دور أجهزة الاستخبارات بالغ الأهمية فى مواجهتها دورة ظهورها أصبحت قصيرة وتمتد من أربع إلى خمس سنوات.. والوباء المقبل يلوح بالأفق العلماء يحذرون: تأمين المختبرات لا يحظى بالاهتمام.. ونهاية كورونا تمثل بداية عصر الأوبئة تداعيات جيو- سياسية تنجم عن انتشار الأوبئة فى حاجة إلى تدخل عاجل مكتشف وباء إيبولا: نعيش عصر الأوبئة لعجزنا عن الانسجام مع الطبيعة.. والفيروسات تتمتع بذكاء حاد العلماء يؤكدون على أهمية العمل «الاستباقى لا الدفاعى».. وإنشاء مكتبة للجينات الفيروسية ضرورة تحديث أنظمة الإنذار المبكر وبروتوكول السلامة البيولوجية بالمطارات 20 % من مدن العالم دخلت «حزام الأوبئة».. جنوب شرق آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية يمثلان «بؤراً ساخنة» بينما الحرب ضد فيروس كورونا لم تضع أوزارها، فإن العالم يخشى من أن يباغته فيروس آخر يفتح جبهة جديدة، وباتت أسئلة كثيرة على أطراف الألسنة عن التوقيت وهل هذا أمر وارد الحدوث؟ ومتى وأين ولماذا وكيف يتم ردعه؟ وسائل الإعلام العالمية تعج بدراسات تؤكد أن فيروس كورونا دشن لحقبة جديدة من عصر الأوبئة تنتشر كنبات الفطر وعلى العلماء التأهب، فالأمر ليس خيالا علميا ولا سيناريو من أفلام هوليوود، لكنه غزو سيطرق الأبواب بأسرع مما نتخيل وإدارة ظهرنا له أو الإنكار لن يفلح بل سيحرمنا من عوائد الاستنفار،علماً بأن الوضع الحالى للأوبئة، بات يستدعى تدخلا فوريا لأجهزة الاستخبارات العالمية، وإلا فالقادم سيكون تكلفته أكبر بكثير من الحروب التى شهدها العالم، وخسائره المادية والبشرية لن تجد من يحصيها، فالأمر جد خطير. ما الجديد فى مواجهة كورونا والفيروسات ما ظهر منها وما بطن؟ سؤال يتبادر إلى الذهن المتقد، فالسجل التاريخى للفيروسات قديم وصحيفتها الجنائية زاخرة؛ فكم من المرات التى استوطنت فيها خلايا البشر لتفتك وتقتل بلا هوادة، لكن أخيرا طفت على مسرح الأحداث متغيرات فى وتيرة ظهورها، حيث بدت الفترات الزمنية التى تفصل بين وباء وآخر قصيرة للغاية، ولسوء الحظ فإنها مرشحة للتقارب أكثر وأكثر. فقد شهدت الفترة الممتدة فيما بين عامى 1980 و2013 طفرة فى أعداد الأمراض المعدية والأوبئة، حيث قفزت إلى نحو 3000 فيروس سنويا مقارنة بمعدلها السابق الذى لم يتجاوز الألف، وذلك وفق بيانات واردة بدراسة تم نشرها بموقع "رويال سوسيتي" التابع لأكاديمية العلوم البريطانية، وسلط عليها الضوء موقع "فورتشن". تصريحات صادمة للعلماء تفيد بأن الأوبئة الحديثة قد تظهر كل أربع أو خمس سنوات! هذا ما ورد على لسان دكتور أندرو دوبسون، أستاذ علم البيئة والأحياء التطورية بجامعة برينستون فى حديثه لموقع "إن بى سى نيوز". صحيفة "سيدنى مورنينج هيرالد" نشرت منذ أيام تقريرا موحيا بعنوان: «نهاية الوباء بعث جديد لعصر الأوبئة» فاللأسف المشهد ليس ورديا كما يتصور البعض واللقاحات ليست نهاية الرحلة، فلا يوجد دليل علمى يدعم التصورات المتفائلة بعودة الحياة لطبيعتها، كما كانت "قبل كورونا" فالمسرح مهيأ لجائحة أخرى تدفعها بقوة عوامل إزالة الغابات، التغيرات المناخية وازدحام المدن، وجميعها تطيح أرضا بفرضية أن كورونا وباء القرن، هكذا يعتقد البروفيسور