إزاء الاتهامات التي شاعت وتتهم الإخوان المسلمين بخيانة الثورة من خلال صفقة مع نظام مبارك، أجمعت قوى التيار الإسلامي على رفض قرار محكمة الاستئناف بالإفراج عن الرئيس السباق مبارك من حبسه الاحتياطي، فيما دعت بعض القوى الشبابية من الإخوان والدعوة السلفية لتنظيم مليونية الجمعة القادمة للتعبير عن هذا الرفض وحماية الثورة، وتطهير القضاء. فمن جانبه قال حسين إبراهيم الأمين العام لحزب الحرية والعدالة: إن النائب العام السابق مهد لصدور هذا الحكم الصادم، وأثق في كون المطالبين بعودته مرة أخري سيتراجعون عن مطالبهم باستثناء رجال المخلوع، وأن الثورة ستحقق أهدافها في نهايةالمطاف، ومحاولات إجهاضها ستبوء بالفشل، ولن تفلح مساعي رجال المخلوع في إعادة إنتاج نظامهم الفاسد. فيما أصدرت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح صباح اليوم،بيانا طالبت فيه الرئيس الشرعي والنيابة العامة بحماية الثورة، والخلاص من رؤوس الفتنة والفساد والاستبداد. وأضافت الهيئة في بيانها: أنها تتابع ببالغ القلق أحكامًا تصدر بإخلاء سبيل الطاغية الذي قامت الثورة عليه وسعت الأمة بجميع فصائلها إلى تقويض نظامه الفاسد، الأمر الذي يستدعي حضور كل القوى الإسلامية والوطنية في مشهد حماية هذه الثورة المباركة، وأن تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة الانقلاب على الثورة بحسم وقوة، تصحيحًا للمسار، وحفظًا لدماء الشهداء والثوار، وأن مصر لن تسمح لنفسها بالعودة للوراء من جديد. فيما ركز رد فعل حزب النور على العلاقة بين الحكم وهيبة القضاء، حيث أكد الدكتور أحمد شكري عضو الهيئة العليا بالحزب أن أي محاولة لتبرئة الرئيس المخلوع ستؤدي إلى مفاسد عظيمة، وعلى رأسها ضياع هيبة القضاء، والذي لا يصب في مصلحة أحد. وأوضح أن أدلة إدانة مبارك لا تحتاج إلى الأخذ والرد، فهو كان على رأس السلطة في ذلك الوقت، وحاشيته أحرقوا وأتلفوا أدلة إدانته، كما أن الملايين الذين خرجوا مطالبين برحيل مبارك في ثورة 25 يناير، دليل على أن الشعب المصري أجمع على إدانته. وشدد شكري على ضرورة محاكمة مبارك بتهمة الخيانة العظمي، وإفساد الحياة السياسية في مصر، وإغراق البلاد في الفساد على مدار 30 عامًا. واتفق معه علاء أبو النصر، الأمين العام لحزب البناء والتنمية، الذي أكد أن القرار بمثابة حلقة في مسلسل محاولة إنتاج النظام البائد، مشيرًا إلى أن ذلك واضح من خلال مهرجان البراءة للجميع، وتعافي مبارك وفرحته الكبيرة التي لاحظها الجميع في جلسات محاكمته الأخيرة. وقال: أخشي كثيرًا أن نكون على أعتاب عودة النظام البائد من خلال القوة الناعمة المتمثلة في قضاة مبارك ووسائل الإعلام، بعدما فشلت القوة الخشنة التي تجسدت في التظاهرات والمولوتوف والتخريب، موضحا أن جزءًا كبيرًا من مؤسسة القضاء أصبح مُسيسًا تمامًا، ورغم احترامنا لمؤسسة القضاء المصري إلا أن القضاة ليسوا ملائكة، فمن الواضح للجميع أن جزءًا كبيرًا منهم لهم عقيدة سياسية وينحاز لأفكار تعادي الثورة والنظام الحالي، دون أدنى احترام للإرادة الشعبية. وأضاف: حال حصول الرئيس المخلوع على براءة بالقضايا المتهم فيها، ستتغير الأوضاع رأسًا على عقب وسنمر بمشهد مختلف عما نشهده الآن، لكن الجماعة الإسلامية وقواعدها الشعبية بمختلف المحافظات وكافة القوى الوطنية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات عودة إنتاج نظام مبارك وضياع حقوق الشهداء، مؤكدًا أن الجماعة ستملأ كل ميادين مصر إذا خرج مبارك وحصل على براءة في قضايا القتل والفساد التي استمرت 30 عامًا. ولفت أبو النصر إلى أن هناك تحالفًا وتضافرًا بين قوى الثورة المضادة التي يقف وراءها الفلول والبلطجية ورجال الأعمال الفاسدون ووسائل إعلام فاسدة، لإجهاض الثورة وإفشال التيار الإسلامي، لكنه أكد أن الثورة لن تجهض ولن يتم إفشال التيار الإسلامي. فيما انتقد الدكتور عصام شبل الأمين العام المساعد لحزب الوسط وعضو مجلس الشورى، الحكم منوهاً لكون القضاء المصري بالفترة الأخيرة جاء عكس أمال وطموحات الشعب المصري