يتدافع التونسيون هذه الأيام في ساحات البيع المخصصة للخراف على أمل الظفر بأضحية العيد المستوردة من إسبانيا. واستوردت الحكومة التونسية هذا العام نحو 15 ألف خروف من إسبانية لتعزيز العرض بالسوق المحلية وخفض الأسعار. وللموسم الثاني على التوالي تقبل الحكومة على هذا الإجراء بعد صفقة الخراف من رومانيا العام الماضي، غير أنها منيت آنذاك بخسائر فادحة حيث لم تشهد إقبالا من التونسيين. وعادة ما يفضل التونسيون الخراف المحلية، غير أن أسعارها المرتفعة بسبب الاحتكار والمضاربة دفع الكثيرين هذا العام الى التنازل والانطلاق في رحلة البحث عن الخروف الأسباني. وعلى عكس الخراف الرومانية حظيت الخراف الإسبانية هذا العام بسمعة جيدة في السوق المحلية ليس لأسعارها المناسبة فحسب ولكن ايضا لتشابهها مع الخرفان المحلية. وقالت وزارة التجارة إن اختيارها لإسبانيا كمصدر لاستيراد الخراف، يأتي بسبب القرب الجغرافي وتشابه فصيلة الخروف الإسباني مع التونسي. وأبدت المنظمة النقابية للفلاحة والصيد البحري بتونس رفضها لصفقة الوزارة معللة موقفها بأن الانتاج المحلي والمقدر بحوالي 930 ألف رأس غنم يمكن أن يغطي احتياجات السوق. لكن الوزارة قالت إن توزيع الخراف الاسبانية اقتصر على المحافظات غير المنتجة او تلك التي تواجه نقصا في الماشية اما بسبب التهريب أو الجفاف. ووضعت الحكومة تسعيرات محددة للخروف المستورد من اسبانيا تقدر بنحو تسعة دنانير (4 يورو) للكيلوجرام الواحد ما يجعل سعر الخروف متراوحا بين 300 و400 دينار (حوالي 135 و180 يورو). وتمثل هذه الأسعار تقريبا نصف أسعار الخراف المحلية، وتعتبر مناسبة للعائلة التونسية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس. وبسبب الحصص المحدودة المخصصة لعدد من المحافظات، فإن الفوز بالخروف الاسباني اصبح هدفا مشتركا لأغلب أرباب العائلات التونسية محدودة الدخل. وقال محمد بن أحمد (35 عاما)، وهو يعمل بشركة خاصة بجهة صفاقس ثاني اكبر المدن التونسية، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عبر الهاتف "في ظل الظروف الحالية من الصعب اقتناء خروف تونسي. الضغط هنا كبير على الخروف الإسباني". وخصصت وزارة التجارة ثلاثة آلاف خروف لصفاقس لكن في ظل الإقبال الكبير على نقاط البيع، حتى من خارج المحافظة، ودخول المضاربين على الخط فإن عدد الخراف المعروضة لكل يوم سرعان ما ينفد خلال خمسة ساعات فقط مخصصة للبيع يوميا. وأضاف بن أحمد "سأنتظر وأحاول حتى اليوم الأخير لكن إذا لم اشتر الخروف الإسباني سأضطر لاقتناء بعض الكيلوجرامات من اللحم". ومثل أحمد ينتظر كثيرون اقتناص الفرص في الساعات الأخيرة على أمل ان يحصل انفراج في العرض والأسعار. لكن حتى ان لم يحصل ذلك فإن قضاء عيد من دون خروف كما هو حال كثير من العائلات التونسية في السنوات الأخيرة لن يثير على ما يبدو التذمر او السخط. وقال خميس البليدي(49)عاما وهو يعمل حارسا بالعاصمة ويقطن بمدينة بنزرت شمال البلاد ل(د ب أ) "بسبب الأسعار المشطة وغلاء المعيشة خروف العيد لم يعد ذو أولوية. لا أميل إلى التداين لأجل ذلك كما يفعل الكثير من الناس".