إدوارد هولمز، الخبير بعلم تطور الأوبئة بجامعة سيدنى. حالة من الفوران والحماس تجتاح أنظمة العالم أثناء وجود جائحة وبائية، لكنها سرعان ما تخمد وتهدأ ويتم سحب الاعتمادات المالية التى تم رصدها، حينما تعود الحياة إلى سابق عهدها، وينزع العالم أسلحة المواجهة ليفاجأ أنها مجرد هدنة! البؤر الساخنة صرخات خوف تنطلق من كهوف البرية والغابات المطيرة وبعض المدن التى تعانى من تدنى منظومتها الصحية، حيث تمثل تلك الأماكن "البؤر الساخنة" على خارطة الوباء القادم مجموعة من المدن دخلت فى حزام خطر الأوبئة لافتقار أنظمتها الصحية للبنية الأساسية اللازمة لرصد واحتواء التهديدات الناشئة، وهى تمثل نحو 20 % من مدن العالم، حيث تمثل بيئة مثالية بامتياز لانتشار أوبئة جديدة دون رصدها، تتصدرها دول جنوب الصحراء الإفريقية وجنوب شرق آسيا، وذلك وفق ما توصل إليه فريق من العلماء بجامعة سيدنى بدراسة بحثية تم نشرها ب«وان هيلث جورنال» خريف العام الماضى، زفت إلينا بشرى غير سارة خلاصتها أن العالم على حافة حقبة الأوبئة. وقد أفضى عدد من العلماء المساهمين بتلك الدراسة إلى صحيفة "تليجراف" البريطانية بأن الدول الواقعة بشبه القارة الهندية وجنوبالصين، تمثل بؤرا مرشحة لانتشار أوبئة قادمة تتصدرها مدينة مومباى بالهند وتشنجدو بالصين، نظرا لأن كلا منهما تعد أهم المراكز التجارية والنقل والاتصالات بالبلاد، ومن ثم تزداد فرصة انتقال العدوى إلى باقى أنحاء العالم عبرهما. وتجدر الإشارة إلى أن مدينة ووهان بؤرة فيروس كورونا وقعت وفق تلك الدراسة فى نطاق الخطر البرتقالى، بينما تم صبغ المناطق الواقعة جنوب غرب الصين باللون الأحمر. مطاردة غير متكافئة إنها بلا شك مطاردة غير متكافئة بين العلماء والفيروسات، خصوصا فى ظل انتشارها غير المسبوق، فقد أشارت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية إلى أن العقود الثلاثة الماضية شهدت زيادة ملحوظة فى معدل انتشار الأوبئة ذات المنشأ الحيوانى عالميا، والبعض منها لم يجد طريقه بعد للقفز إلى البشر لاستيطان خلاياهم، وما خفى عن العلماء أعظم بالطبع! أحد أبرز هؤلاء المولعين بشغف مطاردة الأوبئة، بل يعد رائدا فى هذا المجال، حيث أسهم فى عملية رصد واكتشاف فيروس "إيبولا" عام 1976 ويٌدعى "بيتر بيوت" أعرب عن قلقه بأن فيروس كورونا قد لا يكون آخر الأوبئة الفتاكة، بل هناك قائمة طويلة يجرها فى ذيله، وقال لصحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية حرفيا: "إننا نعيش فى عصر الأوبئة وأعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد والمزيد منها، وهو ما يرجع إلى عجزنا عن خلق حالة من الانسجام مع الطبيعة، والمسألة مجرد وقت، فالفيروسات تتمتع بذكاء حاد وهى الآن تبحث عن فريستها القادمة". وفى ديسمبر العام الماضى حذر الدكتور "مارك رايان" رئيس برنامج الطوارئ فى منظمة الصحة العالمية من أن الوباء القادم قد يكون أكثر حدة فربما لا يكون فيروس كورونا الأسوأ، لكنه كان بمثابة دعوة لليقظة. تكلفة الردع تتراوح التقديرات المبدئية لمواجهة الوباء القادم، وفق أغلب الدراسات ما بين 22.2 مليار دولار و30.7 مليار، وذلك بحسب ما ورد بالدراسة ذائعة الصيت