إذا كان البرازيليون ملوك كرة القدم في العالم قد انتفضوا في مظاهرات عارمة ضد النفقات الباهظة لتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2014 ( 11 مليار يورو تقريبا) بعد أن كان الفرنسيون قد انتقدوا بشدة لكن من دون مظاهرات تكاليف كأس العالم 1998 (1.5 مليار يورو ) فإن شركة الاستشارات العالمية الشهيرة "ديلويت كوربوريت فاينانس ليميتيد" قدرت التكاليف المالية التي من المتوقع أن تتحملها دولة قطر الصغيرة لتنظيم بطولة كأس العالم 2022 بنحو 156 مليار يورو. فبعيدا عن الإتهامات التي تفتقر للمصداقية الموجهة لقطر بشراء حق تنظيم كأس العالم 2022 على حساب الولاياتالمتحدة في قضية عرفت باسم " قطرجيت " فإن ديلويت قدرت في أحدث دراسة لها تكاليف بناء الاستادات التي ستستضيف منافسات مونديال 2022 بنحو 46 مليار يورو تضاف إليها 110 مليارات يورو أخرى قيمة تكاليف إنشاء مطارات و طرق و وسائل مواصلات من بينها عدد من خطوط المترو فضلا عن مستويات متنوعة من الفنادق لاستيعاب نحو 400 ألف سائح من المتوقع أن يتدفقوا على قطر لتشجيع فرقهم المشاركة في كأس العالم. والمعروف أن قطر ستبني 9 استادات جديدة فضلا عن تجديد 3 استادات أخرى لاستضافة منافسات البطولة التي تعد أكبر و أهم بطولة في تاريخ الرياضة العالمية بعد بطولة دورة الألعاب الرياضية الصيفية. وعلى الرغم من عدم الكشف بعد عما إذا كانت البطولة ستقام في صيف 2022 أم في شتاء نفس العام لتفادي قيظ الصيف القطري إلا أن مكتب ديلويت لم يتوقف كثيرا عند هذه النقطة على أساس أن تكييف الاستادات لتخفيض درجة حرارتها من 45 درجة مئوية إلى 23 درجة مئوية لن تؤثر كثيرا في حجم التكلفة الهائلة لمونديال 2022. و ستحرص قطر على أن تكون جميع الاستادات صديقة للبيئة خالية من انبعاث الكربون بتسخير أشعة الشمس لتوفير الكهرباء لتبريد الملاعب و المدرجات للاعبين و المشجعين على حد سواء، وستحرص على استخدام تقنية تصدير الطاقة الكهربائية المتولدة من هذه الاستادات على شبكة الكهرباء الرئيسية للإمارة عندما لا تقام المنافسات الرياضية على هذه الاستادات. ومن المقرر أن تكون سعة معظم الملاعب بين 40 و50 ألف متفرج، بالإضافة إلى ملعب أكبر سيستضيف المباراتين الافتتاحية والنهائية، وعندما تنتهي المسابقة، سيتم تفكيك الأجزاء العلوية من المدرجات على أن تبقى الأجزاء السفلية في قطر لتنخفض سعتها إلى ما بين 20 إلى 25 ألف متفرج، وستبادر قطر بتقديم الأجزاء العلوية من المدرجات كهدية إلى الدول النامية، التي ينقصها عادة ما يكفي من البنية التحتية الكروية. وبعيدا عن هذه الأفكار فإنه قبل 9 سنوات من تنظيم كأس العالم 2022 فلم ير أيا من هذه الإستادات النور حتى الآن كما أنه لم يتم حتى الآن مجرد البدء في تنفيذ الأعمال الإنشائية التمهيدية لبناء هذه الإستادات على أرض الواقع رغم الإنتهاء من تصميمها على الورق. ولكن على الرغم من عدم البدء في إنشاء البنية التحتية لهذا المونديال حتى الآن إلا أن ذلك لم يمنع أن 13 في المائة من حجم أعمال هذه البنية قد رست بالفعل على شركات متخصصة في مجال بناء الاستادات و الفنادق و الطرق و خطوط مترو الأنفاق مما يعني أن قطر مصممة على تنظيم البطولة رغم تكاليفها الباهظة. ويبقى السؤال هو هل من الممكن أن ينتفض القطريون في مظاهرات عارمة ضد تكاليف تنظيم مونديال 2022 كما فعل البرازيليون أم أن ثراء الإمارة ثالث أكبر مصدر للغاز في العالم سيضعها في مأمن من الغضب الشعبي.