تتجه أصابع الاتهام عادة إما إلى إسرائيل أو أمريكا أو إلى تحالفهما معا، بشأن أى هجوم أو اعتداء تتعرض له إيران ، فهل إسرائيل مسئولة عن اغتيال كبير علماء الذرة ال إيران ى محسن فخرى زادة ليغامر رئيس وزرائها بنيامين نيتانياهو بإشعال حرب قبل رحيل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ؟ أم أنها خطة ترامب لقلب حياة الرئيس المنتخب جو بايدن على أعقابها؟ ونقلت بالفعل صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية ووسائل إعلام إسرائيل ية، عن مسئولين فى المخابرات الأمريكية، تأكيدهم أن إسرائيل تقف خلف عملية الاغتيال. وأعاد ترامب ، نشر تغريدة صحفى إسرائيل ى أكد فيها أنّ «فخرى زادة» كان رئيس البرنامج العسكرى السرى ل إيران وكان مطلوباً لسنوات عديدة من قبل الموساد. «وفاته ضربة نفسية ومهنية كبيرة ل إيران ». وأوضحت وسائل الإعلام ال إسرائيل ية إنه «يُفهم من تغريدة ترامب أن اغتيال زادة هو عمل مشترك أمريكى إسرائيل ي». ونقلت عن نيتانياهو تلميحه إلى «مشاركة إسرائيل ية محتملة» حيث كان قد ذكر فى أحد مؤتمراته الصحفية اسم العالم علناً عام 2018، وكشف صورته فى المؤتمر الذى أعلن فيه عن مزاعم «سرقة الأرشيف النووى ال إيران ي». وأشارت «القناة 13» ال إسرائيل ية إلى محاولة سابقة لاغتيال زادة بين عامى 2010-2012 والتى ألغيت أنذاك. وأشار كذلك المدير العام السابق لوزارة الشئون الإستراتيجية ال إسرائيل ية يوسى كوبرفسر، إلى أن «فخرى زادة هو قاسم سليمانى البرنامج النووى وحادث من هذا النوع يمكن أن تنفذه إسرائيل والولايات المتحدة فقط». ودعما للرأى المؤيد للتحالف ال إسرائيل ي-الأمريكي، قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن «الموساد كان وراء سلسلة اغتيالات لعلماء نوويين إيران يين آخرين، وإذا ثبت تورطه فى اغتيال زادة فإن إسرائيل تكون استغلت الفرصة لتنفيذ العملية بضوء أخضر من رئيس أمريكى، وليس هناك شك فى أن ترامب سيوافق على عملية الاغتيال، إن لم يساعد فى تنفيذها». ومن هنا، يبرز مجددا أهمية التقرير الذى كشفته صحيفة نيويورك تايمز قبل شهر وكشفت فيه أن ترامب سأل كبار المستشارين فى اجتماع بالبيت الأبيض عما إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ إجراء ضد منشأة نطنز النووية ال إيران ية الرئيسية، إلا أن مستشاريه اثنوه عن ذلك خشية أن يشتعل صراع أوسع فى الأسابيع الأخيرة له فى منصبه، لكن ترامب لايزال يبحث عن طرق لضرب الأصول ال إيران ية وحلفاء إيران ، بما فى ذلك الميليشيات فى العراق. فى كل الأحوال، وكما ذكر محللون عسكريون اسرائيليون، فإن زادة كان له دور فعال فى تطويرالبرنامج النووى ال إيران ي، لكن الاغتيال مع ذلك قد لا يكون له تأثير كبير على البرنامج النووى لكنه يهدف إلى تقييد هذا البرنامج. وكما ذكرت صحيفة «هاآرتس» فإن الاغتيال «ينتج نظاماً جديداً»، لأنه باغتيال شخصية كبيرة فى المشروع النووى ال إيران ى تخترق التوازنات فيخلق نوعاً من النظام الجديد». إدارة ترامب قد تبذل كل ما فى وسعها لاستفزاز وإضعاف المتشددين ال إيران يين، لكن الصراع الواسع مع طهران لا يتماشى تماما مع أجندتها طويلة المدى المشغولة فيها بمغادرة أفغانستانوالعراق بسرعة. وكما أوضح المحللون فى شبكة «سى إن إن» الإخبارية، فإن هذه الإدارة لا تريد سوى إثارة أكبر قدر ممكن من الكراهية لجعل المصالحة المستقبلية مستحيلة. أما نيتانياهو فيواجه انتخابات محتملة العام المقبل، ومع خسارة حليفه ترامب ، لن ترغب إسرائيل فى المضى بمفردها ضد إيران . و إيران نفسها ليست فى وضع يمكنها من تحمل صراع كامل بسبب توابع فيروس كورونا خاصة على اقتصادها المتهالك. إذن، إيران والولايات المتحدة و إسرائيل ليس لديهم سبب ملح للصراع الآن، لكن من المحتمل أن نرى المزيد من التحريض فى الأشهر المقبلة. * نقلًا عن صحيفة الأهرام