والمصداقية، والتى تم نشرها ب«جورنال ساينس» الصيف الماضى، وذلك لرصد وتتبع مسار تجارة الحياة البرية بالأساس، كأحد أهم مصادر انتشار الأوبئة، حماية الغابات وتمويل الأبحاث العلمية فى هذا الصدد، ويبدو هذا الرقم متواضعا للغاية مقارنة بالخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأوبئة التى تخرج عن السيطرة، أو مقارنة بإجمالى الإنفاق العسكرى لأكبر عشر دول بالعالم وذلك بحسب ما قال دكتور "دوبسون" لموقع "إن بى سى نيوز". جيمس كراون - خبير علم المناعة بالمركز الطبى بجامعة فانديربيلت، يرى أن تلك التكلفة تبدو ضئيلة للغاية مقارنة بحجم الخسائر الناجمة عن الأوبئة حال تفشيها، وأنه ينبغى علينا أن نعمل بشكل استباقى وليس دفاعيا. وتحتاج الوكالات المتخصصة فى أبحاث الحياة البرية ورصدها لمزيد من الاعتمادات المالية، فيما يقدره البعض بنحو 500 مليون دولار سنويا لتفعيل دورها فى مواجهة الوباء القادم، فقد بلغ حجم التجارة غير المشروعة فى الحيوانات البرية عام 2016 نحو 23 مليار دولار، بحسب البيانات الصادرة عن البنك الدولى. ويرى الخبراء أن الاستثمار فى المجال البحثى بما يشمل "مكتبة لجينات الفيروسات" من شأنه الإسراع بوتيرة الاستجابة وعمليات تطوير لقاحات فاعلة حال ظهور وباء جديد، فضلا عن إعطاء مزيد من الدعم المالى للدول الفقيرة التى تمنح قطاعات أخرى أولوية عن السيطرة على الأوبئة والحد من انتشارها. ومن ناحية أخرى، فإن الاستثمار فى مجال مواجهة الأوبئة يحمل عوائد مالية بخلاف احتواء الآثار الناجمة عن الأوبئة؛ فعلى سبيل المثال، فإن حماية النظام البيئى للغابات سيوفر نحو 18.6 مليار دولار سنويا نتيجة خفض الانباعاثات الكربونية، وذلك بعض ما تضمنه تقرير بالغ الخطورة لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة، حمل عنوان: "كبح جماح الوباء القادم: كيف نقطع سلسة العدوى؟" لعنة اللحوم يحذر العلماء من أن تناول اللحوم يرفع من مخاطر تفشى وباء آخر، وكورونا لا يعدو أن يكون سوى "بروفة"، هذا ما أكده تقرير لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، وقد سبق أن حذر خبراء بهيئة الأممالمتحدة والهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية من أن الصناعات الحيوانية تُعد المصدر الرئيسى لانتشار الأمراض المعدية بين البشر خلال العقد الماضي، فخلال الخمسين عاما الماضية زادت الأمراض ذات المنشأ الحيوانى بمقدار أربعة أضعاف، أو على حد وصف تقرير مهم صادر عن مركز "سى دبليو إف آى" ببريطانيا والمتخصص فى شئون المزارع الحيوانية "الوباء فى طبق طعام!". بالطبع من نافلة القول أن إزالة الغابات تمثل مصدرا آخر لانتشار الفيروسات، وهو أمر بات معروفا، فهناك قلق دولى بالغ عبر عنه تقرير نُشر بوكالة "رويترز" للأنباء أفاد بأن التغيرات فى غابات الأمازون على سبيل المثال تؤدى إلى نزوح العديد من الحيوانات كالخفافيش والقرود والبعوض إلى مناطق جديدة، هذه التحولات جنبا إلى جنب مع زيادة التفاعل البشرى مع الحيوانات تزيد من فرص الإصابة بفيروس أو بكتيريا تقفز من الحيوان إلى الإنسان. خارطة الطريق أمام هذا الزحف غير المقدس للفيروسات ماذا علينا أن نفعل لحماية أنفسنا؟ خارطة طريق لمواجهة الوباء القادم، تشمل العمل على عدة مسارات، أهمها أنظمة الإنذار المبكر، وسرعة الاستجابة، تحفيز التعاون والتنسيق العالمى فى مجال تبادل المعلومات لدعم القدرات الدفاعية العالمية، واستعادة ثقة الرأى العام بالهيئات الصحية بعدما تآكلت مصداقيتها عالميا. أحد أهم وأخطر المحاور التى تعانى من الإهمال تحسين نظم تأمين المعامل تفاديا للآثار الكارثية الناجمة عن أى خطأ غير مقصود قد ينتج عنه تسرب للفيروسات، وهناك حوادث لا تصل إلى الإعلام، لكن بعض الحالات تماثل فى خطورتها الحرب النووية، وتعتمد المختبرات التى تدرس الفيروسات والبكتيريا نظاما يعرف ب"معايير السلامة الحيوية"، وهناك أربعة مستويات تعتمد على أنواع العناصر البيولوجية التى تُدرس والاحتياطات المطلوبة للعزل. لكن خطوات تحسين طريقة عمل تلك المنظومة ومراقبتها، تواجه هى الأخرى بعض الصعوبات، لاسيما تكلفتها الباهظة. دكتور "توم فريدن" - مستشار بمجلس العلاقات الخارجية، ورئيس مركز مكافحة الأوبئة فى الفترة من عام 2009 إلى 2017 - وضع صيغة لأنظمة الإنذار المبكر أطلق عليها "7-1-7"، ترمز إلى ضرورة توافر القدرة لدى كل دول العالم على رصد أية أوبئة تنتشر على أراضيها خلال سبعة أيام من بداية ظهورها، تبدأ إجراءات التحقيق وإعداد تقرير مبدئى على وجه السرعة خلال يوم واحد فقط، وتبدأ فى الاستجابة بأطر مختلفة وواضحة خلال سبعة أيام أخري. بالطبع تطبيق تلك الصيغة أو ما شابه يُعد أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا! والمفارقة أن بعض دول جنوب شرق آسيا تمتلك أنظمة إنذار فاعلة نسبيا مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، ربما لكونها قد اعتادت على التعامل مع تهديدات أمراض الجهاز التنفسى العلوى. "لقد أيقظ فيروس كورونا بداخلنا صحوة بحتمية تطوير المنظومة الصحية العالمية وأنظمة أو بروتوكول السلامة البيولوجية بالمطارات، لتحجيم المخاطر المستقبلية"، هذا ما يراه دكتور مايكل والش، أستاذ الأمراض المعدية، بكلية الصحة العامة جامعة سيدنى- كآلية لمواجهة الأوبئة القادمة، وأضاف لصحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية قائلا: «لم تعد الأوبئة حدثا استثنائيا نشهده كل مائة عام، لكنها باتت تأخذ منحى التكرار بفاصل زمنى قصى». ومنذ سنوات أطلق العلماء مشروعا علميا طموحا يهدف إلى اكتشاف الفيروسات المجهولة فى الحياة البرية، التى قد تتحول مستقبلا لأوبئة قاتلة، وأطلق عليه "مشروع فيروم"، وهو باختصار الذهاب إلى الفيروسات قبل أن تأتى إلينا، كما عبر أحد العاملين به. كنا نود أن نزف إليكم بشرى توديع أقنعة الوجه والمطهرات لتصبح صيحة قديمة، لكن للأسف يبدو أنها تأبى الرحيل إلى صندوق الذكريات! وسوف ترافقنا كدروع للتصدى لأى وباء قادم سواء كان بكتيريا تقاوم العلاجات القائمة، أم عدوى انتقلت من أحد الحيوانات إلى البشر أو هروب فيروس ما من أحد المختبرات عمدا أو عرضا! «الاستخبارات الوبائية».. عملاء بالمعطف الأبيض "الاستخبارات الوبائية" ليست مصطلحا جديدا، لكنه طفا على سطح الأحداث مع تفشى جائحة كورونا، ولعل المثال الأشهر فى هذا الصدد هو "المركز الوطنى للاستخبارات الطبية"، التابع لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية. لكن صدمة كورونا أسفرت عن طلب متزايد، لدور أكبر لأجهزة الاستخبارات العالمية فى عمليات الرصد والتنبؤ بالأوبئة، على غرار ما حدث فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. مقال مهم للغاية نشره موقع "وول ستريت جورنال" فى فبراير الماضى عن الدور الذى يمكن أن تلعبه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سى. آى. إيه" فى جهود التنبؤ والرصد للوباء القادم، وأهمية التنسيق بينها وبين مسئولى الصحة العامة الذين يفضلون دوما النأى بأنفسهم عن تلك الدائرة، خشية أن يعتبر كل من يعمل بالمختبرات جاسوسا محتملا. لكن جائحة كورونا أثبتت أن عملية جمع المعلومات حال تفشى أحد الأوبئة، تحتاج لتضافر الجهود والاستعانة بالأدوات التقليدية للاستخبارات. وهو المنحى الذى تبناه أخيرا "مجلس الأمن القومي" الأمريكي، والانخراط فى عملية رصد مخاطر الأوبئة. فالنواب والدبلوماسيون يطلعون على التقارير الاستخباراتية لا الأوراق العلمية!. موقع "سى بى سي" نشر هو الآخر مطلع العام الجارى تقريرا يصب فى ذات الاتجاه وبأن اللحظة قد حانت لتصدى وكالات الاستخبارات الغربية لمخاطر الأوبئة كالتهديدات الأمنية. فالأوبئة قد تسفر عن تغير بالتوازنات الجيو- سياسية كما قال جريج فليف أحد أبرز المسئولين بالاستخبارات الكندية سابقا. تطور خطير للغاية يتوقعه خبير أمنى سابق بالاستخبارات الكندية، يتمثل فى احتمالية تشكيل تحالف خماسى بين كل من كندا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، بريطانيا، أستراليا ونيوزيلندا لتبادل المعلومات بمجال الأوبئة فى أعقاب جائحة كورونا، وهو أمر قائم بالفعل ولكن بين أربع دول منها فقط، داعيا إلى تبادل المعلومات على نطاق أوسع ليمتد للدول خارج التحالف وتشكيل وكالة للأمن الوبائى. بيل جيتس يدعو لتنظيم «تختة الرمل» كالعادة خرج علينا جوكر الأحداث الملياردير بيل جيتس، محذرا مجددا من وباء أشد فتكا من كورونا، والذى صارت تنبؤاته "تيمة" يتردد إيقاعها تمهيدا لحلقات الدراما الوبائية، داعيا العالم لتنظيم ما يشبه "تختة الرمل" للأوبئة والجراثيم على غرار ما يفعله العسكريون فى نظم محاكاة الحرب. فالعالم انتقل من عصر "البرمجيات" إلى عصر "اللقاحات" و"لعبة الحرب" تحولت إلى "لعبة الوباء" لم تكن تلك المرة الأولى التى يجرى فيها مصطلح "لعبة الأوبئة "على لسان بيل جيتس، بل سبق أن دعا إليها عام 2015 كآلية لردع الأوبئة تفوق أهمية الردع النووى فالميكروبات احتلت مكانة الصواريخ كتهديد عالمي، وتحدث جيتس عن الذعر الذى كان يسكنه حينما كان طفلا من رعب الحرب النووية ومشاهد البراميل المعبأة بعلب الطعام والماء تتكدس بالطوابق السفلية للأبنية للاختباء وراءها لحظة وقوع هجوم نووي، أما اليوم فإن الخطر الحقيقى يكمن فى الفيروسات القاتلة. واستطرد قائلاً: "فى السينما الهوليودية نرى فرقاً من علماء الأوبئة بملامح جذابة على أهبة الاستعداد لمهمة إنقاذ البشر وهذا ما نفتقده على أرض الواقع"!. ولأن جيتس يملك ناصية الإقناع ضرب مثلا بحلف شمال الأطلنطى "ناتو" وبما لديه من وحدات متنقلة سريعة الانتشار وما يقوم به من