رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يجتمع بعمداء الكليات لمتابعة العملية التعليمية (صور)    رئيس الجامعة ومحافظ المنيا يتفقدان أعمال تطوير فندق الجامعة دعما للحركة السياحية    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    بحضور وزير التعليم.. قرارات اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالعاصمة الإدارية    رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير العملية التعليمية بالجامعة الأهلية    هيئة الاستثمار تناقش التعديلات المقترحة على اتفاقية التجارة مع دول الكوميسا    محافظ القاهرة يعقد اجتماعًا لمتابعة ملف التصالح على مخالفات البناء    وزيرة البيئة: مصر كان لها دور كبير في الملف محليًا وإقليميًا ودوليًا    الإدارية العليا: وجوب قطع المرافق في البناء المخالف والتحفظ على الأدوات    المصرية لصناعة الرخام: المجمعات الصناعية بالمحافظات تساهم في الاستغلال الأمثل للخامات الطبيعية    وزير المالية: زيادة مساهمة دور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المالى والاقتصادى    الكنيست يصادق على ضم جدعون ساعر لحكومة نتنياهو    كم بلغت حصيلة ضحايا غارات إسرائيل على جنوب وشرق لبنان؟    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    عاجل:- بنيامين نتنياهو يحرض الشعب الإيراني ويهاجم قيادته: "إسرائيل تقف إلى جانبكم"    شهية «جوميز» مفتوحة في الزمالك و«الجزيري» يجدد و«كوستا» يوقع و«بيكهام» يقترب    زغلول صيام يكتب: كل يوم حكاية مع وزير شباب ورياضة.. المهندس خالد عبد العزيز (4)    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    كرة نسائية - وادي دجلة يدعم صفوف فريق السيدات ب 5 صفقات جديدة    مصرع شاب وإصابة آخر في انقلاب سيارة ثلاجة بطريق الأقصر    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    غدا.. انخفاض طفيف بالحرارة وفرص أمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 30 درجة    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    وصول مؤمن زكريا إلى مقر النيابة لسماع أقواله فى اختلاق واقعة السحر    الخميس.. فرقة المسرح المصري تقدم عروضها بنقابة الصحفيين    تفاصيل فعاليات مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية.. تنطلق غدا    وزارة الثقافة تعلن فتح باب التقديم لجائزة الدولة للمبدع الصغير غدا    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    فلسطين.. العنوان الأبرز فى جوائز هيكل للصحافة    إطلاق جائزة خالد خليفة للرواية    فحص 1299 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بقرية الخوالد في كفر الشيخ    صحة المنوفية: الانتهاء من فحص 13434 طالب في اليوم الثاني لمبادرة الأنيميا    لا تهمل صحتك.. عادات يومية تمنع الإصابة بالنوبات القلبية    حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 95 مليونا و681 ألف خدمة مجانية خلال 60 يوما    وكيل شعبة الكهرباء يحذر: 5 أجهزة في بيتك الأكثر استهلاكا    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    الشرطة اليونانية تعثر على جثتين في غابة بالقرب من مدينة كورينث    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصاعد الخلافات في تونس.. إضراب عام بعد غدٍ.. ومخاوف من "خميس أسود" جديد
نشر في بوابة الأهرام يوم 11 - 12 - 2012

يسابق الساسة والشخصيات الوطنية في تونس عقارب الساعة من أجل التوصل إلى مصالحة بين حركة النهضة الإسلامية أكبر حزب في البلاد، والتي تقود الائتلاف الحاكم، وبين الاتحاد العام التونسي للشغل تلك المنظمة النقابية العريقة في تونس قبل حلول موعد الإضراب العام المزمع بعد غد الخميس.
ويعيش الشارع التونسي على وقع توتر بين قطبي الساحة منذ أسابيع قليلة.
ومع أن هذا التوتر ليس الأول من نوعه إلا أنه يخشى هذه المرة من أن يفضي الأمر إلى عواقب وخيمة ليس على الوضع الاقتصادي الهش في البلاد فحسب وإنما أيضا على الاستقرار الاجتماعي وعملية الانتقال الديمقراطي المتعثرة أصلا في تونس.
ويتمتع الاتحاد العام التونسي للشغ ، أكبر منظمة نقابية في البلاد، بسجل نضالي ناصع في منتصف القرن الماضي أي منذ تأسيسه عام 1946 كما يتمتع بنفوذ سياسي واسع.
ولعب الاتحاد دورًا محوريًا في مقاومة الاستعمار الفرنسي إلى حين استقلال تونس عام 1956 وخاض مواجهات دامية مع نظام الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.
كما وجه الاتحاد الضربة القاضية لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في آخر مظاهرة أمام مقر وزارة الداخلية يوم 14 يناير عام 2011 قبل إعلان سقوط النظام وفرار الرئيس خارج البلاد.
