نشرت صحيفة الإندبندنت، مقالاً لمراسلها روبرت فيسك بعنوان "السم الحقيقي الذي قتل عرفات هو ثقته بأمريكا وإسرائيل.. أخطاء ما زال أبناء شعبه يدفعون ثمنها حتى اليوم". وقال فيسك، في مقاله كما جاء على موقع هيئة الّإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن ياسر عرفات قدم الكثير من التنازلات لإسرائيل لأنه أضحى طاعنًا في السن حينها وأراد أن يذهب لفلسطين قبل أن يموت، مضيفاً أن العديد من "أنصار عرفات السياسيين ما زالوا يقدمون التنازلات حتى يومنا هذا". وأوضح أن عرفات عندما وقع اتفاق أوسلو لم يكن قد رأى في حياته أي مستعمرة يهودية مبنية على الأراضي المحتلة، فعرفات وثق بالأمريكيين وبالإسرائيليين وبأي شخص يقول كلام موزونا". وأضاف أنه من المرهق أن يبدأ المرء حياته المهنية بأنه "إرهابي خطير" ببيروت ثم يستقبل بالبيت الأبيض على أنه "رجل دولة"، ثم تصنفه إسرائيل ثانية بأنه "إرهابي". ووصف فيسك الأيام الأخيرة لعرفات في مقره برام الله وكيف كانت تسقط عليه القذائف الاسرائيلية، قائلاً إن "القليل من زائريه وصفوا عرفات حينها بأنه كان يبدو ضعيفاً ومرهقاً ومريضاً". ونقلاً عن فيسك، فإن أحد الدبلوماسيين الإسكندنافيين الذي استطاع مقابلة عرفات في هذه الفترة قال إن "عرفات لا يرتدي الجوارب"، موضحاً أنه خلال المقابلة كان يزيل الخلايا الميتة من قدميه"، مضيفاً أن "دورات المياه كانت رائحتها كريهة". وقال فيسك في مقاله إن "اسرائيل أظهرت تعاطفها الإنساني مع عرفات عندما نقل للمعالجة في باريس وقبل وفاته". وأضاف أنه اعتقد أن الشائعات ستتوقف إن هو بقى على قيد الحياة، وإن مات فسيكون مات مسموماً كما مات نابليون الذي سمم من قبل البريطانيين، إلا أن عرفات بالفعل مات، وقيل لنا إنه مات مسموماً". وأضاف كاتب المقال أن " أرملة عرفات المبعدة عن زوجها لسنوات بدأت تتحدث عن جريمة قتل تعرض لها زوجها"، ويروي فيسك أنه لسنوات أضحى موضوع وفاة عرفات مقرونا بكلمة "السم". وأشار فيسك إلى أن اسرائيل كانت قد حاولت تسميم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الأردن، مضيفاً أن الملك حسين تدخل شخصياً وعقد صفقة تم بموجبها إنقاذ حياته وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل لاحقاً بصاروخ أطلقته عليه وهو على كرسيه المتحرك. وختم بالقول إن السم الذي يجب أن ندرسه هو الثقة التي أعطاها عرفات للأمريكيين والإسرائيليين.