بالكامل. وقال: نحن الآن أمام عملية تجميل للنظام السابق، حيث أنه من الممكن أن نجد فجأة علاء وجمال مبارك هم من يحكمون البلاد، مستنكرًا وجود قاض منوط به تحقيق العدالة، يعرف عنه قبول هدايا ومبالغ مالية أثناء تأدية وظيفته، وأجبر على ردها رغمًا عنه. وحال عدم ثبوت الأدلة لدى المحكمة طالب شبل كل من يمسكون زمام الأمور بيدهم، بدءًا برئيس الجمهورية، أن يظهروا جميع الأدلة المختفية، ويعلنوها للشعب بمنتهى الشفافية، والشعب يملك القرار، مطالبًا السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، أن تقوم بأدوارها المنوط بها لتحقيق أهداف ثورة يناير، والقصاص العادل من قتلة الشهداء، مؤكدًا حق مجلس الشورى في التشريع وهذا ما كفله الدستور الجديد. كما أكد المهندس محمود نصير عضو الهيئة العليا لحزب الأصالة، أن قرار الإفراج عن مبارك لم يكن صادما للحزب، لأنه يأتي في إطار مهرجان البراءة للجميع، وهذا يدخل في سياق تحد للثوار والثورة، لمحاولة التعمية عن قتل المتظاهرين. وأشار إلى أن ذلك يضع القضاء في خانة عليها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، موضحاً أن الحزب يطالب بسرعة إصدار قانون السلطة القضائية، في أقرب وقت ممكن، لأن هذا أصبح ضرورة ملحة، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. وأكد أيضاً أن إخلاء سبيل مبارك له أبعاد ودلالات سياسية أكثر منها قضائية، واصفًا تصريح النيابة بأن المخلوع سوف يظل محبوسا علي ذمة 3 قضايا أخرى، بأنه محاولة من النيابة لتدارك الخطأ الفادح الذي وقعت فيه محكمة جنايات القاهرة بقرارها بإخلاء سبيل مبارك في قضية قتل المتظاهرين، ولإيهام الشعب بأنه سوف يظل محسوبا، ومحاولة لاحتواء الخطر والغضب الذي قد يتفجر بسبب ذلك، والذي قد يكون مقدمة لثورة أخرى، لأن هذا الأمر يعني أن الثورة لم تقم. وأوضح نصير أن بعض الدوائر القضائية والقضاة غلبوا أيدلوجيتهم السياسية علي عملهم المهني، وقاموا بتسييس جزء من القضاء بشكل واضح للأسف بالرغم من أن القضاء في عمومه لا يزال بخير،لكن الجزء المسيس هو الذي يشوه صورة القضاء البيضاء علي مر عصوره، لافتا إلي أن حل حصول الرئيس المخلوع علي براءات في كافة القضايا المتهم فيها، ستكون صدمة قاسية للجميع ومخيبة للآمال، وكأن اللهو الخفي هو الذي تسبب في الكثير من الجرائم التي أرتكبها المخلوع. وقال: إصلاح القضاء كان يجب أن يكون أول مطلب ثوري، ومجلس الشعب السابق كان يعمل علي تحقيق ذلك، إلا أنه تم حله بحكم قضائي مُسيس، وبالتالي فإصلاح المنظومة القضائية مطلوب بسرعة، وأن يكون هناك حكمة أيضًا من خلال الاستعانة بالقضاة الشرفاء، لنضع منظومة قضائية صالحة ليس بها عطب ولا تميل لنظام الحكم، وبالتالي تكون منضبطة تعمل لصالح الشعب والثورة. وأكد هذا الهجوم على مؤسسة القضاء عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، بقوله أن المدخل الصحيح لقراءة مشهد الأمس ليس هو البحث في قانون الإجراءات الجنائية، وصحة أو خطأ تطبيقه، أو طمأنة القلقين من إخلاء سبيله، بأنه محبوس على ذمة قضايا أخرى تمس المال العام والوظيفة العامة، وبالتالي لا داعي للقلق، ولكن المدخل الصحيح بل الوحيد لقراءة المشهد هو أن رءوس رموز الثورة المضادة قد أينعت وحان قطافها. وقال: بيننا رموز أهدرت الدستور، واخترعت عبارة "المبادئ فوق الدستورية" فأطاحت بكل القواعد القانونية، وبيننا رموز فتحت بطونها وخزائنها للمال الحرام والهدايا الحرام، ولم تشبع، فهي تريد المزيد بأي صورة ومن أي طريق، وبيننا رموز استغلت الحصانة المقررة للشرفاء، فاحتمت بها لتقود الثورة المضادة في أطهر وأقدس محراب، وبيننا رموز بيتت أمرها بليل، كل ليل، وأدارت وتدير أكبر عصابة لإعادة مبارك الشخص، ومبارك الفساد، ومبارك الكنز، ليس هذا فقط، ولكن لمحاكمة الشهداء... في قبورهم!!. وأكد أن أي تأخير أو تردد في تطبيق القانون والدستور لقطع رقاب الأفاعي التي بيننا، هو بمثابة مشاركة لعصابة مبارك، مشددًا على ضرورة تحرك مؤسسة الرئاسة والمؤسسة التشريعية لعدم تحرك الشعب ضدهما.