ومع ذلك، فإن عددا من قيادات الاتحاد تلاحقه شبهات بالفساد في ظل النظام السابق كما يأخذ عليه حقوقيون ومعارضون مهادنة نظام القمع والديكتاتورية خلال سنوات الجمر وإحجامه حتى عن الإضرابات العامة طيلة 23 عاما من حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
ومنذ صعود الإسلاميين إلى الحكم بعد الثورة تتسم علاقة الاتحاد بالحكومة المؤقتة ، التي تقودها حركة النهضة مع حزبي المؤتمر والتكتل العلمانيين بالتوتر ، ولي الذراع في كثير من المسائل الخلافية.
وقال المنسق العام لحركة النهضة الإسلامية ونائب رئيس الحركة عبد الحميد الجلاصي، لوكالة الأنباء الألمانية: "يملك الاتحاد تاريخا نضاليا عريقا وكثير من النقابيين النهضويين هم جزء من الاتحاد وهو ملك للشعب وشريك في بناء الثورة لكن هناك مشكل مع أطراف شيوعية ذات دور سياسي وحزبي مباشر داخل الاتحاد".
وأدى هجوم قادته جماعات تنتسب إلى روابط حماية الثورة المقربة من حركة النهضة على المقر المركزي للاتحاد العام للشغل بالعاصمة بينما كان النقابيون يستعدون لإحياء ذكرى اغتيال المناضل فرحات حشاد إلى حالة احتقان وتجييش للشارع.
ويتهم الاتحاد حركة النهضة بإدارة مليشيات تحت لافتة "رابطات حماية الثورة" ضده وضد الأحزاب المعارضة بينما تتهم الروابط المنظمة النقابية بتأجيج الاحتجاجات ضد الحكومة المؤقتة في المحافظات.
وقال قاسم عفية الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل ومنسق الإضراب العام ل: "لقد تم الاعتداء علينا في عقر دارنا، نحن مع الحكومة في أن تقوم بواجبها وتطبق القانون".
وأضاف عفية :"نطالب الحكومة بمحاسبة المعتدين ومحاكمتهم وحل رابطات حماية الثورة التي تمارس عنفا ممنهجا بإدارة قيادات من حركة النهضة".
وبلغ التوتر ذروته في أحداث سليانة التي بدأت في 21 نوفمبر الماضي وامتدت على مدى أسبوع وانتهت بقمع احتجاجات الآلاف من المتظاهرين والمعتصمين من أجل التنمية وإقالة المحافظ،عبر الغاز المسيل ورش الذخيرة على أيدي قوات الأمن ما أدى لإصابة أكثر من 200 متظاهر.
ويبدو أن الروابط لم تتفهم هذه الاحتجاجات التي دعمها الاتحاد الجهوي للشغل بالجهة والأحزاب المعارضة والتيارات اليسارية المقربة منه وردت الصاع في أول فرصة تزامنت مع احتفائه بذكرى اغتيال زعيمه النقابي فرحات حشاد في الرابع من ديسمبر الجاري.
لكن الاتحاد أعلن عن نفسه بقوة في الشوارع في رسالة مبطنة إلى الحزب الحاكم،حيث أعلن عن إضرابات جزئية وأطلق مسيرات في عدد من المحافظات شارك فيها الآلاف من النقابيين وأنصار الاتحاد وأحزاب معارضة.
وردت روابط حماية الثورة بمسيرات حاشدة مؤيدة للحكومة ومطالبة بتطهير الاتحاد ومحاكمة رموز الفساد، لكنها لم ترق إلى حجم المسيرات التي قادها النقابيون.
ولا يزال التوتر على أشده بين القطبين فيما لم تعد تفصل سوى أيام قليلة عن موعد الإضراب العام المقرر الخميس في كامل أرجاء تونس وهو الأول من نوعه منذ عام 1978 .
وقال نائب رئيس حركة النهضة ل: "نعتبر قرار الإضراب العام خطير ومفاجئ وخارج السياق وتحركه مجموعات واهية لأن الحكومة كانت أقرت زيادات في الأجور هي الأكبر في تاريخ البلاد نحن نرى أن الإضراب ينطوي على مطالب سياسية".
ويمكن أن يوجه الإضراب العام ضربة مؤلمة إلى الاقتصاد الوطني الذي يعاني من تعثر نسق النمو ومحدودية الموازنة وعجز تجاري يقدر بأكثر من ستة مليارات دولار ونسبة بطالة في حدود 6ر17% في ظل تحديات تنموية هائلة خاصة في الجهات المحرومة بالجنوب والشمال الغربي من البلاد حيث تتعدى نسبة الفقر أكثر من 30%.
وقدر خبراء الاقتصاد في تونس الكلفة المباشرة للإضراب المتوقع بين 200 و400 مليون دينار(127 مليون دولار إلى 254 مليون دولار).
وقال وزير المالية بالنيابة سليم بسباس إن الإضراب العام سيكلف المجموعة الوطنية ما بين 600 و800 مليون دينار بخلاف الأضرار التي ستلحق بصورة تونس لدى المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية وشركائها في الخارج.
