أثار حكم محكمة القضاء الإدارى ببطلان عقد بيع 230 فدانًا من أراضى الدولة فى مدينة القاهرةالجديدة لشركة بالم هيلز العقارية وإمكانية تعرض كل المشاريع العقارية التى خصصت الحكومة أراضيها لرجال أعمال بالأمر المباشر بدون مزايدات عليها لنفس المصير حالة من الجدل بين خبراء العقارات، ففي حين يؤكد البعض أن الجهات الحكومية تتحمل المسئولية الكاملة عن المخالفات التي شابت عمليات التخصيص ويطالبون بعدم سحب الأراضي بحجة الحفاظ على السوق العقارية المصرية، يؤكد البعض الآخر ضرورة إعادة تلك الأراضي للدولة مرة أخرى ، وإعادة تقييم المستغل منها باعتبارها بيعت برخص التراب مشددين على أن الحاصلين عليها حولوها لمنتجعات ومساكن فاخرة للأغنياء وبالتالي لن تؤثر على السوق العقارية من قريب أو بعيد .. "بوابة الأهرام" استطلعت رأي الفريقين في هذا التحقيق .. في البداية، يؤكد أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، تأييده التام لسحب الأراضي التي تم تخصيصها بالأمر المباشر، باعتبارها ملكًا للشعب المصري كله ويجب أن تعود إليه مرة أخرى، موضحًا أن تلك الأراضي كان يجب طرحها بمزادات علنية تحقيقًا لمبدأ الشفافية وللوصول لأعلى سعر ممكن. وأضاف الزيني أن ببيع تلك الأراضي بأسعار منخفضة، بحجة أن أصحابها يتحملون المرافق والخدمات مرفوض تمامًا، موضحًا أن تصحيح الأوضاع يقتضي سحب الأراضي التي لم تقم الشركات بالبناء عليها وإعادة تقييم المساحات التي تم البناء عليها وبيعها بالقيمة الحقيقة . وأوضح أن سحب الأراضي من المشروعات المخالفة لن يضر السوق العقارية باعتبار أن معظم الأبنية التي بنيت عليها عبارة عن فيلات وشقق فاخرة لا يستفيد منها سوى شريحة صغيرة، كما لن يضار أي حاجز لوحدة سكنية من إجراءات السحب. وأشار إلى أن الشركات العقارية تغالي كثيرًا في أسعار الوحدات المطروحة ، فالوحدة الواحدة تصل إلى نصف مليون جنيه ، رغم أنهم حصلوا علي الأرض بأسعار شبه مجانية ، على شاكلة خمسين جنيها للمتر، مطالبًا الحكومة بتشجيع الإسكان المتوسط عبر منح شركات القطاع العام الأراضي ودخول بنوك ك"الإسكان والتعمير" كممول لبناء وحدات رخيصة تناسب المواطنين البسطاء بأسعار مخفضة، موضحًا أن البنك قام من قبل بتمويل مشروعات بمارينا والساحل الشمالي ويجب عليه الآن القيام بدور كبير في الإسكان المتوسط . وخالفه الرأي علي موسى، رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، الذي أكد أن سحب الأراضي من الشركات خطأ لأنها حصلت عليها عبر نظام واضح ومعروف ، ولو حدثت أية مخالفات يجب أن تتحملها الجهة التي وافقت على التخصيص وليس الشركات ، مطالبًا بعدم تجاهل الإضافة التي حدثت بالمناطق التي أقامت الشركات العقارية مشروعاتها عليها، التي كانت سببا في ارتفاع قيمة الأرض بعدها ، كمنطقة التجمع الخامس التي كانت صحراء قبل تلك المشروعات. وأشار إلى أن الأحكام والقضايا الصادرة بحسب الأراضي أثرت على السوق العقارية، وأدت لانعدام الثقة بين المستثمرين، حيث توقف الكثير من الحاجزين للوحدات العقارية عن الاستمرار في دفع الأقساط خوفًا من عدم استكمال تلك المشروعات وغياب الرؤية حول مصير أصحابها، لافتًا إلى أن العديد من الشركات خفضت عدد عمالها واستغنت عن عمال الترحيلات وغير المؤمن عليهم. ولفت إلى أن مساهمي الشركات يتحملون الخسائر، فشركة "بالم هيلز" فقدت مليارات الجنيهات بالبورصة، حيث اشترى المساهمين السهم ب 9 جنيهات ، والآن وصلت قيمة السهم إلى جنيهن مما يعني أن حامليه فقدوا 75% من أموالهم. وطالب بأن تراعي الجهات التي ستتولي تقييم الأرض ، وضع المنطقة قبل البدء في عمليات المشروعات العقارية بجانب وضع قوانين واضحة تتعلق بالأراضي، حتى لانفقد المستثمرين الذين قد يتخوفوا من الاستثمار بالسوق المصرية ، تحاشيًا لإمكانية سحب الأرض منهم بعد بدء مشروعاتهم بحجة أن أسعارها كانت مخفضة وقت البيع. فيما أكد المهندس نبيل محسن، الباحث بمجال الإسكان، أن السوق العقارية لن تتأثر بسحب جميع الأراضي التي تم تخصيصها بالأمر المباشر، موضحًا أن حل مشكلة الإسكان ليس في زيادة أعداد العقارات أو الوحدات السكنية ، لكن في عدم استغلالها بالشكل الأمثل، فمصر يوجد بها نحو 7.8 مليون شقة مغلقة لو تم استغلالها لاختفت أزمة الإسكان وفقًا لإحصاء سنة 2006، موضحًا أن قيمة تلك الوحدات تزيد عن ديون مصر بمقدار 50 مليار جنيه. وشدد على ضرورة استغلال تلك الوحدات بدلاً من الاستدانة لبناء وحدات سكنية جديدة ، موضحًا أن مصر لا توجد بها مشكلة سكن بل "تسكين" ، مما يعني أن الحل تشريعى يجب أن يقوم على إنشاء علاقة ايجارية جديدة وتأسيس صندوق اسكان يعطى قروض بدون فوائد للراغب فى البناء، وتنشيط القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة. وأشار إلى أن "الإسكان المتوسط" و"محدود الدخل" مسميات أطلقتها الحكومات لعجزها عن حل المشكلة السكانية فالسكن لابد أن توفر عنصر الراحة للساكن والتي تختلف من شخص لآخر ، موضحا أن أي وزير إسكان يتفاخر دائمًا بعدد الشقق التي بنيت في عهده، وليس بقدرته على حل المشكلة السكانية وتوفير سكن لكل مواطن. الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أكد ضرورة منح حوافز لعميات التعمير خارج الوادي والدلتا ، مطالبا بترك القانون يأخذ مجراه مع المتهمين بالفساد أو الحصول على أراضي من أراضي بالدولة بالمخالفة بدون سحب الأراضي منهم كإعادة تقييم الأرض بدلاً من إيقاف المشروعات كلها خوفًا من توقف السوق العقارية. وحذر من إمكانية هروب المستثمرين العقاريين خوفًا من إمكانية سحب الأراضي منهم مستقبلاً ، منتقدا الاقتراح الخاص بدخول بنوك القطاع العام وتمويلها شركات حكومية لإنشاء العقارات، لأنها لن تستطيع وحدها القيام بذلك الدور.