أجبر الصعود المثير لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف ب"داعش" في العراقوسوريا والاندفاعة الأمريكية لمواجهته، دول الخليج على تنحية خلافاتها الداخلية مع قطر، إذ أن قضية الإخوان المسلمين لم تعد تشكل أولوية خليجية في الوقت الحالي بحسب محللين. ومع نجاح "داعش" في السيطرة على مساحات واسعة من العراقوسوريا، بدأت دول الخليج تشعر بالقلق من احتمال تقدمه باتجاهها، خصوصا مع وجود صدى لأيديولوجيته المتطرفة لدى بعض الأوساط على أراضيها بحسب خبراء. وقال المحلل السياسي السعودي ورئيس مركز الخليج للبحوث عبدالعزيز بن صقر إن "الخطر الأكبر (في الخليج) أصبح من الجماعات الإرهابية، ولم يعد عنوان الإخوان هو العنوان الأكبر". ومسألة الدعم القطري للأخوان المسلمين كانت في صلب الخلاف الخليجي، خصوصا مع الإمارات التي كانت "الأكثر تشددًا" بحسب بن صقر. وكتب وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة الأحد أن "مصلحة الإمارات خليج عربي قوي نحصنه ونبعده عن خلافات المنطقة وتجاذباتها، ومكاننا مع اشقائنا والجهود المشتركة تنجز اكثر من العمل الفردي". واتفقت دول الخليج في اجتماع لوزراء خارجيتها السبت في جدة على "أسس" لتجاوز الخلاف بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، مع ابقاء الباب مفتوحا أمام عودة سفراء الدول الثلاث الى الدوحة "في أي وقت". وكانت الدول الثلاث وفي خطوة غير مسبوقة منذ تاسيس مجلس التعاون الخليجي في 1981، سحبت سفراءها من الدوحة في مارس الماضي متهمة قطر بانتهاج سياسات معادية لها من خلال دعم الإخوان المسلمين وتجنيس معارضين خليجيين ومن خلال قناة الجزيرة. واستشعارا لخطورة المرحلة، قررت الدول الخليجية خلال اجتماعها في جدة وضع خلافاتها جانبا بحسب المراقبين. وكان العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز حذر الجمعة الغرب من أن "داعش" قد يصل اليه في غضون شهر أو شهرين ما لم يتم التحرك بسرعة لضربه، وذلك بالتزامن مع اعلان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان بلاده تسعى الى تشكل تحالف دولي لضرب تنظيم الدولة الإسلامية. وقال المحلل السياسي الكويتي عايد المناع "أصبح لدينا هاجس أكبر من مسألة التباين في السياسات الخارجية، فداعش بات يسيطر على ثلث العراق وثلث سوريا". واعتبر أن "داعش كفكرة ليست فكرة موجودة فقط في (العراقوسوريا)، بل هي موجودة حتى في دولنا وهي تنتظر الوقت لتنقض"، إذ لدى التنظيم "امتدادات عقائدية" في المنطقة على حد قوله. وبالنسبة للمناع بدوره، فإن "الخلافات السياسية (مع قطر) لم تعد تشكل أولوية، بل المشاكل المستجدة خصوصا داعش الذي لم يكن احد يذكره قبل اشهر. نحن في خطر من شمال شرق سوريا إلى شمال غرب العراق، وهذا جرس إنذار حقيقي لدول المجلس لتصفي خلافاتها". كما أشار المناع إلى "خطر الحوثيين"، وهم المتمردون اليمنيون الزيديون الشيعة الذين باتوا ينتشرون بالآلاف في صنعاء التي تبدو على شفير حرب اهلية، فيما يعد اليمن "خاصرة السعودية" بحسب المحلل الكويتي. وإذ تسعى واشنطن الى تصعيد التحرك الدولي لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية سيكون لدول الخليج، الحليفة المهمة للولايات المتحدة، دور مهم في أي تحرك، حتى ولو ان ذلك لن يكون على الأرجح، بحسب المحللين، على شكل عسكري مباشر. وأكد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي السبت الاستعداد لمواجهة الإرهاب، فيما ذكر وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح بأن دول المجلس تنتظر معلومات وتفاصيل إضافية من الأمريكيين حول التحالف المزمع إقامته. وفي هذا السياق، قال المحلل الأمريكي فردريك ويري أن "دول مجلس التعاون الخليجي لا تملك قدرة حقيقية على إرسال قوات قتالية الى خارج منطقة الخليج" مشيرا الى ان اي مشاركة مباشرة ستكون بشكل أساسي لمنح "شرعية عربية رمزية" للعملية العسكرية. أما المحلل السعودي عبدالعزيز بن صقر فيرى أن الدور الأبرز الذي يمكن أن تلعبه السعودية بالتحديد في العمل العسكري ضد تنظيم الدولة الاسلامية هو على مستوى المخابرات والمعلومات والقدرة على التأثير في العالم الاسلامي. وقال في هذا السياق "السعودية لديها معلومات أفضل وقدرة أكبر على جمع المعلومات على الأرض، وهذا بالغ الأهمية" فضلا عن "التأثير الإعلامي والخطاب الديني للمملكة". وعن إمكانية مشاركة السعودية في عمل عسكري مباشر ضد تنظيم الدولة الإسلامية، قال بن صقر "أشك في ذلك كثيرا".