«معك في كل مكان».. الداخلية وتوجه قافلة إنسانية وطبية بالبحيرة| صور    القوات المسلحة توقع بروتوكول تعاون مع الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    مذكرة تفاهم بين مصر وجامبيا للتعاون في إدارة الأنهار المشتركة والتحلية    رئيس إسنا بالأقصر يناقش مشاكل القرى    أمانة حماة الوطن بالقاهرة تكلف عاطف عجلان برئاسة لجنة السياحة    مصر تبحث مع الإمارات وروسيا والصين تعزيز التعاون المشترك في مجالات النقل    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    ارتفاع حصيلة الحرب على غزة ل36731 شهيدًا    زيلينسكي: أوكرانيا ستخرج منتصر من الحرب مع روسيا    7 مليون جنيه دعم وزارة الرياضة للاتحادات المتأهلة لدورة الألعاب البارالمبية باريس 2024    ميسي: ريال مدريد هو الفريق الأفضل في العالم    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    التعليم تطلق فيديو استرشادي لطلاب الثانوية العامة حول تعليمات الامتحانات    الأردن: بدء تفويج الحجاج لمكة المكرمة    أمن القاهرة ينقل سيدة مريضة غير قادرة على الحركة للمستشفى لتلقي العلاج    فور اعتمادها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة المنوفية 2024 نهاية العام    نجوم «ولاد رزق» و«عصابة الماكس» في فرح جميلة عوض    الموسيقات العسكرية تشارك فى فعاليات المهرجان الدولى للطبول والفنون التراثية    أفضل الذكر في العشر من ذي الحجة.. 6 أفعال احرص عليها    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة    المفتي يوضح حكم الحج بالتقسيط    مفتي عام السعودية يحذر من الحج دون تصريح    بروتوكول تعاون لاستقطاب وافدين من أوروبا والخليج للعلاج بمستشفيات «الرعاية الصحية»    إعلان حالة الطوارئ بصحة الوادي الجديد تزامنًا مع الموجة الحارة (صور)    بعد تسجيل أول حالة وفاة به.. ماذا نعرف عن «H5N2» المتحور من إنفلونزا الطيور؟    لماذا قد يظهر الدم في البراز بدون ألم؟    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بمناسبة عيد الأضحى.. زيارة استثنائية لجميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    استبعاد كوبارسي وجارسيا ويورينتي من قائمة اسبانيا في اليورو    شحاتة يتقدم لمنظمة العمل الدولية بأوراق تصديق مصر على اتفاقية العمل البحري    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    سعر الدولار يرتفع في 9 بنوك مصرية خلال أسبوع    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 7-6-2024 في الدقهلية    أكسيوس: فشل اجتماع القاهرة لإعادة فتح معبر رفح    إندبندنت: بيان حزب العمال قبل انتخابات بريطانيا سيشمل خطوة للاعتراف بفلسطين    انطلاق انتخابات البرلمان الأوروبي في أيرلندا والتشيك    اليوم.. سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام في برنامج بالخط العريض    «أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    داعية إسلامي: أبواب الخير كثيرة في ذي الحجة ولا تقف عند الصيام فقط    تموين الإسكندرية تشكل غرفة عمليات لمتابعة توافر السلع استعدادا لعيد الأضحى    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص على الطريق الدائري في القليوبية    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجندة بايدن
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 11 - 2020


د. هالة مصطفى
على الرغم مما تشهده الساحة الأمريكية من تنازع غير مسبوق حول نتائج الانتخابات الرئاسية ، فالأرجح أن الأمور ستمضى فى مسارها الطبيعي، وسيُعلن جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة عن الحزب الديمقراطي ، ويتم تسليم السلطة فى موعدها المقرر يناير المقبل.
إذ إن كثيرا من الظواهر الاستثنائية التى صاحبت تلك العملية تعود فى معظمها إلى التركيبة الشخصية للرئيس الجمهورى المنتهية ولايته دونالد ترامب بعناده المعروف وإصراره على عدم الاعتراف بالهزيمة، ولكن ستظل قوة المؤسسات والتقاليد الدستورية الراسخة هى الفيصل النهائى فى تلك المعركة القانونية، والتى لم تعد فى صالحه بعد إعادة فرز أصوات الناخبين فى عدد من الولايات، بعبارة أخرى سيكون العالم إزاء إدارة جديدة تُعتبر فى خصومة شديدة مع مثيلاتها الحالية بشكل يفوق المنافسة السياسية المعتادة التى تعرفها الإدارات المتعاقبة بغض النظر عن هويتها الأيديولوجية، ما جعل البعض يتوقع انقلابا جذريا فى السياسة الأمريكية خاصة على الصعيد الخارجي، فهل بالفعل ستحدث قطيعة كاملة بين العهدين، بحيث تعود كل السياسات التى اتُبعت أثناء ولاية ترامب إلى المربع رقم واحد؟
لاشك أن كل رئيس جديد يسعى لإضافة لمساته المميزة على سياسته الخارجية تحديدا، إلى الدرجة التى تجعلها تحمل صفة المبدأ أو المذهب تبعا لصاحبها، كمذهب نيكسون وكارتر وريجان وكلينتون وبوش الأب والابن وأوباما وترامب وهكذا، ولكن تظل هناك ثوابت تحددها المصلحة الأمريكية العليا تتجاوز الأشخاص، وتضع خطا مستقرا للأهداف الإستراتيجية يصعب الحيد عنها أو استبدالها تبعا للأهواء أو الانتماءات الحزبية وحدها.