مناورات، وأن العالم بحاجة إلى قدرات مماثلة للتعامل مع الأوبئة ونخبة من العلماء على أهبة الاستعداد للتصدى لانتشار الأوبئة عالميا. هذا ليس محض خيال علمى، لكنه يجرى من حين إلى آخر، ولعل أشهر "لعبة وباء" تمت بالولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2001، قام خلالها علماء الأوبئة ومجموعة من الصحفيين بأداء أدوار مختلفة عبر سيناريو تخيلى لقيام تنظيم "القاعدة" بشن هجوم بيولوجى بنشر الجمرة الخبيثة "مرض الجدري" بأحد المراكز التجارية الأمريكية. وأُطلق عليها حينذاك "الشتاء الأسود" كشفرة خاصة، وانتهت بحزمة توصيات لرسم خطة الاستجابة الأمريكية فى مواجهة الأوبئة والاستعدادات اللازمة لذلك من توفير مخزون احتياطى للقاحات والتحديات التى تواجهه، عبر مزيد من الأسرة بالمستشفيات وخطط للطوارئ. وكأول استجابة لدعوة بيل جيتس دعا وزير الصحة فى حكومة الظل البريطانية جوناثان أشورت، منذ أيام إلى ضرورة تنظيم "ألعاب محاكاة للأوبئة" بشكل سنوى، قائلا: "أنه من شأنها مساعدة المملكة المتحدة على مواجهة حقبة الأوبئة"، مضيفاً: "أنه ينبغى على المملكة المتحدة إحداث تغيير دراماتيكى فى خططها لمواجهة الأوبئة، للاستعداد للوباء القادم باستحداث هيئة أو وكالة متخصصة فى هذا الشأن على غرار "مكتب مسئولية الميزانية" وهو هيئة مراقبة مالية مستقلة فى بريطانيا. ولأن تلك الألعاب التمثيلية سرعان ما نجد أنفسنا نعايش أحداثها على أرض الواقع فيجب علينا أخذها على محمل الجد فهى ليست "فيديو جيم" للتسلية بل رسائل للتوعية. الاستثمار فى اللقاحات «طوق النجاة» تبدو الدعوات إلى الاستثمار فى قطاع اللقاحات لمواجهة الوباء القادم الغامض مثيرة للسخرية؛ فكيف يمكن تحييد عدو لم تتعرف عليه بعد؟ فضلا عن أنها لم تثبت بعد جدارتها فى القضاء على العدو القائم المتمثل فى فيروس كورونا فهل هى محاولة للهروب إلى الأمام؟ وكيف يمكن لأربابها إقناع رجال السياسة والزعماء بضخ مبالغ خيالية لمواجهة عدو مجهول؟ رغم مشروعية ووجاهة تلك التساؤلات فإن الجهود تجرى على قدم وساق فى معامل اللقاحات التى أعلنت حالة التأهب القصوى. موقع "ميديكال نيوز توداي" نشر دراسة مهمة عن جهود العلماء للتوصل إلى لقاح شامل، حيث يرى العلماء أن الاستثمار فى تطوير لقاحات ذات استجابة لمجموعة واسعة من الطفرات الفيروسية هو "كلمة السر" للاستعداد لمواجهة الوباء القادم. وعلى مدار العشرين عاما الماضية تزايدت الأوبئة بشكل غير مسبوق، وكذلك بنية الفيروسات ذاتها تغيرت كثيرا وقد تكون الفيروسات المستقبلية التى يمكن أن تسبب أوبئة أكثر قدرة على المراوغة. وأشارت مجلة "ناتشير" فى تقرير لها إلى أن العلماء فى مركز سكريبس للأبحاث فى سان دييجو بكاليفورنيا يعتقدون بأن اللقاحات التى تعتمد على الآلية المناعية التى تعمل على "الأجسام المضادة المحايدة" يمكنها أن تستهدف سلالات عديدة من عائلة الفيروسات مثل كورونا والأنفلونزا وهو ما يمكن أن يوفر حماية شاملة ضد السلالات الفيروسية الخطيرة التى قد تظهر فى المستقبل. هذا فضلا عن تقنية "إم آر إن" التى اعتمدت عليها اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، والتى تبشر بثورة فى عالم اللقاحات.