أثار حادث غرق المهندس محمد إدريس بالقرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر والتابعة لوزارة التربية والتعليم، يوم السبت الماضي، ردود فعل غاضبة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" الأمر الذي جعل جيرانه يدشنون صفحة خاصة به أسموها "هنجيب حقك يا محمد إدريس". والمهندس محمد إدريس والذي كان قد انتهى من تمهيدي دكتوراه منذ أيام قليلة اصطحب أسرته ضمن مجموعة كبيرة من جيرانه-200شخص- من "حدائق الأهرام"، للترفيه عن أنفسهم بالقرية الكونية والتي يطلق عليها مصر الصغرى، حيث إن بها نماذج مصغرة لكافة الآثار والمناطق السياحية بمصر. إدريس والذي لا يعرف السباحة غرق في نموذج لنهر النيل عندما حاول إنقاذ زوجته وطفله الصغير -3 سنوات- وبرغم محاولات إنقاذهم من الجيران إلا أن عمق النهر وقذارة المياه وعدم وجود وسائل أمان أو سلامة، وعدم وجود أفراد للإنقاذ من إدارة القرية، أدت إلى غرق هذا الشاب لتعود أسرته بدونه، الزوجة المكلومة وطفلان صغيران ذاقوا مرارة اليتم على موقع التواصل الاجتماعي تماسكت الزوجة عفاف عماد وكتبت ما حدث ووصفت مدى الإهمال بهذه القرية، وكيف أن الناس فشلوا في إنقاذ زوجها. وبعد مرور يومين من وقوع الحادث تداول مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" فيديو صور لحظة غرق المهندس محمد إدريس. رصدت "بوابة الأهرام" تفاصيل الحادث، وتحدثت إلى أحد أقرباء الضحية، وكذلك شهود عيان على الواقعة ومنهم من أنقذوا الزوجة وطفلها. يقول المهندس ياسر عماد شقيق زوجة المهندس محمد إدريس، أنه وصل القرية الكونية عقب وقوع الحادث بنصف ساعة فقط لقرب المسافة بينها وبين منزله بحدائق الأهرام، مشيرًا إلى أنه قد تلقى مكالمة هاتفية أخبروه فيها بالحادث. ويضيف، منذ دخولي من باب القرية لم أجد من أتحدث له من الإدارة، حتى وجدت مدير القرية ويدعى محمد الروبي، وبمجرد أن بدأت فى التحدث إليه عما حدث، أشار لى بالتحدث مع اللواء مجدي خليفة المسئول عن القرية، وبمجرد أن تحدثت إليه مستنكرًا عدم وجود وسائل أمان أو سلامة بالقرية رد ببرود شديد "خلاص الراجل غرق هنعمل إيه يعنى؟!". ويشير شقيق زوجة إدريس ل"بوابة الأهرام"، إلى أن القرية الكونية واسعة للغاية ومترامية الأطراف ويصعب الانتقال فيها من مكان لمكان سيرًا على الأقدام، مؤكدًا على أنه حصل بصعوبة على سيارة جولف أوصلته إلى مكان الحادث، حيث وجد تزاحما شديدا حول النهر الذي غرق فيه إدريس. في اليوم الثاني، من وقوع الحادث كتبت إدارة القرية الكونية اعتذارا عن وقوع الحادث الأليم على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، ولكن يبدو أنه لم يُقبل من قبل المترددين على الصفحة، حيث أصروا على تصعيد الإجراءات القانونية ضد إدارة القرية. أحمد عبد الجواد –صاحب شركة خاصة- وكان من ضمن مجموعة الجيران التي ذهب معها محمد إدريس مع أسرته إلى القرية، وكذلك كان شاهد عيان على الواقعة وكذلك هو الذي ألقى بنفسه إلى النهر و أنقذ الطفل الصغير، يقول بداية لم أكن أعلم بوجود جاري محمد إدريس ضمن مجموعتي، والتي كان يبلغ عددها 200 فرد، مشيرًا إلى أنه كان في الناحية الأخرى من النهر لحظة وقوع الحادث، وأنه شاهد طفلا صغيرا وهو ينزل إلى النهر ويندفع خلفه والده ثم والدته. ويضيف للحظات توقعت أن المياه ضحلة وأن الأب سينقذ طفله الصغير والأمر ينتهي على خير، ولكن الأمر تطور وعلت الصرخات فنزلت إلى المياه وسبحت حتى الضفة الأخرى محاولًا إنقاذ الأسرة من الغرق حيث كانت الزوجة والطفل والزوج. ويضيف، أنقذت الطفل الصغير، وألقت سيدة بجاكت إلى الزوجة، لتتمسك بأحد أكمامه ويتم انتشالها بواسطة من كانوا يقفون عند حافة النهر، ويستطرد قائلًا:" بصعوبة خرجت من المياه