وسط تأزم قضية سد النهضة، كانت مصر على موعد مع مشكلة أخرى تحمل طابعًا دوليًا تمثلت في قرار لجنة المعايير بالدورة 102 لمؤتمر العمل الدولي المنعقد حاليًا في جنيف، والذي وضع مصر في القائمة السوداء، للدول المخالفة لاتفاقيات العمل الدولية. وجاء القرار بعد رفع مصر عامين من القائمة، وذلك نتيجة عدة عوامل منها عدم التزام الحكومة بما طرحته أمام المنظمة بأن مصر تخطو بسرعة نحو تطبيق الحريات النقابية، اتساقًا مع تصديقها على الاتفاقية الدولية للحقوق والحريات النقابية. الدكتور أحمد البرعي وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق قال إن ما يحدث هو وضع طبيعي لتأخير صدور القانون مؤكدًا أن عدم إصداره وراءه نوايا هادفة لسيطرة فصيل محدد على الحركة النقابية والعمالية في مصر، مشيرا إلى أنه كان قد قدم تعهدات للمنظمة ومشروع قانون الحريات، ومن أجل ذلك لم تدرج مصر في القائمة في عام الثورة. وأشار إلى أنه كان قد دعا في أثناء توليه منصبه إلى مائدة الحوار كل أطراف العمال من الاتحاد العام الرسمي، ومن المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق العمال. وكان ضمن من دعاهم إلى الحوار العمال المنضمين لتنظيم "سواعد" وهي منظمة أسسها العمال المنضمون لجمعية الإخوان ووافق عمال "السواعد" على مشروع قانون الحريات النقابية، ولكن ما إن وصلوا إلى السلطة حتي حنثوا بتوقيعهم، وتقدموا إلى الحكومة بمشروع قانون هو في ذاته يحارب الحريات النقابية. أما كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية فقال: إن عودة إدراج اسم مصر على القائمة السوداء تأكيد أن النظام الحالي يسير على نفس نهج النظام السابق، مؤكدًا أن حكومة الإخوان هي التي إعادت مصر إلى القائمة السوداء بالعمل الدولية، على حد قوله، ولابد أن يعاد النظر فيها، حيث أدخلت مصر في مفترق طرق وما له من تأثيرات سلبية على سمعة مصر الدولية. في الوقت الذي أكدت مصادر من النقابات المستقلة التى بدأت تتوافد على مقر مؤتمر العمل الدولى بجنيف بأن مناقشات الأيام المقبلة ستفتح النار على الحكومة من خلال رصد غير مسبوق لعمليات انتهاك الحقوق والحريات النقابية بملف شامل للحصول على دعم المنظمة للحريات النقابية. وقال شريف إدريس، رئيس حزب عمال مصر، تحت التأسيس، إن قرار لجنة المعايير بوضع مصر ضمن القائمة القصيرة السوداء للدول التي تنتهك حقوق العمال وتحوي نظامًا قانونيًا متعسفًا، دليل على فشل الحكومة الإخوانية في إدارة البلاد. وأوضح رئيس حزب عمال مصر، خلال اتصال هاتفي ل "بوابة الأهرام"، اليوم السبت، معلقًا على قرار وضع مصر بالقائمة السوداء، يرجع إلى انتهاك حقوق العمال، وكثرة الإضرابات والمطالب الفئوية، وفشل حكومة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء في وضع حلول لهذا كله، مما أدى لوضع مصر في هذه القائمة التي سوف تستمر بها لفترة طويلة لحين تغيير القوانين المتعسفة، بحسب وصفه. وأضاف إدريس، أنه من أسباب وضع لجنة المعايير لمصر في القائمة السوداء هو تأخر صدور قانون النقابات العمالية، وتدخلات وزارة القوى العاملة بشكل مباشر فى القانون، مؤكدًا أن هذا هو السبب الرئيسى وراء وضع مصر مرة أخرى على هذه القائمة، بالإضافة لانتهاك الحكومة لحرية العمال فى تنظيم الإضرابات والاعتصامات من أجل المطالبة بحقوقهم. وفي سياق أخر أوضح عبدالمنعم الجمل، سكرتير الشئون الاقتصادية باتحاد عمال مصر، ورئيس النقابة العامة للبناء والأخشاب، أن قرار لجنة المعايير بوضع مصر ضمن القائمة السوداء ليس نهائيا، موضحا أنه يبدو أن اللجنة لديها تقارير مغلوطة وينقصها الكثير وليست على حقيقتها. وأوضح الجمل، أننا قمنا بعمل تعديلات كبيرة في القانون في الفترة الأخيرة موضحا أن مسئولة اللجنة بالقاهرة قالت أمس إن الحكومة تعمل على تغيير القوانين وهذا سيؤثر على القرار يوم الخميس القادم، مشيرا أنه يأمل أن تقتنع لجنة المعايير بما سنقدمه وترفع مصر من القائمة السوداء. وحول الآثار السلبية لهذا القرار، أشار الجمل إلى أنه إذا ظلت مصر بالقائمة السوداء فسيؤثر ذلك على دعم منظمة العمل الدولية لبعض الأنشطة في مصر، مؤكدا أننا نأخذ ما يناسب من قوانين العمل الدولية لظروف مصر. جدير بالذكر، أنه فور صدور القرار من لجنة المعايير بجنيف بتحويل مصر للقائمة السوداء، توجه وفد من اتحاد العمال برئاسة محمد وهب الله، وعضوية طلعت المنسي، ومجدي البدوي، وعقدوا اجتماعا مع دان كونيه مدير الأنشطة العمالية بمنظمة العمل الدولية، وأكدوا له أن لجنة الخبراء لم تراع أن هناك حوارا اجتماعيا جمع أطراف العمل الثلاثة –الحكومة-العمال-أصحاب العمل- لمناقشة قانون النقابات العمالية الجديد تحت رعاية منظمة العمل الدولية، إلا أنه تاخر صدوره بسبب اختلاف وجهات النظر حول بعض بنود القانون. وأوضحت اللجنة لمدير الأنشطة العمالية، أن مجلس الشعب المنوط به تشريع هذا القانون قد تم حله منذ عام تقريبا، وقد اختلفت القوي العمالية لبعض الوقت حول عرض مشروع القانون علي مجلس الشوري باعتبار أنه غير منوط بهذا الأمر، وبعد اجتماعات جديدة للحوار المجتمعي تم التوافق على الكثير من مواد القانون، ووافق مجلس الوزراء علي ما توصل إليه الحوار المجتمعى ثم أحاله إلي مجلس الشوري.