يقول المؤلف رياض غنام، أن معجمه ليس الأول من نوعه في اللغة العربية ولن يكون الأخير. ويضيف أنه ليس كتاب لغة أو قواعد، كما هو معروف بل هو جهد تراكمي أو كمي لمفردات ومصطلحات "غلفها ضباب الزمن وأهملها العامة والخاصة لعدم الحاجة اليها، فأصبحت جزءا من ماض غبر وتراث سلف جامدة تستعصي على الفهم والإدراك فكان لابد من التصدي لها بهدف شرحها ووضعها في اطار مصدرها الأساسي ومعناها الذي استعملت فيه". كتاب الدكتور رياض غنام حمل عنوان "معجم الألفاظ والمصطلحات التاريخية الدخيلة" في اللغة العربية، وقد جاء في 352 صفحة من القطع الكبير وصدر عن دار بيسان للنشر والتوزيع والإعلام في بيروت. وقال المؤلف في المقدمة "أن الهدف من هذا الكتاب ليس إحصاء الدخيل من الكلمات على اللغة العربية والتي حسبما يقول الأب رفائيل نخلة اليسوعي في كتابه ("غرائب اللغة العربية" قد بلغت ألفين وخمسماية كلمة)، وكان أبرز مصادرها الأرامية والفارسية واليونانية والإيطالية وغيرها وهي عبارات مولدة اجازتها المجامع اللغوية العربية فأصبحت كالأصيل منها وإنما الهدف من هذا المعجم هو تتبع الكلمات الدخيلة التي استعملها المؤرخون والكتاب العرب في شتى عصورهم وبلدانهم في كتاباتهم وأبحاثهم، مما جعل هذه الكلمات مألوفة لدى القارىء). ويضيف "ومع تراجع اللغتين الفارسية والتركية عن مجتمعاتنا المتأخرة وقصور اللغة العربية عن مواكبة إغناء المعاجم بتوليد الألفاظ المناسبة برزت صعوبة واضحة في فهم النصوص والمصطلحات التي تضمنتها المصنفات التاريخية فكان لابد من التصدي لجمع هذه المصطلحات وتفسير معانيها خدمة للقارىء العربي. "لا ندعي الإلمام باللغات الواردة في هذا الكتاب وخصوصا لجهة مقاربة المعنى الفارسي أو التركي بترجمته العربية.. فقد آثرنا أن نجمع ما وقع تحت أيدينا من مفردات لا نجد تفسيرا لها في المعاجم والقواميس اللغوية العربية وقمنا بشرحها شرحا مستفيضا عارضين أصلها اللغوي وظروف تشكلها واستعمالها". وقد جرى ترتيب المصطلحات ترتيبا أبجديا، ففي باب حرف الألف مثلا نواجه أمثلة منها مثلا "أباد" التي وصفت بأنها "لفظة فارسية مركبة من "أب" وتعني الماء و"باد" وتعني وليكن عامرا ونتج عن ادغام الكلمتين لفظة "أباد" وتعني العامر والمعمور." ومنها أيضا "الابراهيمية: نسبة إلى ابراهيم باشا ابن محمد علي باشا حاكم مصر. مصطلح أطلق على نوع من البواريد النارية التي تميزت بطولها". وننتقل إلى لفظة "اتابك" مثلا، ومما ورد عنها أنها "لفظة تركية تتألف من كلمتين "اتا" بمعنى الاب و"بك" بمعنى الأمير. كان هذا اللقب يعطى أولا لمن يفوض إليه السلطان تربية أحد أولاده. وكان الاتابك يدير باسم الولد المدينة التي كانت العادة أن يولي السلطان ابنه عليها. ثم توسعوا في معنى هذا الاصطلاح فأصبح الاتابك مدير المملكة ويطلق على أمير أمراء الجيش ثم صار رتبة فخرية يمنحها السلطان للعظماء والأمراء الأقوياء في العصر المملوكي. "وأول من لقب بهذا الاسم نظام الدولة ملكشاه ابن الأب ارسلان السلجوقي حين فوض إليه ملكشاه تدبير المملكة سنة 465 هجرية ولقبه بألقاب منها اتابك وأطابك اي ابو الامراء. ومصطفى كمال قائد الثورة التركية لقب ايضا ب"اتاتورك" أي أبو الأتراك." وفي حرف الباء نأخذ مثلا "الباب العالي" فنقرأ ما يلي: "أصل الكلمتين من العربية ولكن استعمالهما عثماني. وأصل التسمية تعود الى منتصف القرن السابع عشر عندما اهدى السلطان محمد الرابع الصدر الأعظم درويش محمد باشا مسكنًا رسميًا أطلق عليه اسم بوابة الباشا أو باب عال، وقد سكنه الوزير الأول وخلفاؤه. "ومع ضعف السلاطين وتراجع السلطنة العثمانية قويت سلطة الصدر الأعظم، فتحول هذا المبنى الضخم ليس إلى مسكن للصدر الاعظم فحسب وإنما ايضا الى ديوان عام يؤمه كبار الموظفين المولجين بتصريف مهام الدولة. وعرف رفي الكتابات الرسمية والتاريخية بالباب العالي أي ب "عالي قابو". "وفي باب التاء نقرأ مثلا عن كلمة "التفنكجي": "كلمة تركية مركبة من "التفنك" وسبق شرحها و"جي" أداة النسبة، وفي المصطلح تعني الكلمة صانع البندقية او مصلحها. كمااطلقت ايضا على العسكري حامل البندقية وهم التفنكجية. والتفنكجيان من التفنكجية جمعت جمعا فارسيا بإضافة الالف والنون". ومن ذلك "التنبل" وعنها ورد "تعني القصير في اللغة الفارسية والكسلان بلغة العامة، وهي معربة عن "تنبول" وتصحيف ل"تن برور" ومعناها السمين وتقال ايضا للبليد السمين غير القادر على التحرك من مكانه." وفي باب الجيم نأخذ مثلا كلمة الجاويش "من الكلمة التركية "جاوش"، وهي مشتقة من المقطع التركي "جاو"، الذي يدل على الصياح والنداء والصوت، وردت في اللغة التركية الأويجورية في صيغة "جابيش"، كما وردت في لغات البنجك والقومان، دخلت هذه الكلمة اللغة التركية من اللغة الفارسية".