لم تشهد السينما المصرية حالة ارتباك وهبوطا وترديا فى مستوى أفلامها، التى تعرض على مدار أشهر السنة كتلك التى شهدتها هذا العام، بل ولم تحقق الأفلام التى عرضت منذ شهر يناير عام 2011 وحتى هذه اللحظة نصف تكلفتها، لدرجة أن بعضها لم يتجاوز إيرادته نصف مليون جنيه. كان العام الماضى 2011 قد ترك للعام الحالى، الذى يقترب من الرحيل تركة ثقيلة، إذ فشلت كل أفلامه فى أن تحقق أى نجاح على المستوى التجارى، برغم أن بعضها مثل فيلم "أسماء" لهند صبرى كان قد حقق نجاحا على المستوى الفنى والنقدى أيضا. وكان كل المنتجين على علم بأن المغامرة بإنتاج كبير قد لاتعود على أى شركة إنتاج بفائدة، بل قد تكون هى الخاسر الوحيد، من منطلق أن النجوم يتقاضون أجورهم كاملة، وهو ما حدث مع نجمين كان الجمهور يعول عليهما كثيرا فى تحقيق طفرة فى نهاية عام 2011 وعرضا فيلميهما فى الشهرين الأولين للعام الحالى 2012، وهما أحمد حلمى بفيلمه "إكس لارج" وأحمد مكى بفيلمه "سيما على بابا"، وخابت توقعات الجميع فى بطلي الفيلم ومنتجيهما والجمهور أيضا، الذى صدم فى الفيلمين كونهما لم يكونا على نفس مستوى أعمالهما السابقة. واعترف النجمان بأن ما قدماه كان مغامرة غير محسوبة وتحديدا أحمد مكى الذى كان نجم العام بمسلسل "الكبير قوى" آنذاك فى جزئه الثانى، حيث قدم فيلما من جزئين وهو ما لم يعتده المشاهد المصرى فى السينما المصرية، خصوصا الأفلام التجارية. ولم تكن حال عام 2012 بأفضل من سابقه 2011 بل هو الأسوأ على كل المستويات، جاءت موضوعات معظم أفلامه معبرة عن شريحة مكروهة فى المجتمع المصرى وهى "البلطجة"، ولم يكن المشاهد لديه القدرة على تعزيز حالات الخوف التى فرضتها الظروف المحيطة به من الانفلات الأمنى بحالات مماثلة على الشاشة، وحتى عندما حاول صناع هذه الأفلام تخفيف حدتها بالأغانى والرقصات الشعبية لم تقدم جديدا برغم نجاح أحد هذه الأفلام بهذه التوليفة وهو "عبده موتة" للممثل محمد رمضان ومعه عناصر التوليفة راقصة هى دينا ومطربة شعبية هى بوسى، وحتى تامر حسنى الذى استغل منتج سلسلة أفلامه عمر وسلمى التركيبة الناجحة فى جزئين فقدم ثالثا منها لم يحقق نجاحا. وقد راهن كثيرون على أن الوضاع بعد تولى الرئيس محمد مرسى مقاليد الحكم وتراجع حدة الخوف من سيطرة التيارات الدينية على الفن، أن الجمهور سيقبل على السينما فقدم أحمد عيد فيلم "حظ سعيد"، وكان حظه عثرا وجاء فيلم "ريكلام" لغادة عبد الرازق بكل ما فيه من مشاهد وعبارات وخارجة ليتصدر مشهد الجدل السينمائى لنشوب خلافات بين بطلتية رانيا يوسف وغادة عبد الرازق والمخرج لاتهام الأولى مخرجه بأنه حذف مشاهدها لحساب غادة، وحاول الفيلم أن يحقق إيرادات ملموسة لكنه فشل فى منتصف الطريق، بعد هجوم النقاد على مشهد لغادة عبد الرازق تعبر فيه عن حالة شذوذفرفضته الأسرة والنقاد أيضا. ولجأ المنتجون الى حيلة عرض المخزون من أفلامهم لأنه لا فائدة من تخزينها وتأجيلها لعام آخر وهو ما حدث عند عرض فيلمى "واحد صحيح" لهانى سلامة، و"جدو حبيبى" لمحمود ياسين ومر الفيلمان على دور العرض مرور الكرام، وكأن أحدا لم يسمع بهما. وفى ظل حالة التردى والتراجع الشديد فى الإيرادات حاول أحمد السقا ان يقدم تركيبة جديدة بفيلم كوميدى هو "بابا" وخابت توقعاته فلم يتقبله الجمهور فى فيلم كوميدى، وقدم فى غمار المنافسة المطرب حمادة هلال فيلم كوميدى بعنوان "مستر آند عويس" وشاركته البطولة بشرى وظن هلال أنه عندما يقدم فيلما كوميديا بالأطفال وبأغنية عن أشهر تيمة دخلت مصر للأطفال وهى تيمة "سبونش بوب " الكاراتونية، إنه سينال من هذا النجاح جانبا لكنه لم يحظ به. ولم يكن محمد هنيدى أكثر حظا من السقا أو أى ممن سبقوه، بل جاء فيلمه "تيتة رهيبة" برغم المجهود المبذول فيه ومشاركة سميحة أيوب على غير المتوقع، وكأنها ليست عيوب سينما بل ظاهرة عامة أصابت المشاهد فلم يعد ينتظر جديدا من أى نجم. وعندما جاء موسم عيد الأضحى الذى مازالت بعض أفلامه تعرض حتى الآن كانت هناك توقعات بأن الجمهور زهق من المظاهرات والاعتصامات وسيشاهد أى شىء، حتى ولو قدم له أحمد السبكى اسكتشات كما حدث فى فيلم "مهمة فى فيلم قديم" لفيفى عبده، لكن الجمهور خيب ظن الجميع وخسر السبكى وغيره من المنتجين الرهان، ومع هذا كان بعض نجوم هذا العام محظوظين ومنهم محمد رمضان الذى قدم فيلما لم يكن لينجح لولا دينا والمطربة الشعبية بوسى صاحبة أغنية "اه يا دنيا" فى فيلم "عبده موته" الذى يعد أكثر الأفلام التى حققت إيرادات ثم فيلم ياسمين عبد العزيز "الآنسة مامى". وعرضت أفلام طرحها منتجوها ليتخلصوا منها، وكأنها كانت عبأ عليهم ومنها فيلم "30 فبراير" لسامح حسيم و"برتيتا" لكندة علوش و"جوه اللعبة" لمصطفى قمر، وقد يكون أهم هذه الموجة هو فيلم "ساعة ونصف " الذى توقع الجميع أن يكون أهم أفلام 2012، لكن حالة الكر والفر فى الأحداث وتتابعها بشكل درامى ملتهب لم يمنح لا الجمهور ولا النقاد فرصة المتابعة. فحتى آخر أفلام هذا العام "مصور قتيل" للممثل الأردنى إياد نصار والذى عرض فى مسابقة مهرجان القاهرة السينمائى، وقدمه منتجه منذ أيام كان حظه عاثرا فقبل عرضه اشتعلت ميادين مصر من التحرير إلى الاتحادية ومدينة الإنتاج الإعلامى مرورا بمصطفى محمود ورابعة العدوية وجامعة القاهرة، فلم يخرج الجمهور ليشاهد سينما بل إما ليتظاهر أو جالسا فى بيته يتابع ما يحدث على الفضائيات.