د. أحمد مختار من التصالح في مخالفات البناء وصولًا إلى تعديلات قانون الشهر العقاري، وما يلوح في الأفق من تصريحات لوزير الموارد المائية والري بأن تعديلات قانون الري الجديد سوف تتضمن تحصيل خمسة آلاف جنيه على كل ماكينة ري يتم تركيبها على الترع العامة والرئيسية، تضع الحكومة نفسها في موقف لا يعكس ما تبذله من جهد وما تقوم به من عمل دؤوب، بل إنها تخسر كثيرًا وتعود خطوات إلى الوراء في مشوار استعادة ثقة المواطن بها.
وهنا كما عودنا دائمًا يتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويقرر تأجيل تطبيق القانون لفترة انتقالية لا تقل عن عامين بهدف إتاحة الفرصة والوقت لإجراء حوار مجتمعي، ليعطي الرئيس درسًا ليس فقط في كيفية التعامل مع أي قوانين تمس حياة المواطنين ومستوى معيشتهم، ولكن أيضًا في تقدير الظروف وتوفير حياة كريمة بقراره الإنساني بأن يتم خلال الفترة الانتقالية تحصيل قيمة ثابتة مقطوعة مخفضة وواضحة عند تسجيل الأملاك، حسب مساحة ونوع الملكية.
لا أنكر أن الحكومة تسعى لتعديل تشوهات قائمة، هي بكل تأكيد مسئولية حكومات سابقة على مدار عقود مضت وليست مسئولية المواطن بمفرده، وبالتالي عند التصدي لعلاج هذه التشوهات لا يمكن قبول تحميل المواطن فقط عبء ذلك الإصلاح، في ظل الظروف التي يعاني منها العالم من غربه إلى شرقه بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، وهو ما يحرص الرئيس السيسي دائمًا عليه في كل ما يتعلق بحياة الإنسان المصري.
ما تقوم به الحكومة من جلسات استماع ونقاش مع مجتمع الأعمال عند الشروع في إصدار قانون أو قرار يرتبط بمنظومة الإنتاج أو الاستثمار أو التصدير أمر محمود وصحيح، يجب تطبيقه أيضًا عندما يتعلق الموضوع بما يمس أغلبية المواطنين؟
هل يصعب على الحكومة عند عزمها إصدار قرارات أو تقديم مشروعات قوانين تمس طبقة عريضة من المجتمع أن تكلف الخبراء في هذا المجال بوضع تصورات واقعية حول انعكاسات ما تعتزم القيام به من إيجابيات وسلبيات، وكذلك مدى واقعية الإجراءات المطلوبة لتنفيذه؟
وأن تقوم بمكاشفة المواطنين بما تنتوى الإقدام عليه مع إتاحة الوقت المناسب للاستماع لآرائهم ومقترحاتهم، والرد على استفساراتهم؛ ليكون المواطن شريكًا في القرار مقتنعًا به ومدافعًا عنه.
ويبقى أنه من الأفضل دائمًا عدم إصدار قرار غير مدروس أو غير قابل للتطبيق، ويبقى القول بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي لا يتردد في التدخل في الوقت المناسب لرفع أي عبء إضافي عن كاهل الشعب، إيمانًا منه بأن أي قانون أو قرار لا بد أن يخضع أولًا لحوار مجتمعي، ويستوفي كل حقه في النقاش، وأيضًا يراعي الظروف المحيطة داخليًا وخارجيًا، وأن المواطن إذا كان رحب بالمشاركة في تحمل أعباء عملية الإصلاح الاقتصادي التي تأخرت عشرات السنين، مما ضاعف من تكلفتها أضعافًا، إلا أنه يجب ألا يكون ذلك مؤثرًا في حياته ومستوى معيشته، وهو درس للحكومة في كل ما تقدمه من مشروعات قوانين، خلال الفترة المقبلة ... شكرًا للرئيس.