تزداد مؤشرات على ان فظاعة الحرب الكيميائية قد تدفع الولاياتالمتحدة إلى التدخل عسكريا للمرة الاولى في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا. وبدأت الآلة العسكرية والدبلوماسية الأمريكية تتحرك ببطء بعد نشر صور أطفال قضوا اختناقا على ما يبدو بسبب غازات سامة، أثارت صدمة في العالم. ويواجه أوباما اختبارا جديدا لعقيدة موروثة تقضي بتجنب التدخل في مستنقع الشرق الاوسط. وملف سوريا يطرح معضلة دائمة لمعرفة ما إذا كان على الدوافع الإنسانية أو المصالح الوطنية أن تملي السياسة الخارجية الأمريكية. وكان الرئيس الأمريكي عقد أمس السبت اجتماعا مع كبار المسئولين في إدارته بينهم نائبه جو بايدن، ووزيرا الدفاع والخارجية، وقادة الاستخبارات للبحث في الرد الاميركي على ما يحصل في سوريا، ثم اتصل أوباما برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ما يدل على الجهود لتأليف تحالف دولي للتحرك. ومن غير الواضح ما إذا كان أوباما يميل الى توجيه ضربة عسكرية اذا ثبت استخدام قوات الاسد الاسلحة الكيميائية ما يعتبر تجاوزا لل"الخط الأحمر" الذي حدده العام الماضي. ومن المحتمل أن يكون النشاط الدبلوماسي والعسكري الامريكي في الايام الاخيرة مجرد وسيلة للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم يرضخ للمطالب الاميركية بتنحيه. لكن يبدو أن الإدارة الإمريكية تتخذ خطوات يتوقع أن تسبق القرار باستهداف الوحدات السورية المتورطة في هجوم ريف دمشق. وينشر البنتاجون القوات وكذلك السفن الحربية المجهزة بصواريخ عابرة في المتوسط في حين يدرس معاونو أوباما سيناريو نزاع كوسوفو للتدخل في سوريا من دون تفويض من الأممالمتحدة الذي ستعرقله روسيا بالتأكيد. كما يكثف وزير الخارجية الامريكي جون كيري الاتصالات مع حلفاء واشنطن في اوروبا والشرق الاوسط. ويعتقد جوليان زيليزر مؤرخ السياسة الخارجية في جامعة برينستون ان الادارة الامريكية "تشعر بالضغوط للتحرك أو لتظهر وكأنها تستعد للتحرك لاسباب سياسية (ولاثبات لسوريا) ان هناك حدودا لما هو مسموح". واكد مساعدو أوباما أن أي قرار لم يتخذ بعد، ويريدون اثباتات قاطعة بأن القوات السورية استخدمت اسلحة كيميائية في ريف دمشق ما اسفر عن مقتل 1300 شخص، كما تقول المعارضة. لكن البيت الابيض اعطى مصداقية للتقارير في بيان خلال اجتماع أمس السبت، مشيرا الى "روايات شهود والعوارض التي ظهرت على الضحايا". وقال باري بافل المسئول الكبير السابق في وزارة الدفاع والامن القومي في ادارات كلينتون وبوش واوباما "هناك شعور في واشنطن بأن هذه المسألة جديدة وبأنه يجب التحرك". وأضاف أنه في حال لم تتخذ الادارة تحركا حازما بعد اختبار القوة هذا فإنها قد تعرض مصداقيتها للخطر. كما أن سمعة أوباما على المحك بعد أن قال العام الماضي بأن استخدام اسلحة كيميائية في سوريا خط احمر بالنسبة لواشنطن. وتترقب ايران والصين وكوريا الشمالية اعداء الولاياتالمتحدة، لترى ما اذا كان هناك ثمن لتحدي واشنطن. وكان اوباما رد قبلا على استخدام اسلحة كيميائية على نطاق محدود في سوريا، بقطع وعد بتقديم مساعدة مباشرة للمعارضة، لكنه وصف الهجوم الكيميائي الذي وقع في الايام الماضية بانه "حدث كبير"، واذا ما اثبتت الاستخبارات الاميركية ان الاسد مسؤول فعلا عن هذا الهجوم سيجد اوباما نفسه في موقع سياسي صعب. وتحدث المسئولون الامريكيون بعبارات عامة عن الخيارات العسكرية المحتملة، ويفترض أن تكون أي ضربة قوية بما فيه الكفاية لردع قوات الاسد عن الرد، ومحدودة ايضا لتفادي زج واشنطن اكثر في هذه الحرب. ويعتقد حسين ايبش المحلل في لجنة العمل الاميركية في فلسطين ان التحرك العسكري ممكن، ويضيف "اعتقد ان اقل تحرك يمكننا توقعه هو هجوم محدود بالصواريخ العابرة على مواقع تتعلق بالاسلحة الكيميائية"، ويتابع "قد يشمل التحرك ضرب منشآت مفيدة للنظام". ومهما حصل يريد اوباما ان يدخل التاريخ كالرئيس الذي انهى الحروب الامريكية وليس الذي فتح جبهات جديدة. ويؤكد مسئولون انه لا يتم التداول باقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا وهناك ايضا مؤشرات تفيد بأن الادارة قلقة لضمان الاطار القانوني الصحيح لأي تحرك. وعلى اوباما ان يدرس احتمالات اخفاق التدخل العسكري بما في ذلك مخاطر وقوع ضحايا بين المدنيين. كما لا يمكن تجاهل السياسة المحلية، وسيتذرع اوباما على الارجح بان التحرك المحدود في سوريا لن يرقى الى مستوى العمليات الذي يستلزم اذنا رسميا من الكونغرس لدخول الحرب.