تنظلق الدورة الثامنة لمعرض "آرت دبي"، وهو أحد أهم منصات الفنون المعاصرة والحديثة التي تقام سنويًا بالعالم العربي بمدينة دبي، في التاسع عشر من مارس الجاري إلي 22 من الشهر نفسه، وتحتفي الدورة الحالية برواد الفنون الحديثة من الفنانين التشكيليين العرب العظام، أمثال آدم حنين وحامد عبد الله المصريين وغيرهم من الفنانين العرب الذين اثروا في أجيال الفنانين المعاصرين، ويضاف للمعرض هذا العام قاعة ماركر التي تلقي نظرة جديدة على الفنون المعاصرة بالعالم العربي. وفي الحوار التالي تمنحنا أنتونيا كارفر، مديرة المعرض الذي انطلق في عام 2007 وشهد نموًا متزايدًا تعريفًا بالدورة التي بات انطلاقها وشيكًا وكذا رؤيتها لموقع ومكانة المعرض في مشهد الفنون المعاصرة بالعالم العربي، والذي شهد نموًا كبيرًا مع انطلاق مهرجانات فنية مهتمة بالفنون المعاصرة في أماكن شتي بالعالم العربي. ** ما المحور الرئيسي لمعرض "آرت دبي" هذا العام، وما الجديد الذي يقدمه في نسخته الثامنة التي تنطلق بعد أيام؟ - لا يوجد موضوع أو ثيمة رئيسية لمعرض "آرت دبي" كل عام، ولكننا نحاول دائمًا أن نقدم شيئًا جديدًا لنمنح زوارنا الفرصة لاكتشاف شيء جديد، ونطلق هذا العام من خلال النسخة الثامنة ل"آرت دبي"، قاعة جديدة مخصصة للفن الحديث من الشرق الأوسط وجنوب آسيا. ولدينا 11 جاليري هذا العام تتراوح ما بين معارض فردية ومعارض ثنائية، يمنح هذا الزوار فرصة حقيقة لاكتشاف أعمال أساتذة الفن الحديث في الفترة ما بين 1940 و1980، هؤلاء الفنانين الذين أثروا وألهموا الجيل الحالي من الفنانين. فنانون كآدم حنين، وحامد عبد الله وميشيل بسبوس وناصر اليوسف، وهم فنانون معروفون جيدًا في بلادهم ولكن المجتمع العالمي، بدأ فقط في التعرف علي أعمالهم الآن. ونحن الوحيدون على مستوى العالم الذين نلقي الضوء على هذه الفترة من الفن الحديث من هذا الإقليم، ونحن متحمسون لذلك جدًا. لدينا هذا العام حوالي 25 جاليري جديدا يشاركون في قاعات معرض الفنون المعاصرة للمرة الأولي، متضمنة معارض من اليابان وكوريا وسنغافور ونيجيريا، وكلها تأتي إلي "آرت دبي" للمرة الأولي. نحن نحاول أن نقيم توازنًا بين المعارض القادمة من العالم العربي والأسماء الدولية المعرفة حتي نستطيع أن نجمع أفضل المعارض بأوروبا وأمريكا مع الأفضل بالشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. **كيف ترون مستهمة وتأثير "آرت دبي" في مشهد الفنون المعاصرة بالعالم العربي خلال السنوات الثماني السابقة؟ - يعكس "آرت دبي"، نمو وتطور مشهد الفنون في الإقليم، كما عمل أيضًا كمحفز وداعم للمعارض والفنانين، كما نشجع مقتنى الفنون والرعاة والمتحمسون للمشاركة في مشهد الفنون المعاصرة. لم يكن هناك في أي وقت مضي، هذا المستوى من الاهتمام العالمي بالفنون التي تنتج بالعالم العربي مثل الذي يقدمه "آرت دبي"، وفي الوقت نفسه، نحن نشهد نشاطًا أكبر ومشاركة أوسع من داخل الإقليم نفسه. وفي شهر مارس من كل عام، يجلب المعرض بطريقته الفنانين من جميع أنحار الإقليم والعالم سويًا وتتمثل قيمته في كونه نقطة التقاء أساسية للفنانين. وهذا ينعكس أيضًا علي دبي كمدينة، عملت كمحور للتجارة والأعمال والآن تعمل أيضًا كمحور للثقافة. **هناك عدد متزايد من المهرجانات المهتمة بالفنون المعاصرة تقام بالعالم العربي مؤخرًا، وجهود كثير تبذل لأجل تقديم الفنون المعاصرة وتقريبها للمتلقين العرب، كيف ترون مشهد الفنون المعاصرة في الإقليم خلال السنوات القليلة الماضية عبر هذه الفاعليات المتزايدة؟ - رؤيتنا العامة هي أنه "الأكثر الأحسن"، خاصة إذا كانت تلك الفاعليات تقام بروح تعاونية وجماعية، ويسد كل منها فراغًا معينًا، وهكذا نبني سويًا مشهدًا فنيًا مكتملاً. العالم العربي متنوع فيما يخص أنواع الفنون والبني التحتية للفنون الموجودة، لذا فمن الصعب أن تتحدث عن "الإقليم" ككل بشكل موحد، ولكن بشكل عام نحن نري أن مشهد الفنون المعاصرة ينمو طوال الوقت، وبشكل إيجابي للغاية. أحيانًا يكون التركيز كبيرًا علي الأحداث المجتمعية والمزادات ولكننا نحتاج بشكل حقيقي إلي أن نفكر في كل أبعاد المشهد الفني وذلك من أجل أن نبني مشهدًا ناضجًا، يتضمن إقامة المعارض، والنقد الفني والتعلم والبحث والنشر وما إلي ذلك. ** ما الذي يمكن لمعرض "آرت دبي" أن يقدمه داخل لتعزيز مشهد الفنون المعاصرة داخل دبي وخارجها؟ - لقد بذلنا الكثير من الجهد الشاق ووضعنا العديد من الموارد لبناء برنامج غير ربحي لدعم الفنون في المعرض وخلال العام الماضي. ففي خلال العام الماضي علي سبيل المثال أطلقنا مدرسة للفنانين والقيمين ومنسقي المعارض والكتاب المقيمين بالإمارات العربية المتحدة، تتضمن تلك المدرسة برنامجًا أساسيًا لعدد 15 شخصا من المشاركين الذين يكرسون اهتمامهم للموضوع، وتعقد اجتماعات أسبوعية بالإضافة إلى عضوية، ومحاضرات شهرية وأحداث مخصصة للفنانين والمهتمين. يقود المدرسة مجموعة من المعلمين، بعضهم محلي وبعض دولي، ممن يرون فائدة عظيمة في العمل مع فنانين ناشئين ومساعدتهم لتطوير عملهم، ولقد كان من المثير أن نشاهد مجتمعًا يتطور حول تلك المدرسة، مجتمع متحمس ومتعاون ومتوقد وذكي. وفي المعرض نفسه، لدينا عدد من البرامج التعليمية لكل الناس من الأطفال وحتي الخريجين والمتحمسين للفكرة، بالإضافة إلي مشروعات الفنانين المقيمين ومشروعات أخري من الإقليم من خارج دبي. ** بعض النقاد والمهتمين بالفنون يجادلون بأن الفنون المعاصرة، غربية بالكامل وتعتمد علي مفاهيم فلسفية تطورت داخل سياق ثقافي مختلف وكنتيجة له، وبالتالي لن تجد تجاوبًا مع المتلقين العرب، كيف ترين هذه الفرضية؟ - أعتقد أن هذا أداء يحاول فرض الوصاية علي الفنانين العرب: بالطبع كانت هناك حركات فنية محلية خلال التاريخ الفني العربي، ومن المستحيل التقليل من شأن المشهد الفني في القاهرة، بيروت أو عمان أو أي مكان آخر، وهي مدن كانت حية للغاية ومؤثرة خلال القرن العشرين، و قاعات "آرت دبي" هي استمرار لذلك التاريخ. وعلينا أن نتذكر أنه على الرغم من أن العديد من الفنانين الحداثيين العرب، درسوا في أوروبا وعادوا إلي بلادهم متأثرين بذلك، ولكن بينما كانوا هم هناك، أثروا في نظرائهم في الغرب دون شك. اليوم هناك العديد من الحركات الفنية القوية في العالم العربي، والتي تأتي من هنا، من داخل العالم العربي، والحقيقة أن الطريقة الحماسية التي يتجاوب بها الجمهور العربي مع أعمالهم تؤكد هذا الإحساس بالتواصل والتقدير لتلك الفنون. ** من الجمهور الذي يستهدفه "آرت دبي" وكيف ترون تجاوب واستقبال زوار المعرض له؟ - خلال الأسبوع الذي يقام به "آرت دبي" يتجول المعرض خلال حيوات مختلفة، من محترفين عالميين في مجال الفنون، نقاد ومقتنين وفي أيام الافتتاح يزور المهرجان سكان محليون من دبي، وتزوره عائلات خلال عطلات نهاية الأسبوع. نحن نشهد تزايدًا في أعداد الجمهور من حوالي 5 آلاف زائر حين انطلقنا في 2007، إلي حوالي 25 ألف زائر العام الماضي. الجزء الأساسي لزائرينا يأني من الإمارات العربية وبعض الزوار من الشرق الأوسط وجنوب آسيا. المعرض أيضًا يشكل عودة للوطن مرة أخرى من قبل العديد من المغتربين من المقتنين والمتحمسين للفنون الذين يطيرون من جميع أنحاء العالم إلى "آرت دبي"، ليروا معرض وطنهم. ** كيف تختارون الفنانين المشاركين في المعرض؟ - نحن نصدر نداءً مفتوحًا للمعارض في مايو من كل عام، وندعوهم إلى التقدم بعروض، وقائمة من الفنانين ومفاهيم العرض. وتقوم لجنة مستقلة باختيار المعارض المشاركة، وغالباً تختار اللجنة حوالي 70 معرضًا من بين 300 متقدم. نحن نقدم فرصة لعروض الفنانين المنفردين كل عام من خلال الجزء غير الربحي للمعرض، وعلي وجه الخصوص "مشاريع آرت دبي"، وهذا العام كلفنا 12 فنانًا من الشرق الأوسط وجنوب آسيا لعمل أعمال جديدة تفاعلية وتثير الجمهور علي الانخراط فيها. وكل عام نعين مقيم ومنسق جديد ونحاول سويًا من فريق "آرت دبي"، ولجنة المقيمين بالمعرض يتم اختيار الفنانين طبقًا لمسيرة عملهم ومعارضهم كذلك وكذلك خططهم المستقبلية. ** ما الذي يهدف "آرت دبي" لتحقيقه في مشهد الفنون المعاصرة بالعالم العربي؟ - نحن نهدف لخلق حدث وبيئة فنية تجمع سويًا محترفي الفن والمتحمسين له من جميع أنحاء العالم العربي، متحدين في مهمة لدعم الفنانين العظام، وتشجيع النقاش وتطوير المشاهد الفنية المتنوعة في العالم العربي.
