استحوذت أوركسترا "النور والأمل" المصرية لموسيقى الحجرة، علي قلوب الجماهير بألمانيا في حفلين موسيقيين أولهما ببرلين والآخر بهامبورج. واستضاف مسرح أورانيا ببرلين الحفل الأول وتوجهت الفرقة بعدها إلى هامبورج حيث قدمت حفلها الثاني على مسرح "لايس هال" التاريخى، الذي يتميز بصوتياته الرائعة ويتسع لأكثر من ألفى شخصي ومسرح لاهايس هو المسرح الرئيسى بهامبورج وتقدم عليه عروض أكبر الفرق الموسيقية بالمدينة مثل أوركسترات هامبورج السيمفوني، وهامبورج الفيلهارموني، وراديو شمال ألمانيا السيمفوني. تأتي هذه الرحلة في إطار الجولات العالمية التي تقوم بها الأوركسترا منذ نشأتها عام 1988، وتنتمي الأوركسترا لجمعية النور والأمل وهي منظمة غير حكومية تأسست سنة 1954 على يد مجموعة من المتطوعين بقيادة الراحلة استقبال راضي بهدف تقديم الرعاية والتعليم للفتيات الكفيفات وإدماجهن في المجتمع، وكان هذا المركز الأول من نوعه فى الشرق الأوسط كما تؤكد آمال فكرى، نائبة رئيس جمعية النور والأمل. وأسست استقبال راضى معهد النور والأمل للموسيقى في بداية الستينات بمعاونة د. سمحة الخولي، عميدة الكونسرفاتوار في ذلك الوقت. وبعد ذلك بحوالى عشر سنوات تكونت فرقة لموسيقى الحجرة مكونة من 15 فتاة وبدأت بالعزف فى عدة أماكن بأنحاء مصر. كما قدمت حفلا على مسرح الأوبرا السابقة (الملكية أوالخديوية) قبل احتراقها عام 1971. تضم الأوركسترا حاليا أربعين عازف يقوم بتدريبهن وقيادتهن المايسترو على عثمان تحت الإشراف الفنى لإيناس عبد الدايم، رئيسة دار الأوبرا المصرية. وتمثل العازفات ثلاث أجيال حيث منهن سيدات متزوجات ولديهن أطفال فى حين ما زالت أصغرهن تلميذة بالمدرسة. أما ريبرتوار الأوركسترا فيتميز بالاتساع والتنوع حيث يضم مؤلفات كلاسيكية غربية ومقطوعات شرقية. كما تعزف الأوركسترا مؤلفات لموسيقيين مصريين وعرب. وتعتز العازفات الكفيفات بالتقديرالذى يلقاه أوركسترا النور والأمل فى مصر وخصوصا بالاحتفاء الشديد والاستقبال الرائع الذى يلقاه فى الخارج فأصبحت الموسيقى جزءًا أساسيًا ومحفزًا فى حياتهن فهى تعطيهن إحساسا بالراحة والرضا وتمثل الحفلات الخارجية عنصرًا شيقاً إضافياً. فهن يزرن أماكن جديدة وتلقين اهتمامًا بالغًا واستقبالاً حاراً حيث يصفق لهن الجمهور المتحمس واقفًا تعبيرًا عن شدة الاعجاب والتقدير. وغالبا ما تترك هذه الرحلات انطباعات لاتنسى عند الفتيات، فمثلا تؤكد شاهيناز صلاح، عازفة الكونترباص، أنها لن تنسى رحلة اليونان وتقول باسمة :"استمتعنا كثيرا كما أنها كانت المرة الأولى التى أسافر فيها، لذلك فهى تمثل ذكرى خاصة بالنسبة لى". تجولت عضوات الفريق مع المشرفين فى أنحاء برلين وهامبورج، كما زرن المتحف المصرى ببرلين ورؤية أوبالأحرى لمس تمثال رأس نفرتيتى الملون ذي ال 3300 عام حيث يوجد بنفس غرفة العرض نسخة برونزية من التمثال حتى يتمكن ذوى الإعاقة البصرية من لمسه وقراءة الوصف التفصيلى له مكتوبا بطريقة برايل. وقد بدت السعادة والحماس على عضوات الفرقة أثناء وجودهن فى برلين وهامبورج. وتربط بينهن علاقات وثيقة رغم اختلاف أعمارهن وتشيع بينهن مشاعر المودة والمؤازرة. أثناء انتقالاتهم بالحافلة يضحكن ويتحدثن كثيرا، أما فى قاعة الموسيقى تصبحن فى غاية الجدية والتفانى ... بمرور الوقت تكوّن رباط قوى يجمعهن كما أن لهن هدف مشترك بغض النظر عن اختلاف العمر أوالخلفية الاجتماعية. ومن المؤثر والمثير للإعجاب تمتعهن بالتفاؤل والسماحة والإصرار على تحقيق الأهداف رغم الإعاقة التى تحرمهن من الكثير. عندما تقف عازفات النور والأمل على المسرح لتقديم حفل فى الخارج، تمتزج على وجوههن مشاعر السعادة والقلق الذى يميز الفنانين الراغبين فى تقديم أفضل ما لديهم. وهكذا، فأوركسترا النور والأمل ليست فقط "معجزة إنسانية" كما أطلق بعض النقاد عليها، بل هو مثال حى، من خلال الفن، للتواضع والإرادة الملهِمة لملايين البشر فى العالم.