دعوية تقوم علي الحكمة والموعظة الحسنة لا الإرهاب وقتل البشر بدماء باردة. إن المذبحة البشرية التي قامت بها عناصر إرهابية وتصفية خمسة وعشرين من جنود الأمن المركزي في سيناء أثناء عودتهم من أجازاتهم لهي الأبشع والأعظم في تاريخ أعمال العنف و الإرهاب في مصر منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين وتفتق التيارات الإسلامية الجهادية من تحت عباءتها. إن ما يحدث في مصر يتجاوز حدود الخلاف السياسي إلي ما يمكن أن نطلق عليه حرب استنزاف بشرية تريد منها العناصر الاجرامية الارهابية تطبيق سياسة الأرض المحروقة في دولة فشلوا في أن يحكموها قسرا وجبرا. وعلي طريقة شمشون يريدون أن يهدموا المعبد علي رءوسهم ورءوس المصريين جميعا ناسين أنهم مصريون قبل أن يكونوا أعضاء في تنظيمات دينية ومتغافلين دينية ومتغافلين عن أهلهم وأشقائهم وأبنائهم الذين يعملون فيهم آلتهم الإرهابية ويقتلونهم ويستبيحون دماءهم بغير وجه حق. كيف يمكن لفصيل يري في نفسه أنه الأوحد في معرفة الله و الأوحد في التحدث باسم الاسلام عن جهل أن ينصب من نفسه حكما علي شعب بأسره ويفرض عليه حكما لا يريده وإما أن يحكموا هم كيفما يريدون أو تحترق مصر بأسرها. أين هم من رواد الفكر الاسلامي الذين قادوا ثورة تنويرية مع مطلع القرن التاسع عشر قدمت للعالم الوجه المضيء للإسلام لا الوجه المسيء لدينا السمح الذي عمل متأسلموا هذا الزمان علي ترويجه بالدم والسلاح. أين هم من قامات عالية كالشيخ جمال الدين الافغاني والإمام محمد عبده والإمام المراغي والدكتور عبد الحليم محمود والشيخ الشعراوي؟ .. ماذا قدم إرهابيو هذا الزمان إلا الخراب والدم؟ لابد من وقفة جادة للأزهر الشريف لإعادة الوجه المضيء للإسلام بفكر تنويري متجدد للإسلام تجتمع عليه كل التيارات الإسلامية الضالة ولابد أن يعمل فضيلة الإمام الأكبر ومن خلفه هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والمفكروين والمثقفون في مصر علي التواصل مع رءوس ومشايخ هذه التيارات الضالة والعمل علي استتابتها وإزالة الغشاوة من علي أعينهم و إعادتهم إلي جادة الصواب بدلا من استشراء الإرهاب والخراب بينهم. ليس هناك دور مجتمعي أهم من ذلك علي الأزهر أن يقوم به وهو لا يقل أهمية في قيمته وهدفه عن الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق التي يريد بها العناصر الإرهابية باطلا.