أثار رفض جماعة الإخوان المسلمين الانخراط في الجهود التي يقوم بها الأزهر من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، والربط بين تلك المشاركة وتخلي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عن مواقفه المؤيدة لثورة 30 يونيو، انتقادات واسعة من جانب القوى السياسية، التي اعتبرتها إهدارًا للفرصة التي ينظر إليه الكثيرون بوصفها الفرصة الأخيرة لتحقيق المصالحة. وأكد مستشار شيخ الأزهر الدكتور محمد مهنا، أن رفض جماعه الإخوان المسلمون المشاركة في تلبية تلك الدعوة يحملها المسئولية أمام الله والشعب والتاريخ، موضحًا أن روح الإسلام تقول غير ذلك، فالدعوة للصلح هي شعار "الإسلام والمسلمين". وقال الدكتور أحمد دراج، القيادي بحزب الدستور، إن رد الجماعة على تلك الدعوة بالخروج في 28 مسيرة يُعد تحديدًا واضحًا للدولة المصرية وإرادة الشعب المصري، كما تعتبر تجاوبًا مع تصريحات عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين وليندسي جراهام بأن مصر مقبلة على حرب أهلية. وأضاف أن هذا الرفض يحمل مؤشرات أن الجماعة مستمرة في التحدي والتصعيد، معتمدًة على دعم الإدارة الأمريكية التي تسعى بكل طاقتها لإعادة مصر لعقود الإرهاب الأسود حسب وصفه، مؤكدًا أن الجماعة بعد عزل محمد مرسى من الحكم أصيبت بما أسماه ب"سعار عنيف"، قد يدفعهم لفعل أي شيء، والتحالف مع أي عدو من أجل استرجاع السلطة. وأكد حسام الخولي، السكرتير العام المساعد لحزب الوفد، أن الإخوان لديهم إصرار كبير علي إضاعة الفرص والوقت، مشيرًا إلي أن الزمن لن يعود للوراء، بحسب قوله. وقال الخولي إن قيادات جماعة الإخوان يعلمون جيدًا استحالة عودة الرئيس المعزول محمد مرسى للحكم، ولكنهم يريدون تقديم شباب الجماعة كضحايا ليتاجروا بدمائهم أمام العالم، وأن تلك القيادات سيكونون أول الهاربين عند الشعور بالخطر ليتركوا الشباب والبسطاء المغرر بهم في المواجهة، موضحًا أن الإخوان يريدون عدم الاعتراف بالواقع الذي تم بعد 30 يونيو، ولا يدركون أن الزمن لن يعود للوراء مهما يكن. في ذات السياق، أكد محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر، أن رفض جماعة الإخوان لفكرة الحوار كأساس للمصالحة الوطنية، سيؤثر بالتأكيد على صعوبة اندماجهم في الحياة السياسية مرة أخري وسيلفظهم بصورة اكبر المصريون الرافضون لعنفهم وإرهابهم الذي يروع المواطنين سواء في سيناء أو باقي المحافظات. وأضاف العرابي أنه مهما طالت مدة الاعتصام في ميداني رابعة والنهضة، فالأمر لا يغير من خارطة الطريق شيئا، مشيرًا إلي أن رفض الإخوان لمبادرة الأزهر وجميع المبادرات خلال الفترة الماضية يؤكد فشل قيادات لجماعة المسلمين في إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ووصف سامح عاشور، رئيس حزب التيار الناصري، رفض المشاركة بوصفهم دعاة تخريب، أنه توقع رفضهم المشاركة في جهود المصالحة الوطنية، كما أنهم كانوا رافضين لمبدأ المصالحة ولمّ الشمل الوطني حينما كانوا بالحكم وخاصموا كل الوطن، من ثم من الصعب عليهم أن يقبلوا مبادرة المصالحة بعد خروجهم من السلطة، لكون رفض الآخر أحد سمات الجماعة. وانتقد عمرو على، أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية، موقف الإخوان، قائلاً إن رفض الجماعة المشاركة في مبادرة الأزهر يرجع لكونهم يستمعون فقط لأصواتهم ويعملون علي إضاعة كل الفرص لفض اعتصامي رابعة والنهضة دون إراقة الدماء. وحمل أمين الإعلام بحزب الجبهة جماعة الإخوان مسئولية دماء الأبرياء الذين سيسقطون ضحايا في محاولة منهم للمتاجرة بها عالميًا والضغط علي الدولة المصرية، محذرًا من خطورة الإساءة للأزهر الشريف لأن ذلك سيفقدهم لمزيد من أنصارهم ويزيد من كره المصريين لهم. وانضمت لهذا الرفض الجبهة الحرة للتغيير السلمي، بتأكيدها على شمولية المصالحة بحيث تشمل جميع شرائح الوطن وليس مصالحة سياسية هدفها التصالح مع تيار سياسي بعينه، مؤكدة رفض المصالحة مع الإخوان على حساب إنفاذ القانون وحماية الأمن القومي. وشددت الجبهة على رفضها أيضًا لأي مصالحة سياسية مع قيادات الإخوان المسلمين التي قالت إنها أجرمت بحق الوطن، بدعوات القتل والتنكيل بالمعارضين والمختلفين معهم حسب وصفها قادتها. وثمن حزب النور التحرك الذي يقوم بها الأزهر من أجل المصالحة الوطنية، داعيًا جميع القوى السياسية المشاركة لدعم تلك الجهود من أجل إزالة حالة الاحتقان السياسي بالشارع. وقال المهندس جلال مرة، أمين الحزب، إن "النور" يثمن تحرك الأزهر الشريف في اتجاه محاولة المصالحة الوطنية ولم الشمل من خلال التواصل مع كافة القوي السياسية للتوافق علي مبادرة وطنية صادقة تهدف إلي تقوية اللحمة الوطنية وحل الأزمة السياسية القائمة وتقليل حدة الاستقطاب والاحتقان القائمين بين أبناء الوطن الواحد. وطالب جلال مرة جميع القوي السياسية بالاستجابة لتلك الدعوة حتى نتمكن من بالخروج بسفينة الوطن إلى بر الأمان من كل ما يحاك لها. من جانبه، طالب شريف طه، المتحدث الرسمي باسم حزب النور، بتهيئة الأجواء لإجراء مصالحة وطنية شاملة علي أساس عادل للخروج من الأزمة حتى يتفرغ الجيش لمهمته الأساسية وهي حراسة الحدود والأمن القومي لمصر، خصوصًا أن حالة الشقاق والصراعات تطمع الأعداء في الاعتداء علي مصر.