تنساب الذكريات والعبر والدروس المرتبطة بشهر رمضان فى ذاكرة ووجدان الجميع، ومن ذلك ما يرويه دكتور أحمد علام استشارى العلاقات الأسرية عن قصة قرأها فى شهر رمضان فى شبابه ولا تزال حاضرة بقوة لديه، فيقول :» هى قصة رجل اسمه عبد الله كان يجلس أمام منزله فمر عليه أمير البلدة التى يقطنها، و قال له :» تعالى معي» فركب معا السيارة، وذهبا إلى القصر فقال له الأمير : خذ هذه الحقائب، وخذ مفاتيح خزائنى وخذ منها ما شئت ولكن فى خلال 24 ساعة»، فقط ففرح عبد الله للغاية، وأخذ يتجول فى القصر، فوجد أناسا يتسامرون فجلس معهم عدة ساعات ثم وجد شباب يلهون ويلعبون فظل يله معهم عدة ساعات، ثم وجد المطبخ فدخل، وأخذ يأكل ما لذ وطاب حتى نام، ولم يلتفت إلى مابين يديه من ثروة سمح له صاحبها بالحصول على ما يريد منها، واستيقظ على صوت الأمير يقول له:» لقد انتهت ال24 ساعة وما تزال حقائبك خاوية فهيا اخرج من القصر». ويقول د.علام: «إن من يتأمل قصة عبد الله يتعجب من تصرفه وكيف أضاع على نفسه فرصة ذهبية ليصبح من أغنى الأغنياء، فقد انشغل طوال الوقت باللهو وجلسات السمر، ولم يهتم بجمع ثروة بالرغم من أن كل شيء كان أمامه، وكان من الممكن أن يجمع ويأخذ ما يشاء، إلا أنه لم يفعل!».ويتابع قائلا:» وللأسف هناك الكثير من نموذج عبد الله فى الحياة ، يضيعون الفرص تلو الفرص لاسيما الفرص المرتبطة بهذا الشهر الكريم، ومن الهدف من صيام رمضان». عندما كنا صغاراً فى المدرسة كنا نسأل عن الهدف من وراء الصيام، وكانوا يقولون لنا أن الهدف من الصيام هو أن نشعر بالفقراء، فيتبادر إلى أذهاننا مباشرة أن الفقراء أيضاً يصومون، إذن ليس هذا هو وحده، فما هو الهدف الرئيسى ؟، من وجهة نظرى الهدف أو الحكمة من وراء الصيام قد أوضحها لنا الله تعالى فى كتابه الكريم حيث قال :»يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون » فما معنى التقوى ؟عن أبى هريرة - رضى الله تعالى عنه - : « أن رجلاً قال له : ما التقوى ؟ قال : هل وجدت طريقاً ذا شوك ؟ قال : نعم ! قال : فكيف صنعتَ ؟ قال : إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه . قال : ذاك التقوى »لذا فمن المفترض فى هذا الشهر أن نبتعد فيه عن المعاصى ،والصفات السيئة وأن نتمسك بالعادات والصفات الطيبة، وليست فقط هذا إنما يكون شهر رمضان بداية لتمسكنا بتلك الصفات بقية العام . ويقول دكتور علام من أهم هذه الصفات ضبط النفس والبعد عن الغضب والعصبية فيجب على الشخص أن يعرف تماماً أن الغضب عبارة عن عاطفة قبل كل شيء، لذا عليه أن يفكر جيداً قبل أن يتحدث أو يتصرف، لأن كل ما قد يفعله أو يقوله يمكن أن يجعل الوضع أسوأ مما هو عليه فى الحقيقة، كما أن الغضب هو رد فعل عاطفى لا شعورى تلقائى لحاجة يدرك الإنسان أنها خطر عليه أو شئ توقعه لم يحدث فتأتى رسالة من المخ للجسم وبتعمل طاقة وغليان، فتكون ضربات القلب سريعة والتنفس سريع واحمرار الوجه، وقد أجمع كل العلماء أن الغضب من المشاعر السلبية، نعم كلنا نغضب ولكن يجب ان نحاول السيطرة على الغضب، وقد جاء رجل للنبى ( ص ) قال : أوصنى قال : لا تغضب» فردد مرارا فقال لاتغضب ، وجاء فى الحديث عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب).ولكن كيف يمكن التحكم فى الغضب لو حدث لى مايستدعى العصبية ؟ هنا أنصح للتحكم الغضب بالخطوات التالية : أقوم بكتابة خمسة أسباب لإيجابيات التحكم فى الغضب ، وضبط النفس وسلبيات هذا الأمر وقراءتها صباحا ومساء بتركيز حتى أبعث رسائل لعقلى الباطن للتوقف عن الغضب .- أحدد ما الذى يغضبنى ( لماذا اغضب ومتى اغضب ). - إتباعا لتعليمات الدين أقوم بغسل وجهى غسل الوجه أو الوضوء وقت الغضب، تغيير الوضع أجلس أو أقف.التحدث إلى النفس بعدم الغضب.-أمارس نوعا من الرياضة-وقت الغضب أشغل نفسى بشيء آخر كالقراءة أو التفكير فى موضوع آخر أو عمل تمرينات رياضية. وياليتنا نخرج من هذا الشهر الكريم وقد أصبحنا نتمتع بهذه الأخلاق الحميدة كيلا نخرج منه بلا ثروة مثل بطل القصة التى ذكرتها.