حيث أن جنبات هذا النهر لزجة وناعمة وتتراكم عليها الطحالب الخضراء مما جعل قدماي تنزلق حتى استطعت الخروج من المياه، لأكتشف بأن محمد لم يخرج، وكانت صرخات زوجته مدوية وعويلها مؤلم. ويصف عبد الجواد ل"بوابة الأهرام"، مياه النهر قائلًا، هذا النهر هو نموذج مُصغر لنهر النيل وهو عبارة عن ترعة عرضها 20 متر وطولها من 500-600 متر طبقًا لتقديري الشخصي، مؤكدًا على أن عمق هذه "الترعة" كبير يصل إلى أكثر من 3 متر، وأن المياه غير نظيفة، ويصعب الرؤية فيها، مردفًا " كانت المياه "باردة" للغاية، وقد شعرت بحرقان شديد في عيني بمجرد نزولي كما أنني شربت كمية كبيرة من المياه، كما أنه من الصعب للغاية البحث أسفلها بالإضافة إلى أنه لا يوجد أي وسائل أمان أو سلامة أو حتى "لافتة" توضح أي معلومات عن هذا النهر". ويؤكد عبد الجواد، أن هذه القرية تابعة لوزارة التربية والتعليم وتستوعب يوميًا حوالي 400 شخص طبقًا لأقوال بعض العاملين بها، وسعر التذكرة الواحدة يصل إلى 50 جنيهًا ويشترطون الدخول في مجموعات بحيث كل مجموعة لا تقل عن 200 فرد، أي أن دخلها المادي كبير، ومع ذلك ليس بها أي نوع من أنواع التأمين أو السلامة، كما أن العاملين بها لا يتجاوز عددهم عن 15 فردًا، مشيرًا إلى أن أماكن الزيارة من معابد وآثار غير مؤمنة من قبل أفراد الأمن، مما يجعل من هذه القرية مكان دائم لوقوع الحوادث. محمد أحمد -مهندس ميكانيكا- أحد شهود العيان على الحادث، وأيضًا تتدخل لإنقاذ المتوفى محمد إدريس من الغرق ، ويقول: سمعت جلبة كبيرة حول النهر وعرفت أن أحد الأشخاص يغرق وأنه من ضمن مجموعتنا من "حدائق الأهرام" وكان هناك من يبحث عن من يعرف السباحة، فتقدمت على الفور ونزلت إلى المياه لأبحث عن المهندس محمد إدريس وكانت زوجته وطفله قد تم إنقاذهم توًا، ولكن للأسف الرؤية فى المياه كانت صعبة للغاية، فهى تنعدم بعد 30 سنتيمتر تقريبًا لوجود كميات كبيرة مكن الرمال بها. ويستكمل باقى حديثه ل"بوابة الأهرام" قائلًا: بحثت في المياه عن جاري ولكني لم أعثر عليه، وعلى الشاطئ كان هناك أشخاص يريدون النزول إلى المياه فسألوني عن الرؤية فأخبرتهم أنها معدومة، ثم بعد نصف ساعة تقريبًا جاء "صندل" تابع للقرية وحاول البحث عن الجثة في المياه باستخدام "عصاه"، مفسرًا ذلك بأنه طريقة بدائية وشيء من العار أن يحدث في مكان له قيمة كبيرة. ويضيف، عندما نزل عامل من القرية إلى المياه بحث قليلًا، ثم خرج مدعيًا أن المياه "باردة" وأنه لا يستطيع البحث، كما أن هناك مجموعة من القرية جاؤوا ليقولوا لزوجة المتوفى ممكن يكون التيار جرفه، وفى الحقيقة هذا أمر مستحيل فالمياه راكدة ولا تتحرك، واصفًا قولهم بالاستخفاف. ويؤكد، أن ضفتي هذا النهر يمثلا ممرًا للمارة و"الطفطف"، وسيارات الجولف، وأنه بمجرد مرور الطفطف يتم تفريق الناس إلى ناحية النهر مما يعرضهم وأطفالهم للوقوع في النهر والغرق، وتساءل مستنكرًا لماذا لا يتم وضع سور حول هذا النهر؟!. من جانبها أعلنت القرية الكونية غلق أبوابها على مدار أسبوع، وتم تداول معلومات عبر "الفيسبوك" أفادت بأن القرية قد استعانت بأفراد أمن مدربين، وكذلك سيارة إسعاف. أغلق المسئولين عن القرية الكونية هواتفهم، ممتنعين عن التعقيب، كما أنه لم تخرج وزارة التربية والتعليم التابع لها هذه القرية، بأي بيان تستنكر فيه الحادث أو تقدم دوافعها. علمت "بوابة الأهرام" أن حادث غرق المهندس محمد إدريس كان الثالث من نوعه، ولم تحاول القرية الكونية أن تدعم نفسها بأي أداوت سلامة وأمان. القرية الكونية بدأ تأسيسها عام 2007 عندما بدأت عملية تشييدها تأخذ منحنى الجدية بميزانية بلغت 355 مليون جنيه من ميزانية التربية والتعليم، لتخرج إلى النور في عام 2011، وتحوي جميع معالم وآثار مصر.