جاء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد مساء أمس احتفالا حزينا فى كل كنائس مصر من الشمال إلى الجنوب، فقد ارتدى الجميع ملابس سوداء، حزنا على شهداء الإسكندرية الذين راحوا ضحية حادث إرهابى ليلة رأس السنة. فى الكاتدرائية المركسية بالعباسية، اجتمعت كل أطياف المجتمع المصرى، ساسة ووزراء ونواب برلمان وإعلاميين وفنانين ومواطنين، ليعلنوا تمسكهم بوحدة مصر وأن أفراح كل المصريين واحدة، وجروحهم واحدة ورفع البعض أعلام مصر، مكتوبا عليها "شعب واحد.. مصير واحد". توافد على المقر البابوى بالعباسية مساء أمس وصباح اليوم، نجوم المجتمع المصرى من مختلف الفئات وكل القيادات السياسية والشعبية، حيث حضر إلى المقر للتعزية والتهنئة بعيد الميلاد: شيخ الأزهر ورئيس مجلس الوزراء ورئيسا مجلسى الشعب والشورى وكل الوزراء. فى كلمته إلى الحاضرين فى قداس عيد الميلاد، قال البابا شنودة: فى البداية أود أن أعزى أبناءنا فى الإسكندرية، لاستشهاد عدد كبير منهم، كما أعزى أيضا أولادنا فى نجع حمادى، إذ مرت سنة على استشهاد عدد كبير منهم، وإن كان المجوس قد قدموا للسيد المسيح يوم ميلاده، ذهبا ولبنا، وهنا أذكر قول الرئيس مبارك أن دماءنا ليست رخيصة، وأشكره على العبارة وعلى تهنئته وتعزيته، أيضا فى اتصاله بنا قبل قداس الميلاد فى مكالمة.. فشكرا للرئيس من أعماق قلوبنا لأنه جعل عيد الميلاد عيدا وطنيا لجميع المصريين". فى عظة الميلاد تحدث البابا فى تأملات حول حب السيد المسيح ورسالته والتى حملت عنوان "جاء السيد المسيح ليبشر بالحب، وينشر الحب فى جميع أنحاء العالم. وقال البابا: " وما أعمق قول أمير الشعراء شوقى: ولد الحب يوم مولد عيسى، فقد كان السيد المسيح حبا يتحرك فى كل موضع مع جميع الناس وكل من اتصل به نال نصيبا من حبه فكان يجول يصنع خيرا ، وكان يمر بالمرضى يشفيهم، الحزانى يعزيهم، ومن اهتمام السيد المسيح بوصية المحبة قال، إنها الأولى فى الشريعة إذ " تحب الرب إلهك من كل قلبك، وتحب قريبك كنفسك، وتعنى كلمة قريبك كل إنسان لأن كل البشر أقرباء حيث إننا جميعا أبناء لأب واحد هو آدم، وأم واحدة، هى حواء. أضاف البابا: "وصلت قمة الدعوة إلى المحبة عند السيد المسيح فقال: "احبوا أعداءكم باركوا لعينيكم، احسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويبغضونكم، وإن سأل أحد قائلا: ماذا أفعل إن لم أستطع أن أحب عدوى أن يكون الجواب على الأقل إنك لاتكرهه ولا تحمل له حقدا فى قلبك، بل بالحرى تسامحه وتغفر له وتصلى لأجله، ومن اهتمام المسيح بالمحبة، قال إن الله محبة، ونحن أيضا نحب الله الذى أوجدنا إذ لم نكن، والذى يرعانا ويحفظنا، ليتنا نعيش فى هذا الحب، الذى علمنا المسيح إياه فنحب بعضنا بعضا ونحب هذا الوطن العزيز الذى نعيش فيه ونعيش فيه ويعيش فينا، ونطلب له السلام من جميع الأعداء المتربصين بنا، أن مصر تستحق كل بركة، وقد باركها الرب فى سفر أشيعياء النبى حينما قال: مبارك شعبى مصر. عقب إلقاء كلمته، شكر البابا شنودة الرئيس وكل الحاضرين من الوزراء والسفراء ورجال الدولة والإعلاميين والفنانين وشكر على الإفراج عن الأقباط الذين كانوا محتجزين فى أحداث كنيسة العمرانية ولم يخص البابا فى شكره كعادته أسماء كبار الحاضرين ولم يصفق أحد طوال الاحتفال بالعيد.. وكانت أجواء الحزن تخيم على صلاة العيد وكانت الإجراءات الأمنية قد سببت مزيدا من الحزن، فالأقباط كانوا يرددون: هل أصبحت الصلاة فى الكنيسة عملا خطيرا غير آمن؟ وقد حضر لأول مرة صلاة عيد الميلاد السيد علاء مبارك، وحرمه.. ومعه جمال مبارك، أمين عام لجنة السياسات والسيدة حرمه، إضافة إلى الفنان عادل إمام، والفنانة يسرا ونقيب الفنانين أشرف زكى والداعية عمرو خالد وحمدى خليفة نقيب المحامين، ونقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد، وأسامة سرايا، رئيس تحرير الأهرام، وقد انصرف القداس مبكرا وليس كعادته، حتى إن البعض وصف قداس عيد الميلاد بأنه أشبه بقداس صلاة الأربعين، التى تصلى على أرواح من رحلوا، بعد أربعين يوما من موتهم.