توقع الكثيرون أن فيلم "678" والذي يعرض حالياً بدور العرض السينمائية ويناقش ظاهرة التحرش الجنسي، لن تخلو أحداثه من وجود بعض المشاهد التى قد تخدش الحياء، إلا أن الحقيقة أن مؤلف ومخرج الفيلم محمد دياب نجح في تحقيق هذه المعادلة الصعبة، رغم أن أحداث الفيلم قد تسمح بوجود مثل هذه النوعية من المشاهد، في حين أن هناك كثيرا من الأفلام التى طرحت مؤخراً على الساحة السينمائية أفرطت في مثل هذه النوعية من المشاهد دون وجود أى مناسبة لها. فطوال أحداث الفيلم حرص دياب على خلوه من أى قبلات أو ايحاءات جنسية وألفاظ قد تخدش الحياء. وعلى الرغم من أن فيلم "678" هو التجربة الإخراجية الأولى لمؤلفه محمد دياب،إالا أنه استطاع أن يخرج صورة سينمائية منضبطة وكأنه الفيلم رقم "10" في حياته. بل إنه نجح في الربط بين حكايات الثلاث بطلات "بشري ،ونيللى كريم ،ونودى السباعى" بطريقة الفلاش باك ولكن بشكل غير تقليدى عن المتعارف عليه والذي اعتدنا رؤيته في معظم الأفلام من خلال مشهد واحد، حيث تترك بشرى الأتوبيس بعد تعرضها للتحرش وأثناء عبورها للطريق تقف امام سيارة أحمد الفيشاوى زوج نيللى كريم، وفى الأعلى تقف في "البلكونة" نودى السباعى وخطيبها وهى الحكاية الثالثة في الفيلم. أهم مايميز الفيلم إيقاعه السريع الذى لايشعر من يشاهده بالملل بل أن كل مشهد موظف في مكانه دون احداث مط أو تطويل في الأحداث. ولم يكن دياب هو عنصر النجاح الوحيد فقط لهذا الفيلم بل إن كثيرا من أبطاله شاركوا في نجاح هذه المنظومة وعلى رأسهم بشري والتى لم تكتف بكونها بطلة الفيلم بل تحمست لإنتاجه. فعلى الرغم من صغر عمر بشري إلا أنها تحمست لتقديم شخصية أكبر من عمرها ونجحت في إقناع من يشاهدها بأنها "فايزة" موظفة الشهر العقاري وليست بشري وذلك من خلال الملابس التى ارتدتها طوال أحداث الفيلم وظهورها أيضاً بدون أى ماكياج إضافة إلى تمسكها بأدق التفاصيل التى تعبرعن حالة سيدة من الطبقة الكادحة، مثل انها ترتدى "بلوفر" تحت ملابسها الصيفية في أثناء جلوسها في المنزل تعبيراً عن حالة الفقر التى تعيشها. أيضاً ماجد الكداونى فيجوز أنه لم يقدم شخصية "الضابط" لأول مرة، إلا أنه نجح في تجسديها بشكل مختلف من خلال انفعالاته التى كانت تظهر على وجه في كل مشهد خاصة في اللحظة التى توفيت فيها زوجته وحمل بيديه ابنته التى جاءت له بعد شوق كبير حيث إنها لم تكن تنجب إلا اولاداً ليتغير تفكير ضابط المباحث ويبدأ في الوقوف بجانب الفتيات الثلاث بحكاياتهم المؤلمة. ورغم أن فيلم "678" عمل يناقش ظاهرة التحرش الجنسي وهو ماقد لايكون ملائماً لطبيعة الأجواء التى يعيشها الجمهور خلال هذه الأيام كالاحتفالات بأعياد رأس السنة، إلا أن هناك إقبالا جماهيريا ضخما تشهده دور العرض السينمائية على الفيلم من مختلف الفئات والأعمار.