تنازلت عزة موظفة بإحدى الهيئات الحكومية عن الفستان التي كانت ترتب لشرائه هذا العام مع بداية الموسم الصيفي من أجل استكمال ملابس أولادها، بعد أن فوجئت بارتفاع كبير في الأسعار هذا العام عن الماضي يصل إلى الضعف علي حد قولها. عزة لديها أسرة مكونة من 6 أفراد، بنت وثلاثة أولاد وهي وزوجها. وتحرص كل عام مع أواخر الشتاء على الاشتراك في جمعية للحصول علي نحو 1500 جنيه؛ لكي تشتري بها لكل فرد من أفراد أسرتها "طقم صيفي منزلي وأخر للخروج". وتحرص عزة على ارتداء الملابس القطنية بفصل الصيف حفاظا منها علي صحة الأسرة من عوامل الحساسية الجلدية. وكانت تعتمد على بمبلغ الجمعية لشراء كل احتياجاتها خاصة وأنها تقطن في أحدي المناطق الشعبية التي تمتلئ بالمحلات ذات الأسعار الزهيدة. ولكن هذا العام لم تف الجمعية باحتياجات الأسرة كاملة. وبالفعل فقد كشف يحيي الزنانيري، رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة، عن أن هناك ارتفاعًا في أسعار الملابس يصل إلى نحو 30% بسبب ارتفاع أسعار الغزول بنسبة 100% كحد أدني. وكان سعر الطن الواحد من الغزول قد ارتفع في العام الماضي إلى 40 ألف جنيه في مقابل 20 ألف جنيه فى عام 2009. وتصل نسبة الغزول في منتجات الملابس إلى نحو 60% من المنتج بحسب كلام الزنانيري، مما يؤثر بشكل ملحوظ علي الأسعار وخاصة أن الغزول تدخل بنسب أكبر في صناعة الملابس الصيفية هذا إلى جانب الملابس الداخلية، والتي تدخل فيها نسبة الأقطان إلى أكثر من 70%، "لا بديل عن استخدام الأقطان في هذه الصناعة". وطالب يحيي الزنانيري بضرورة الحد من الاستيراد الخارجي للملابس الجاهزة بشكل مؤقت لكي تتمكن صناعة الملابس المصرية من استرداد عافيتها مع زيادة الفحص الفني علي البضائع الواردة من الخارج، حيث إن معظمها منتجات رديئة. كذلك قال إن للقطاع مطلب أساسي وهو رفع الرسوم الاسترشادية والتي لم تتغير من عام2008 علي الرغم من أن أسعار الغزول زادت وبالتالي فإن عدم زيادة الأسعار الاسترشادية يؤدي إلى عدم تقدير القيمة الفعلية لهذه الملابس، وينتج عن ذلك أن المنتجات المستوردة تدخل بسعر أقل من سعرها الفعلي بنسبة تتراوح بين30 و40 % مشيرًا إلى أن مختلف المنظمات الشرعية التي تمثل ذلك القطاع تقدمت بمذكرة بهذا الشأن لمصلحة الجمارك وجاري النظر فيها. جاء ذلك علي خلفية أزمة ارتفاع أسعار الغزول، والتي بدأت منذ سبتمبر 2010 بسبب قرار الهند وباكستان عدم تصدير القطن إلى الخارج، مما أثر على نسبة المعروض العالمي. وكانت أسعار القطن المحلى قد شهدت وقتها ارتفاع بنسبة 34% في 50 يومًا فقط. وعلى الرغم من أن ذلك الارتفاع كان له أثره الإيجابى على مزارعى القطن إلا أن المغازل ومصانع الملابس باتت من المتضررين. وقد كان لديهم أمل في أن تطبق مصر سياسة الهند وباكستان اللتين قررتا منع تصدير القطن. وناشد الخبراء المسئولين بضرورة وضع إستراتيجية لها جانبين: الأول أن تقوم باستيراد الأقطان المستخدمة في الصناعة، ومن ناحية ثانية التوسع في زراعة الأقطان متوسطة وقصيرة التيلة وهى النوعية التى تحتاجها المغازل المحلية، حتى يمكن مواجهة الغزو المستقبلي لصناعات الهند وباكستان في الملابس. وأيد محمود الداعور، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية للقاهرة، أن هناك ارتفاعًا في أسعار الملابس يصل إلى نحو 100% هذا العام وخاصة في المنتجات القطنية، ويرجع ذلك إلى سعر قنطار القطن الذي وصل إلى نحو 2800 جنيه في مقابل 590 جنيها في ذات الفترة من العام الماضي. وقال الداعور إن السوق الآن يعاني الركود بنسبة تصل إلى نحو 70% عن الأعوام السابقة حيث تكتفي الأسرة المصرية بشراء السلع الأساسية مثل الأكل والشرب والاستغناء عن الملبس باعتباره حاليا من الرفاهية . وأكد الداعور على أن هناك نحو 30% من المصانع المحلية أغلقت وأعلنت تصفيتها بسبب عدم قدرتها على مواجهة ارتفاع الأسعار المذهل بالإضافة إلى طوفان الاستيراد الخارجي من منتجات الملابس الجاهزة التي تباع بأسعار زهيدة بسبب تهربها من الجمارك. وقال الداعور إن غلاء الغزول دفع ببعض المنتجين إلى استبدال نسبة القطن داخل المنتج " بالبوليستر"وهو أحد أنواع الخيوط الصناعية التى تدخل فى صناعة الملابس. وطالب الداعور بضرورة تدخل الحكومة في توسيع الرقعة زراعة القطن، مشيرا إلى أن ذلك هو الحل الأمثل في الوقت الحاضر لعودة صناعة الغزل والملابس الجاهزة واسترداد عافيتها. وتصل نسبة الأرض المزروعة بالقطن في مصر حاليا إلى 330 ألف فدان تقريبا ينتج عنها ما يقرب من 120 ألف طن من القطن. وتعد هذه المساحة غير كافية حتى لو تم استغلالها بالكامل لأن الجزء الأكبر من إنتاجها لا يصلح لاستهلاك المغازل المحلية وتدر ربحًا أكبر عند تصديرها.