يستضيف برنامج "ليالي رمضان" عبر قناة مصر الزراعية في التاسعة مساء اليوم، الخميس، الكاتب طايع الديب، للحديث عن كتابه "الكروان الممنوع". يتناول الكتاب الذي صدرت طبعته الثانية مؤخرا عن دار "حابي"، فصلاً شبه مجهول من فصول الثقافة المصرية، وهو قصة حياة الشيخ عنتر مسلّم، قارئ القرآن الفريد الذي اشتهر بقوة في الثمانينيات من القرن العشرين، والذي وصفه الكاتب الكبير محمود السعدني بأنه "نبتة إلهية" في دولة التلاوة. أثار الشيخ عنتر، وفق الكتاب، جدلاً كبيراً، وانتشرت أشرطته في كل أنحاء العالم الإسلامي، فاتهمه بعض مشاهير القرّاء وقتها، ومنهم الطبلاوي والبنا، بأنه يقرأ بقراءات غير معترف بها من مجمع البحوث الإسلامية، ما دعا الأزهر الشريف إلى إصدار قرار بمنع شرائطه ومصادرتها من أسواق الكاسيت، فضلاً مطاردة الشيخ عنتر في المحاكم، وتشويه سمعته بكل الطرق. ويقول الديب إنه اختار أن يحكي قصة مسلّم - على صعوبتها- لأنه كان "شيخ طريقة" جديدة من نوعها في مدرسة التلاوة المصرية، ولأنه القارئ الوحيد الذي مورست ضده أشكال مختلفة من التضييق والترهيب، من قِبل الأزهر والجماعات الدينية المتشددة في وقت معاً، وهو أمر فريد في الثقافة المصرية، فبعد أن صادر الأزهر شرائط الشيخ عنتر وجمعتها مباحث المصنفات من السوق، هدد عبد الحميد كشك الشيخ عنتر بالإعدام شنقاً، إن لم يكف عن طريقته في القراءة. وهو الأمر الذي دفع الباحث الأمريكي أندرو سايمون، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في "كلية دارتموث" الأمريكية إلى البحث وراء قصة الشيخ، حيث يعمل "سايمون" حالياً على كتاب يسجّل تاريخ مصر الثقافي خلال الخمسين سنة الأخيرة، ويتضمن الكتاب فصلاً عن مسلّم، باعتباره قارئاً مثيراً للجدل، مختلفاً عن عصره، ومختلفاً معه. ويضيف طايع الديب في تصريحات خاصة لبوابة الأهرام: "لقد اختفى مسلّم، ومُنعت أشرطته في مصر، لكنها عرفت طريقها إلى كل قارات العالم، وباتت تُباع على أسوار المسجد الأزرق في مزار شريف، وتنطلق من محلات بيع الكاسيت في لاهور، وتُسمع في حضرات الطريقة الصوفية النقشبندّية بإسطنبول، حتى أصبحت تلك هي السابقة الأولى من نوعها: أن يشتهر قارئ مصري في بلاد لا تعرف اللغة العربية مثل أفغانستان وباكستان وتركيا، بينما هو شبه مجهول في مصر"!. ويتطرق لقاء "ليالي رمضان" أيضاً، إلى دور مدرسة القراءة المصرية في تطوير التلاوة، والنقلة النوعية التي قام بها المشايخ محمد رفعت ومصطفى إسماعيل في هذا المجال، عن طريق المزج بين المدرستيّن الزخرفية والتعبيرية، فضلاً عن أسباب تميّز المقرئين المصريين عن غيرهم من قرّاء العالميّن العربي والإسلامي، وكيف عاد الناس - مرة أخرى- إلى سماع الطبلاوي وعبد الباسط ومصطفى إسماعيل بشغف، بعد أن سيطرت موجة قرّاء الخليج على ذوق المصرين زمناً، خلال التسعينيات وحتى مطلع القرن الحالي، بسبب عمل ملايين المصريين في الخليج العربي. يذكر أن طايع الديب، عضو اتحاد الكُتّاب، صدر له كتاب "جمهورية الضحك الأولى: سيرة التنكيت السياسي في مصر" يناير 2019، وله قيد الطبع، كتابان، هما: "البحث عن دون كيشوت"، وهو مجموعة مقالات نشرها الكاتب في مجلات ثقافية مصرية وعربية. والكتاب الثاني بعنوان "وقُرئ في مصر"، حيث يؤسس الكاتب للمقولة المشهورة في أوساط السميعة والمقرئين حول العالم، بأن "القرآن نزل في مكة، وطُبع في إسطنبول، وقُرئ في مصر". ويتناول الكتاب سير كبار القراء المصريين منذ مطلع القرن العشرين، وسر العلاقة الفريدة بين الموسيقيين والقرّاء الذين كانوا يحملون مدرسة التلاوة لقباً واحداً هو "الشيخ".