أكد الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية أن حلول المولد النبوي الشريف هذا العام في نفس توقيت أعياد رأس السنة الميلادية يعطي العالم كله درسًا مهمًا يشهد على انصهار العلاقات التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في أوطانهم، خاصة بعد ما يشهده العالم الآن من محاولات لخلق فتن بين الشعوب. وقال الزهار، إن المسلمين خاصة في العصر الفاطمي اهتموا بالاحتفال بأعياد الأقباط و خاصة في رأس السنة الميلادية، حيث كانت أعياد الأقباط في مصر الفاطمية بمثابة أعياد قومية رسمية للدولة، وتحتسبها عطلة رسمية للشعب ، ويتم فيها غلق المصالح الرسمية والأسواق والمحلات التجارية، وتقوم الدولة بتوزيع الكساء على الشعب دون تفرقه بين مسلم أو مسيحي. وأضاف أن احتفالات رأس السنة الميلادية في العصر الفاطمي شهدت قمة مظاهر الاحتفال بالأعياد، حيث كانوا يوقدون الشموع و يقومون بصناعة الحلوى من الأصناف المختلفة والمعجنات والزلابية واللارنج والليمون والقصب والأسماك ، ومن أشهرها سمك البوري، ثم يخرجون فى احتفالات و مواكب بالقناديل فى الشوارع من بعد صلاة العشاء و حتى بداية الصباح. وتابع الزهار أن من أهم مظاهر احتفال المسيحيين برأس السنة في العصر الفاطمي خروجهم من الكنائس فى مجموعات قاصدين زيارة النيل للاستمتاع بالجلوس أمامه، ويسهر المسلمون معهم حتى الفجر في مشهد رائع يدل على الحب بين عنصري الأمة و مشاركتهم الوطن في تلك الفترة الزمنية. ولفت إلى أن المسيحيين كانوا أيضا يشاركون إخوانهم المسلمين أعيادهم و مناسباتهم الدينية ، و لعل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في العصر الفاطمي كان شاهداً على ذلك، فقد بدأ الاحتفال بهذه المناسبة مع دخول الفاطميين إلى مصر، و كان يتم الاحتفال بتلك المناسبة بشكل كبير فقد كانت تصنع الحلويات المختلفة ، كما انه كان يتم تخزين المواد الغذائية من سمن وسكر ودقيق حتى يتم تصنيع الحلوى التي كانت توزع بأمر الخليفة على جميع طبقات الشعب في جميع المناسبات الدينية وبصفة خاصة المولد النبوي. وأكد الأثري سامح الزهار أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لم ينقطع إلا في زمن الدولة الأيوبية حيث كانت سياسة الأيوبيين وقتها أنه يجب محو ظواهر الاحتفالات الاجتماعية المرتبطة بالعصر الفاطمي خاصة وان الدولة كانت في حالة مشاحنات سياسية و تجهيزات عسكريه تقتضي توفير نفقات الاحتفالات. وأوضح أنه في العصور الأخرى سواء كانت المملوكية أو فترات الحملات الفرنسية وحكم الأسرة العلوية كان يتم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بمشاركة مسلمي و مسيحيي مصر باحتفال ضخم يليق بجلال وعظمة المناسبة و بارتباط المصريين بطقوسهم الاجتماعية المرتبطة بالاحتفالات الدينية. وأشار الزهار إلى أنه حتى يومنا هذا فان الاحتفالات الدينية في مصر سواء للمسلمين أو المسيحيين فإنها تمثل احتفالات اجتماعية و قومية يشارك فيها الجميع فنري كيف يحتفل المسيحيون فى مصر بأعياد المسلمين و يحرصون على الاشتراك في عادات و تقاليد شهر رمضان الاجتماعية ، و كيف يقومون بشراء حلوي مولد النبي تعبيرا عن سعادتهم بعاداتهم الاجتماعية الموروثة ، كما نري كيف يحتفل المسلمون بأعياد المسيحيين و خاصة أعياد رأس السنة الميلادية.