ملف "السكك الحديدية" حافل، وأحدها ملف سائقي القطارات. رفيق هنداوى، رئيس رابطة سائقى السكة الحديد تحدث ل"بوابة الأهرام"، عن الرحلة التي يعيشها السائقون ومشاكلهم اليومية، خصوصًا أن السائق دائمًا المسئول الأول، عن حوداث القطارات، وكأنه "كبش الفداء". يقول هنداوي: "تبدأ رحلتى مع الخروج من البيت قبل ميعاد انطلاق رحلة القطار بساعتين على الأقل، ومعركة الوصول إلى محطة مصر بميدان رمسيس بموعدى المحدد ككل المواطنين ممن يعانون من زحام القاهرة الشديد، لكنى اعتبر نفسى من المحظوظين لأن سائقي القطارات من الأقاليم يخرجون من بيوتهم قبل 4 ساعات على الأقل من موعد رحلاتهم، ومتوسط رحلاتى 13 رحلة شهريًا، وراتبى مثل راتب أى موظف بالهيئة وإذا تغيبت عن موعد رحلة تخصم من راتبى. وأضاف "عندما أصل إلى المحطة أوقع فى حكم الحضور بالاسم ورقم القطار، ثم أسير على قدمى إلى ورشة الغاطس التى تبعد عن المحطة بحوالى 600 متر، ليكون فى انتظارى الميكانيكى والكهربائى وفنى جهاز ال "أيه تى سى" ومسئول الأمن الصناعى بالورشة وفنيين كل بواجى الجرارات وكلهم يقومون بالتأشير على أن الجرار على استعداد للتحرك، وأقوم بالتأكد بسلامة الجرار وفى حالة رصدى لأى ملحوظة أقوم بكتابتها فى دفتر العمرة، والمختص بالعطل يقوم بإصلاحه، ويقوم بالتأشير مرة أخرى باستعداد الجرار للتحرك، وإذا كان هناك عيب فى الجرار فإن الهيئة تعطينى الصلاحيات برفض الخروج بالقطار. تأخذ تلك العملية حوالي ساعة ونصف ساعة حتى أطمئن على سلامة مرور رحلاتى، ثم أخرج بالجرار من الورشة وأذهب للرصيف للضم إلى عرباته حتى ننتظر إطلاق إشارة "السيمافور"، ومن هنا تبدأ الرحلة الفعلية. وأضاف "أنا كسائق فى رحلتى لدى صعوبات فى عملى تبدأ من كراسى الجرارات القديمة، فهى غير مريحة ومتعبة، أما كراسى الجرارات الجديدة فهى مريحة لكنها منخفضة الإضاءة ليلا ودائما زجاجها "مشروخ"، أما أجهزة ال"أيه تى سى" (جهاز توصيل المعلومات بالقطارات) فمن الممكن أن نجد بها بعض العيوب الفنية فى بعض الأحيان، حيث تقوم بإعطاء سرعة خاطئة تختلف عن سرعة الكومبيوتر الموجود فى الجرار، وفى حالة وجود حادثة -لا قدر الله - تعتمد اللجنة التى تقوم بكتابة التقرير الفنى على سرعة هذا الجهاز وهو ما يسبب مشكلة كبيرة جدا وقتها. وأوضح قائلا: "أما الأجهزة الأرضية التى تستقبل الإشارات من أجهزة ال"أيه تى سى" فهى غالبا ما يتم سرقتها أو توصل معلومات غير صحيحة، وفيما يخص مشاكل الإشارات الكهربائية، فهناك بعض "السيمافورات" التى تقوم بإعطاء دلالة السرعة للسائق تكون ذات إضاءة منخفضة جدا، لا أستطيع رؤيتها إلا عن قرب، أو أن تعطى ضوءًا أخضر متقطعا وهى تعنى أن سرعتى 110 كيلو مترات، ولكن فى بعض الأحيان تعطى صفرا أو لا تعطى معلومة نهائيا. أما الإشارات الميكانيكية، فحين يتعطل "سيمافور" المسافة خصوصًا فى اتجاه قطارات وجه قبلى، بعد مدينة بنى سويف لأنهم يستخدمون نوع قديم، ونجده مغلق -رغم أنه يعمل- ومن الممكن أن يشغله ملاحظ البلوك، وحينها نجبر على تخفيض السرعة إلى 60 كيلو مترا ولكننا نتفاجئ أن باقى السيمافورات العادية مفتوحة. وحول الأوضاع بعد الثورة قال هنداوي: "بعد الثورة أصبح كل من لديه طلب أو اعتراض على موقف معين، لا يجد أمامه سوى قطع شريط السكة الحديد، فمثلا الرحلة من القاهرة حتى أسيوط تستغرق 5 ساعات في المعتاد، ولكنها فى حالة قطع شريط السكة الحديد من الممكن أن تستغرق 24 ساعة، ولا أملك بديلا سوى الانتظار حتى يفتح الطريق مرة أخرى، كما أن الركاب لا يجدون سوى السائق ومساعده لتلقي اللوم عليه حال تعطل القطار لأنها لا تعرف أن الطريق مقطوع، ونتلقى إهانات شديدة منهم". ويضيف هنداوي "أما المزلقانات فهى "عفريت السواق" وهو مصطلح نطلقه كسائقين فيما بيننا، والمزلقانات نوعين؛ الأول هو المزلقان "الشادوف"، والذى يعمل بالذراع الحديدية، أما النوع الثانى فهو المزلقانات الجديدة الكهربائية والتى تقوم بإطلاق جرس وإضاءة لتحذير المواطنين، وتتطوع الهيئة بوضع سلسلة حديدية حتى تعطى مزيد من التنبيه للمواطنين، وأغلب الحوادث تحدث من خلال تلك المزلقانات، حيث أن هناك بعض سائقى السيارات لا يروه وهناك من يقوم بإزالة السلسلة الحديدية من أجل مرور المزلقان، رغم أنه يغلق لمدة لا تتعدى دقيقة واحدة، وهناك من يقتحم المزلقان، وكلها سلوكيات خاطئة لا نعرف حلها". وحول وقع الحوادث بسبب المزلقانات، قال هنداوي "هناك خطوات معروفة نتبعها لتلافى وقوع حوادث فى المزلقانات، مثل إذا فقد الاتصال بغفير المزلقان يقوم ناظر المحطة بإعطائى تحذير، وأقوم بإبطاء السرعة حتى أتأكد من أنه خال من المعارضة، وهى الطريقة التى التزمت بها طوال 32 سنة عمل بالهيئة ولم أتعرض والحمد لله لحادثة واحدة أو موقف سئ، أما فى حالة تعطل المزلقات لأى سبب كان سواء عدم انطلاق جرس المزلقان أو فقدان وسيلة الاتصال بالمحطة أو تعطل سيارة على المزلقان، يجب على عامل المزلقان أن يبلغ المختصين بإصلاح العطل وفى حاله تعطل السيارة، يحاول أن ينقلها بمساعدة الجمهور أو يحجز القطار عن طريق وضع كبسولة على القطبان بعيدا عن المزلقان، وحينها سيضطر السائق إلى التوقف بالقطار، وإذا التزم كل فرد فى هيئة السكك الحديدية بعمله وتوقف المواطنين عن التعدى عليها سوف تقل نسبة الحوادث". وحول طلبات السائقين من هيئة السكك الحديد قال هنداوي "نتمنى من الهيئة أن تشترى عربات جديدة وجرارات وقطع غيار جديدة، وتقوم بتحديث الإشارات وإجراء صيانة شاملة لأجهزة ال" ايه تى سى". وعن أحوال الرحلة بالقطار والمشكلات مع الركاب قال "بعد الثورة أصبح من الممكن أن يتعدى الركاب على المحصل بالضرب، وعدد كبير منهم يرفض دفع ثمن التذكرة، خصوصا أن الشرطة بعد الثورة فقدت هيبتها، والبلطجة زادت، والباعة الجائلون زادوا بشكل كبير، ونتمنى أن تعود الشرطة مرة أخرى إلى العمل". وعن المشكلات التي يعانيها السائقون في حالة الحوادث قال "بعد كل حادث فى هيئة السكك الحديدية يسيطر على تفكيرى وأنا أقود القطار هل من الممكن أن أموت أو أتعرض للسجن أو أعجز عن العمل فى تلك الرحلة؟ ونحن دائما نحمل أخطاء الآخرين، وفى كل حادثة تحدد اللجنة الفنية من المتسبب فيها، والسائق من وجهة نظرى ليس له يد فى حادثة قطار البدرشين لأن المنظومة كلها متهالكة". واختتم هنداوي كلامه، موجها طلبا للركاب والمواطنين قائلا "أقول للمواطنين كفاية متجوش على السواق.. هوه مالوش ذنب، وكفاية إنه ممكن يفقد حياته وعليه عبء شديد".