أعلن وزير الدفاع التونسي عبدالكريم الزبيدي عن تقديمه استقالته من منصبه بسبب "ضبابية" المشهد السياسي الذي أدى إلى إجهاد المؤسسة العسكرية المنتشرة وحداتها منذ أكثر من عامين في البلاد، حسب تعبيره. وقال وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة إنه قدم استقالته إلى الرئاسات الثلاثة في تونس، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التأسيسي، رغم أن مرشح رئاسة الحكومة الجديد علي العريض كان قد عرض عليه البقاء في منصبه ضمن الحكومة التي يجري تشكيلها. وقال الزبيدي ، في تصريح لقناة "نسمة" التونسية الخاصة مساء أمس الثلاثاء "قدمت استقالتي بسبب الضبابية التامة في غياب خارطة طريق واضحة تقود البلاد نحو الانتخابات". وأوضح الزبيدي أنه وعلى عكس حكومة الباجي قايد السبسي التي كان هاجسها الأول الوصول بالبلاد إلى أول انتخابات ديمقراطية في 23 أكتوبر 2011، وقد نجحت في ذلك فإن حصيلة الحكومة بعد الانتخابات أفرزت عدم استقرار أمني وغياب التنمية والحلول للمشاكل الاجتماعية. ومنذ أحداث الثورة نأت المؤسسة العسكرية في تونس بنفسها عن الاصطفاف الحزبي، لكن يبدو أن توترا بين وزير الدفاع ورئاسة الجمهورية، قد برز على السطح ودفع أيضا عبدالكريم الزبيدي وهو شخصية مستقلة وغير متحزبة إلى طلب الاستقالة. وقال الزبيدي "قدمت استقالتي منذ 15 سبتمبر الماضي؛ لأن ما حصل من أحداث أمام السفارة الأمريكية آنذاك لم يكن مقبولا". وكان الزبيدي قد صرح في وقت سابق بأن المؤسسة العسكرية لا تتلقى الأوامر من الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي. ورد المرزوقي مؤخرا باتخاذ قرار التمديد في حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر أخرى كما تخول له صلاحياته دون التشاور أو إعلام وزير الدفاع. كما تم تسريب أحد الأسماء المحسوبة على التيار الإسلامي والمرشحة لمنصب وزير الدفاع خلفا للزبيدي في الحكومة الجديدة التي يجري تشكيلها على الرغم من وجود توافق عام لبقاء الزبيدي على رأس الوزارة حفاظًا على مبدأ حيادية وزارات السيادة. وتحمل الجيش التونسي، الذي لا يتجاوز تعداده 35 ألف عنصر لكنه يحظى بتدريب عال، أعباء كبرى تجاوزت مهامه الأصلية خلال فترة الانفلات الأمني في البلاد، والذي أعقب الثورة التونسية ، وتنوعت مهامه بين حراسة المنشآت العامة وإسناد قوات الأمن وتأمين الانتخابات ومقار الامتحانات والمحاصيل الزراعية وغيرها. وكان رئيس أركان الجيوش الثلاثة الجنرال رشيد عمار قد حذر بدوره في "مجلس الحكماء" الذي تم تشكيله من قبل سياسيين وشخصيات وطنية قبل استقالة رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، من أن الأوضاع الأمنية في البلاد خطيرة جدا.