عام ونصف العام مرت على وجود النقابات الفنية الثلاث "التمثيلية-السينمائية-الموسيقية" منذ انتخابها، والتى بدأت عهداً جديداً بعد الثورة، شكل في دورها السياسي والمجتمعى، لم تكن النقابات الثلاث بعيدة عن الشارع السياسي، بل كانت وطيدة الصلة به. وتجلى ذلك في المشاركة في الوقفات السياسية أو اختيار بعض النقباء للتواجد في بعض المواقع المهمة مثل اختيار أشرف عبد الغفور، نقيب المهن التمثيلية في عضوية المجلس الاستشارى، ومن بعدها اختياره في تأسيسية الدستور هو ومعه نقيب الموسيقين إيمان البحر درويش، والذى كان من ضمن القائمة الاحتياطية لتأسيسية الدستور، والتى انسحب منها في البداية. ورغم أن كل نقيب من النقباء الثلاثة، جاء بعد فرحة عارمة وتأييد كبير من أعضاء نقابته باستثناء نقيب المهن السينمائية، مسعد فودة الذى قوبل برفض كبير بعد حصوله على المنصب بسبب انتماءاته للنظام السابق، وإهدار المبلغ المخصص لتطوير النقابة حسبما كان يؤكد أعضاء النقابة خلال فترة الانتخابات، ولكن فودة استطاع امتصاص هذا البركان كثيراً، من خلال إعلانه تضامن النقابة في كل الأحداث السياسية التى يعيشها الشارع السياسي المصري، وتدخله في احتواء كثير من المواقف الهامة كان آخرها تدخله في الإفراج عن عضو النقابة المنتج الفنى هيثم فاضل في أحداث الاتحادية، والذى ظل يتابع أزمته على مدار 48 أكثر ساعة في تحقيقات النيابة، ذهب فيها إلى معسكر الجبل الأحمر لمعرفة تطورات الأمر. ولعل نقابة السينمائيين كانت الأهدأ خلال العام ونصف العام الماضيين في أزماتها، ولم تحدث ما أحدثته غيرها من النقابات الأخرى من ضجة في الوسائل الإعلامية، مثل نقابة المهن الموسيقية على سبيل المثال والتى تعد صاحبة المركز الأول في الأزمات كانت بداياتها بإصدار النقيب الفنان إيمان البحر درويش، قراراً بمنع الفنانة شيرين عبد الوهاب من الغناء في مصر، والتحقيق معها في واقعة سبه وقذفه في إحدى البرامج على خلفية منع وزير الثقافة التونسي لها من الغناء في مهرجان قرطاج، وهو الأمر الذى رأته شيرين يحمل تخاذلاً من النقيب على حد وصفها إلا أن درويش كان يؤكد أن السبب الرئيسي للأزمة ومنعها عن العمل، هو رفضها المشاركة في "كتيبة الخير" وهو المشروع الذي كان سيخصص دعمه لصالح صندوق النقابة. وتتوالى أزمات "الموسيقين" ليعلن بعدها النقيب في مؤتمر صحفي عن الكشف عن قضايا فساد مالى بالنقابة متهم فيها بعض الأعضاء بتحصيل الإيصالات الخاصة بالرسوم علي نسب الحفلات الموجودة في دفاتر النقابة لحسابهم الشخصي، بعدها قام أعضاء المجلس بسحب الثقة من النقيب، متهمين إياه بارتكابه مخالفات مالية جسيمة تتطلب التحقيق فيها، وتتصاعد الأزمات لتنتهى مؤخراً بأزمة النقابة الأخيرة والتى تردد فيها أن عضوها مصطفي كامل قام بمطاردة النقيب على سلالالم النقابة بالسلاح وهو الأمر الذى نفاه كامل في تصريحاته ل "بوابة الأهرام"، في حين جاء جواب النقيب أن أعضاء النقابة اتهموه باقتحام النقابة ومعه 28 بلطجيًا، وقرر أنه كان ذاهباً في الأساس لصالح اعتصام بعض أعضاء الجمعية العمومية، الذين تعطلت مصالحهم حسب رواياته هو ل"بوابة الأهرام" مؤكداً أن مصطفي كامل سيمثل أمام محكمة الجنايات قريباً، بعد أن اتهمه بسرقة 15 ألفًا من أموال النقابة، وهى التهمة التى تم تبرئته منها. أما نقابة المهن التمثيلية، فقد انشغل نقيبها الفنان أشرف عبد الغفور في العمل السياسي، الذى كان يتم ترشيحه له من وقت إلى آخر سواء بالنسبة لعضويته في المجلس الاستشارى ثم الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، في حين كان الفنان سامح الصريطى وكيل النقابة، هو المتصدر الدائم للمشهد في جميع الأحداث التى تشهدها النقابة، ومعلناً مواقف النقيب والأعضاء من كل الأحداث التى تعيشها مصر. ولعل شعبية نقيب الفنانين، أشرف عبد الغفور، قد تأثرت قليلاً في بداية العام الماضي، تحديداً بعد واقعة زيارته للمرشد العام، محمد بديع، حيث أثار الأمر حفيظة الكثير من الفنانين، مشيرين إلى أنها لم تكن زيارة خاصة، ولكن ذهب فيها حاملاً صفته النقابية، معتبرين الزيارة إهانة لهم، وهو الأمر الذى فسره عبد الغفور بأنها كانت زيارة شخصية ودية ليس بصفة عمله كنقيب، ولكن عبد الغفور نجح في امتصاص الأزمة بعد ذلك عندما أعلن تضامنه الكامل مع الفنان عادل إمام في قضية ازدراء الأديان وتواجده في جلسات القضية، ثم موقف النقابة مع أزمة الفنانة إلهام شاهين الأخيرة، وأخيراً إعلانه انسحابه من تأسيسية الدستور.