أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أهمية تحقيق التوافق حول خطة انتقال للسلطة في سوريا من شأنها أن تضمن انتقالا شاملا للحكم وتحفظ وحدة الأراضي والشعب السوري وتنهى العنف في البلاد. وقال الملك عبد الله الثاني -فى مقابلة مع محررة الشئون الدولية في مجلة لونوفيل اوبزرفاتور الفرنسية الواسعة الانتشار سارة دانييل، وزعها الديوان الملكي الهاشمي مساء اليوم "السبت"- "يجب أن تشعر كل فئة في المجتمع السوري، بمن فيهم العلويون، أن لهم دورا في مستقبل البلاد"، محذرًا من العواقب الخطيرة التى ستقع على المنطقة بأسرها نتيجة التشرذم أوانهيار الوضع الداخلي في سوريا. وشدد على أهمية الإجماع على عملية انتقال سليمة للسلطة في سوريا لتقليص فرص بروز حالة من الفراغ الذي قد تملأه العناصر المتطرفة التي تستغل احتمالية انهيار الدولة السورية والأوضاع "الجيوسياسية" فى سوريا لتأجيج حالة عدم الاستقرار والصراع فيها وتهديد المنطقة. وفيما يتصل بعملية السلام، أكد العاهل الأردني أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو السبب الرئيسي لانعدام الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، معتبرا أن إيجاد حل لهذا الصراع يشكل أولوية السياسة الخارجية الأردنية. وأردف قائلا "أنا أرى بوضوح وجود فرصة للوصول إلى حل للصراع لا يمكننا أن نفوتها من جديد.. وسوف تبرز هذه الفرصة ابتداء من الشهر القادم بعد الانتهاء من تسلم الرئيس الأمريكي باراك أوباما لسلطاته في فترته الرئاسية الثانية، وإجراء الانتخابات الإسرائيلية". وأشار العاهل الاردنى إلى أن هناك عدة عوامل ستجتمع معا لتسهم فى إعطاء دفعة قوية لحل الصراع الممتد على مدى 65 عاما قبل أن يفوت الأوان على تحقيق حل الدولتين، من بينها الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي الذي يفهم بشكل عميق تعقيدات هذا الصراع، إضافة إلى تشكل إرادة سياسية قوية عالميا تؤكد الحاجة الملحة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والصراع العربي - الإسرائيلي الأوسع. واعتبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن رفع تمثيل فلسطين فى الأممالمتحدة إلى مرتبة دولة "مراقب غير عضو" يعد إنجازا تاريخيا واستراتيجيا بالفعل، وقال "يجب علينا الآن استثمار ذلك للتأكد من اكتساب عملية السلام الزخم الذى تستحقه، وأن تتجدد المفاوضات، وأن تتطرق إلى كل قضايا الوضع النهائي على أساس حل الدولتين". وفي الشأن الداخلي، قال العاهل الأردنى "إن ما نحاول تحقيقه في الأردن من خلال برنامجنا للإصلاح التدريجي والتحول الديمقراطي النابع من الداخل هو حماية التعددية وترسيخ الضوابط والرقابة التي تحكم الديمقراطية التي تعمل بشكل سليم، وتطوير ثقافة المجتمع المدني النابض بالحياة، وضمان المعاملة العادلة لكل القوى السياسية بحيث تتنافس بشكل عادل في الانتخابات، وحماية حقوق الأقليات وحقوق المواطنين وفقا للدستور". وأكد أن الأردن تقبل "الربيع العربي" وتبناه منذ بدايته، حيث شهد عملية إصلاح سياسي غير مسبوقة وتعديلات واسعة النطاق شملت ثلث الدستور، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية جديدة مثل الهيئة المستقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية، وآليات رقابة أقوى، وتعزيز الفصل بين السلطات، وضمان استقلال القضاء، وعدم تغول سلطة على أخرى. وقال العاهل الأردنى إن الأردنيين سيتوجهون في 23 من الشهر الجاري إلى صناديق الاقتراع "ليحددوا للمرة الأولى ليس فقط شكل البرلمان القادم، بل أيضا الحكومة القادمة، حيث "سنبدأ" تجربة الحكومات البرلمانية، والتي تحتاج لعدة دورات برلمانية لتتطور وتنمو بشكل صحيح بالتوازي مع تطور الأحزاب السياسية في الأردن. وحول تطور الحياة السياسية في المملكة، قال "إن نظام الحكم في الأردن يستند إلى الملكية الدستورية، ويتطور ويتغير مع تطور النظام السياسى، "وبناء على رغبة غالبية المواطنين الذين يساهمون بشكل مباشر في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم".