حولت أمطار الشتاء الغزيرة بعض أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربيةالمحتلة إلى مستنقع من القذارة والمياه التي يحول الجدار العازل الإسرائيلي دون تصريفها. وفي بلدة قلقيلية التي يسكنها 42 ألف نسمة في شمالي الضفة الغربية ويحيط بها الجدار الخرساني بالكامل تقريبا التفت عائلة خالد قنديل حول موقد نار في ركن بينما تتسرب باطراد مياه ملوثة بالقاذورات إلى بستان الكمثري الخاص به. وقال قنديل "قبل بناء الجدار مياه الأمطار كانت تذهب بسهولة باتجاه البحر (المتوسط). بإمكانهم أن يجعلوا الوضع أسهل من خلال جعل الشبك الموجود على مجرى المياه الذي وضعوه خلال الجدار أن يفتح آليا عند وصول المياه إليه لكنهم لا يريدون." وبدأت إسرائيل في بناء الجدار المكون من أسوار معدنية وأسلاك شائكة وكتل خرسانية في عام 2002 ردا على موجة من التفجيرات الفلسطينية. وتوجد قنوات تصريف أسفل الأسوار لكن أبوابها المعدنية الآلية تكون مغلقة في أغلب الأحيان وهي الآن مسدودة بالنفايات والأحجار التي تمنع تصريف مياه الأمطار. ويمنع الجيش الإسرائيلي متذرعا باعتبارات أمنية الفلسطينيين بشكل عام من إزالة الانسداد أو حفر قنوات خاصة بهم قرب الجدار. ومعظم أجزاء الجدار مبنية في أراض محتلة وليس على الخط الأخضر الذي كان حدود إسرائيل الفعلية قبل حرب 1967 . وتعتبر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة الجدار داخل الضفة الغربية غير قانوني. وتقول وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الجدار يؤثر بشكل مباشر في الزراعة والرعي والبيئة لحوالي 170 تجمعا سكانيا. وطوق الجدار سكانا في البلدات الشمالية بالضفة الغربية ليحرمهم من قطاعات كبيرة من الأراضي الريفية مما تسبب في ظهور مكبات قمامة سيئة التنظيم على مسافة أقرب من المزارع والمنازل. فشل تدفق مياه الأمطار في التغطية على رائحة مخلفات الصرف الصحي التي أفرغتها عربة صهريج على طريق زراعي خارج قلقيلية أمس الثلاثاء واختلطت المخلفات الكريهة الرائحة بمياه الأمطار المحملة بالطمي وهي تنسكب مارة بتجمعات أشجار الزيتون على التلال. وقالت أونروا في تقرير "يجري التخلص من الصرف الصحي بالقرب من أراض زراعية أو عليها مما يؤدي إلى تلويث التربة والمياه الجوفية." وفي إطار اتفاقات السلام المؤقتة بين مفاوضين إسرائيليين وفلسطينيين قبل نحو عقدين تم وضع قيود تنظيمية تحد كثيرا من قدرة السكان على إقامة بنية تحتية في مجال المياه أو إصلاح الآبار المعطوبة أو الملوثة. ولكن في الخليل التي كثيرا ما تشهد البلدة القديمة فيها اشتباكات مع مستوطنين يهود سمح تنسيق نادر مع الجيش الإسرائيلي للمسئولين الفلسطينيين برفع الألواح الخرسانية التي تفصل بين الجانبين لتصريف المياه. وقال وليد أبو الحلاوة من لجنة اعمار الخليل "تم إزاحة بعض المكعبات الأسمنتية التي كانت تغلق مجرى المياه نهاية السوق بعد أن وصل ارتفاع الماء في السوق لأكثر من متر, حيث "تم فتح ثقوب في البوابة الحديدية التي أقامها الاحتلال في نهاية السوق." وبعد عشر سنوات على بدء العمل في بناء الجدار ومع عدم شن أي تفجير انتحاري ضد إسرائيل منذ حوالي أربع سنوات هدأت وتيرة بناء الجدار وسط معارضة جماعات محلية ومنظمات دولية. وحثت المحكمة العليا بإسرائيل وسلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية الشهر الماضي الجيش على عدم بناء الجدار قرب قرية بتير خوفا من أن يضر ذلك بممرات ري تعود لألآف السنين. وقال سكان في قرية الولجة القريبة إن استخدام الديناميت والأساسات الحجرية في تدعيم جزء من الجدار الخرساني أثر سلبا على نوعية التربة وأعاق التدفق الطبيعي للمياه من التل باتجاه القدس. ويعارض محليون بل وبعض المستوطنين الإسرائيليين المجاورين خطط استكمال الجدار ومحاصرة القرية من جميع الجهات مع السماح ببوابة واحدة للدخول والخروج. ويرى المستوطنون المعارضون أن الجدار غير ضروري في ظل الهدوء الحالي.