يشهد التاريخ القديم والحديث، أن سيناء حصن منيع ومقبرة للغزاة، حيث استطاعت على مر التاريخ، أن تقهر كل من سوّلت له نفسه تدنيس طهارتها، كما كانت أيضًا حصن الأمان للأنبياء الطاهرين والمسلمين الفاتحين، ليحملون مشعل الحضارة إليها. وفي عام 1989 استطاع رجال مصر الأوفياء إعادة طابا إلي مصر، بالتحكيم الدولي، وكانت العلامة الدولية 91 والبراهين التاريخية والسياسية وأشجار الدوم هم من أكدوا أحقية المصريين في طابا التي يبلغ مساحتها كيلومتر وتضم حاليًا 14 فندق أشهرهم هلنان طابا وتحولت من قرية إلي مدينة في عهد رئيس الوزراء الأسبق، هشام قنديل بناءًا علي طلب من اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء، الذي كان يري حتمية أن تتحول إلي مدينة. وتعد طابا أولي بوابات مصر من الجانب الشمالي الشرقي ويفصل منفذها البري بين مصر من سيناء وإسرائيل من إيلات وتطل مباشرة علي ساحل خليج العقبة الأردنى وتجاور في حدودها 4 دول هى الأردنوفلسطين والسعودية وإسرائيل فكان استردادها ضرورة استراتيجية. ويشير الأثري عبد الرحيم ريحان مدير النشر العلمى بوزارة الآثار، إلى أن شبه جزيرة سيناء خاصة طور سيناء وردت في القرآن الكريم في قوله عز وجل( بسم الله الرحمن الرحيم وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) سورة المؤمنون الآية 20، كما وردت طور سينين في قوله الحكيم (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين) سورة التين الآية من 1 إلى 3 وكلمة سينين تعنى شجر ومفردها سينية أي شجرة فتعد الطور أشهر جبالها وأقدس مكان بها وتعنى سيناء في اللغة العربية حجر أو بلاد الأحجار وسميت سيناء بهذا الاسم نظرًا" لكثرة جبالها. وأضاف ريحان أن المصريين على أرض سيناء، قهروا كل الغزاة عبر العصور المختلفة حيث واجه الملك رمسيس الثاني في العام من 1237 إلى 1304 قبل الميلاد تمرد مملكة (خيتا) التي ألبت سكان سوريا ضد مصر وسارت جيوش رمسيس الثاني عبر الطريق الحربي بسيناء لإخماد الفتنة وأعاد فلسطين إلى مملكته. وتعرض الفاطميون عن طريق سيناء، لخطر الصليبين فتقدم الملك الصليبي بلدوين الأول عام (512 هجرية -1118 ميلادية) بجيش ضخم عن طريق غزة حتى وصل إلى شمال سيناء ثم إلى العريش وبحيرة سربينيوس والتي عرفت فيما بعد ببحيرة البردويل متخذا" طريق سيناء وعجز أن يتابع سيرة داخل مصر فعاد من حيث أتى ومات بسيناء ثم حمل جثمانه للقدس الشريف ودفن بكنيسة القيامة. وفى عهد الأيوبيين خرج الناصر صلاح الدين في عام(566 هجرية – 1170 ميلادية) على طريق سيناء وبرفقته مجموعة من المراكب المفككة حملها على الإبل وعندما وصل إلى مدينة آيلة والتي سميت بعد ذلك بالعقبة الأردنية وضع تل المراكب بالبحر وركبها وحاصر آيلة براً وبحراً حتى فتحها وترك بها حامية أيوبية وعاد بعد ذلك إلى مصر وشيد الناصر صلاح الدين بسيناء قلعته الشهيرة بجزيرة فرعون بمدينة طابا بجنوبسيناء وتمثل القلعة قيمة إستراتيجية تعبر عن فكر عسكري متميز وناضج حيث توافر لها كل وسائل الدفاع فهي محاطة بالمياه من كافة جوانبها وتم بناؤها على تل شديد الانحدار وتقع القلعة فوق تلين كبيرين