وصرح عفية قائلا: "نحن مضطرون للإضراب، لسنا مصرين عليه ولكننا مصرين على الدفاع عن كرامتنا وعن كرامة تونس لأن الاعتداء على الاتحاد هو اعتداء على تونس".
وأضاف :"تم الاعتداء على الاتحاد من أجل مواقفه من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. الاتحاد هو ضمير الشعب".
وفشلت حتى الآن جميع الوساطات التي قادتها شخصيات وطنية من أجل رأب الصدع بين الطرفين.
وتعارض حركة النهضة شروط الاتحاد قبل تعليق الإضراب، وتقول إنها ذات سقف سياسي عال، بينما تعتبر الدعوات لحل الروابط شأنا قضائيا ولا يخص الحكومة.
وقال الجلاصي: "نخشى من ردة فعل جماهيرية نحن منفتحون على الحوار والوساطات ونعول على الحكماء والعقلاء في البلاد".
ولا تقف مخاوف المراقبين من الإضراب العام عند الكلفة الاقتصادية فقط ، فتاريخ الإضراب المعلن أحيا آلاما قديمة لآخر إضراب عام في كامل أرجاء البلاد والذي يعود ليوم 26 فبراير عام 1978 .
وبالنسبة لعدد من السياسيين المخضرمين فإن هناك نقاط تشابه كثيرة بين إضرابي 1978 و2012 على الأقل من حيث الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بهما.
ولطالما اتهم بورقيبة الرئيس الأول لتونس بعد الاستقلال حتى عام 1987، المؤسسة النقابية بالتستر على المعارضين المحسوبين على التيار اليساري الماركسي الذي نشط بقوة في تونس خلال تلك الفترة،في وقت كانت تصنف فيه دولة الحزب الواحد آنذاك العمل النقابي ضمن "الوحدة الوطنية"، بدليل أن العديد من القيادات النقابية في تلك الفترة كانوا أيضا أعضاء ضمن الديوان السياسي للحزب الحاكم.
لكن المنعرج الخطير بدأ مع إعلان القيادات النقابية الانسحاب من الحزب في محاولة لفك الارتباط بين المؤسسة النقابية والسلطةالسياسية.
وبدأ الاحتقان في "صائفة" عام 1977 من القرن الماضي حينما انهار المنوال التنموي الليبرالي ونموذج "المجتمع الوسط" الذي أرساه الوزير الأول الراحل الهادي نويرة،وألحق أضرارا كارثية بالنسيج الاجتماعي مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وتدهور قدرة العمال الشرائية مقابل ثبات الأجور.
وعزز الوضع السياسي المغلق في البلاد من نقمة الشارع والنقابيين في ظل هيمنة الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم آنذاك على كامل مفاصل الدولة ومنح رئاسة الجمهورية مدى الحياة للرئيس بورقيبة.
ومع إقامة المحاكمات ضد رموز اليسار وانتشار أنباء عن محاولات اغتيال لقادة نقابيين أصبح الحديث متواترا في تلك الفترة عن "التيار الفاشستي" و"عصابة اليد الحمراء الجديدة" و"نزعات الإرهاب والتصفية الجسدية".
وفشلت تحركات التهدئة بين الاتحاد والحكومة بينما تم الإعلان عن إضراب عام في 26 فبراير من عام 1978 وكان ذلك بمثابة إعلان للمواجهة التي تحولت إلى صدامات في الشوارع بين المتظاهرين وقوات الأمن المدعومة بمليشيات الحزب الحاكم.
واستدعت حالة الانفلات في المدن إلى نزول الجيش لأول مرة إلى الشوارع وإطلاق الذخيرة ما أدى إلى سقوط مئات من القتلى في يوم أطلق عليه "الخميس الأسود".
وتمّ اعتقال عدد كبير من النقابيين كما حوكم أكثر من ألفي مواطن بتهمة التآمر على أمن الدولة.
وعلى خلاف بورقيبة فإن أكثر ما تطمح إليه السلطة الحاكمة اليوم هو إعادة تعريف دور الاتحاد وتحييده عن اللعبة السياسية والتوازنات الحزبية في البلاد قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وقال الجلاصي: "السياق مختلف، النظام في عام 1978 كان استبداديًا والحكومة ليبرالية والاتحاد كانت تقوده نخبة نضالية".
وأضاف: "اليوم هناك نظام شرعي منتخب وزيادات كبيرة في الأجور واتفاقات مبرمة مع الاتحاد، الإشكال اليوم في التوظيف الحزبي للاتحاد".
ورد قاسم عفية: "التوظيف الحزبي للاتحاد شماعة رددها بورقيبة ومن بعده بن علي، إن تأشيرة العمل النقابي هو سياسي بامتياز"، وأضاف :"نعم نحن نمارس السياسة لكن السلطة لا تعنينا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.