أحداهما شمالي والآخر جنوبي بينهما سهل أوسط لكل منهما تحصين عسكري قائم بذاته قادر على الدفاع في حالة الحصار ويحيط بهما سور خارجي كخط دفاع أول للقلعة كما حفرت خزانات مياه داخل الصخر فتوافرت للقلعة كل وسائل الحماية والإعاشة كما تحوى القلعة برج للحمام الزاجل داخل القلعة فضلاً عن المنشآت الدفاعية للحماية وهى عبارة عن أسوار وأبراج وفرن لتصنيع الأسلحة وقاعة اجتماعات حربية وعناصر إعاشة أخرى تضم غرف الجنود وفرن لإنتاج الخبز ومخازن غلال وحمام بخار وخزانات مياه أخرى ومسجد لأداء الفرائض اليومية. وكان للقلعة دور هام في حماية سيناء من الغزو الصليبي فعندما حاصرها الأمير أرناط صاحب حصن الكرك في عام 1182 ميلادية بقصد إغلاق البحر الأحمر في وجه المسلمين واحتكار تجارة الشرق الأقصى والمحيط الهندي بالاستيلاء على العقبة شمالاً وعدن جنوباً أرسلت فوراً الحامية الموجودة بالقلعة رسالة إلى القيادة المركزية بالقاهرة عبر الحمام الزاجل فتصدى له العادل أبو بكر أيوب بتعليمات من أخيه صلاح الدين فأعد أسطولاً قوياً في البحر الأحمر بقيادة الحاجب حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول فحاصر مراكبهم وأحرقها جميعها وأسر من فيها وتعقبهم حتى شواطئ الحجاز وكانت تمهيداً لموقعة حطين والتي عرفت بمعركة الكرامة والعزة واسترداد الحقوق العربية والإسلامية بفلسطين. ويضيف ريحان أن الناصر صلاح الدين انشأ قلعة الجندي بمدينة رأس سدر وهى تمثل إبداع معماري وحسن استغلال لمصادر المياه من خلال الاستفادة من مياه الأمطار والعيون الطبيعية وإقامة 3 خزانات لحفظ المياه وتعد حصن عسكري يراقب كل الطرق من حوله وكان له طريق حربي بسيناء وهو الممر الرئيسي لجيوشه من القاهرة، حيث يبدأ من السويس مروراً بمنطقة وادي الراحة بوسط جنوبسيناء ثم عين سدر عند قلعة الجندي ثم إلى التمد حيث يتفرع فرعين إحداهما يسير جنوب شرق إلى قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا والآخر يستمر شرقاً حتى يلتقي بطريق الحج عند نقب العقبة وعن طريقة حرر القدس في موقعة حطين. وفى عهد المماليك البحرية أعوام (648 – 784 هجرية ، 1250 – 1382 ميلادية) استرجع السلطان بيبرس البندقدارى مدينة العقبة الأردنية بعد أن أعاد الصليبيون احتلالها وزار مكةالمكرمة عن طريق السويس – العقبة. وفى عهد المماليك الجراكسة في أعوام (784 – 922 هجرية ، 1382 – 1516 ميلادية) شيد السلطان قانصوة الغوري القلاع على طريق الحج القديم ومنها قلعة نخل بمنطقة وسط سيناء وقلعة العقبة. وفى العصر العثماني أعوام (923 – 1213 هجرية ، 1517 – 1798 ميلادية) شيد السلطان سليم الأول قلعة الطور المندثرة الآن كما شيد السلطان سليمان في أعوام (926-974 هجرية، 1520-1566ميلادية) قلعة العريش ورمم قلعة نخل وفى فبراير 1799 ميلادية حاصر نابليون قلعة العريش 14 يوما" حتى استسلمت ولكن استردها العثمانيون بعد ذلك في ديسمبر 1799 ميلادية من نفس العام وكانت هذه القلاع تحمى حدود مصر الشرقية وركب حجاجها إلى بيت الله الحرام وطرقها الحربية والتجارية لذلك فان سيناء كانت ولا زالت حصنًا منيعًا ومقبرة للغزاة.