المعروف أيضا أن السياسة الأمريكية كانت دوما ومازالت خليطا بين توجهين رئيسيين قد يبدوان متناقضين، أحدهما مثالى يؤمن بأن لأمريكا رسالة أخلاقية تستوجب نشرها فى أرجاء المعمورة، مستمدة من القيم التى نشأت عليها كزعيمة للعالم الحر، وآخر واقعى أو براجماتى ينبع من تبادل المنافع والمصالح بصورة ميكيافيلية لا يُلتفت فيها إلى الجانب القيمي، والشيء ذاته ينطبق على النزعة الانعزالية مقابل تلك التدخلية (أى التدخل فى شئون الدول الأخري) أما الأساليب فتتأرجح بدورها بين الدبلوماسية واستخدام طرق الضغط والعقوبات، إلى العسكرية المعتمدة على القوة، وفى جميع الأحوال يتم توظيف الأدوات كافة على فترات تاريخية مختلفة تبعا لما تقتضيه كل مرحلة، فقد يغلب الطابع الليبرالى الذى يتبناه الديمقراطيون تارة، أو المحافظ كما يعبر عنه الجمهوريون تارة أخرى، وربما تجمع إدارة واحدة بين أكثر من نهج، والمقصود أن تلك السياسة لا تبدأ من نقطة الصفر ولا تنسف ما قبلها وإن تغلبت نزعة معينة على ما عداها لمدة زمنية قد تطول أو تقصر، لكن دون تغييب كامل للنزعة المقابلة، وهذا هو جوهر الحكم المؤسسى الذى يضمن لها الاستمرارية ومرونة الحركة أوبمعنى أدق التنقل من خانة إلى غيرها دون دراما كبيرة.
فى هذا السياق يمكن التعرض سريعا ل أجندة بايدن المزمع تبنيها التى لن تخرج عن البرنامج التقليدى لحزبه الديمقراطي، ويأتى فى مقدمتها إعادة العلاقات مع الحلفاء الكلاسيكيين إلى سابق عهدها مثل حلف الناتو ، ولكن مع الأخذ فى الاعتبار أن إدارة ترامب بسياستها المتشددة تجاه أعضائه أجبرتهم على زيادة ميزانية الدفاع الخاصة بهم لتقليل حصة واشنطن المالية فيه، أى تحقق الغرض من الضغط عليهم وبالتالى فالعودة هنا طبيعية، وهو ما سيسرى على الاتفاقيات الدولية، والأمر ذاته يمتد إلى العلاقة مع الصين، التى باتت المنافس التجارى الرئيسى للولايات المتحدة بصرف النظر عن موقف الحزبين، والمنتظر أن تشهد نوعا من المراجعة أثناء الإدارة الجديدة لصالح رفع بعض القيود والإجراءات الحمائية التى اتخذتها إلإدارة الحالية تجاهها.
ولكن ينبغى الإشارة إلى أن هذه المراجعة لن تكون مجانية، ببساطة لأنها أصبحت ورقة ضغط فى أى مفاوضات محتملة، ففى مقابلها يمكن التوصل إلى اتفاق حول القضايا المرفوعة ضدها أمام المحاكم الدولية بخصوص حقوق الملكية الفكرية والغش التجارى وسرقة التكنولوجيا الغربية وإعطاء الشركات الأمريكية العاملة فى بكين معاملة تفضيلية، أو بمعنى أدق سيتم البناء على ما تم إنجازه، فقط سيختلف الأسلوب.
أما بالنسبة للشرق الأوسط، فهناك قضيتان تتعلقان بكل من إيران والصراع الفلسطينى الإسرائيلي، وما يخص الأولى قال بايدن صراحة إنه ينوى الرجوع إلى الاتفاق النووى معها (5+1) الذى انسحب منه ترامب من جانب واحد، ولكن بشروط تتلخص فى توسيع بنوده وتخلى طهران عن برنامجها التسليحى المتعلق بمنظومة الصواريخ الباليستية، فضلا عن العدول عن سياساتها الإقليمية التوسعية فى سوريا ولبنان واليمن (وبالمناسبة كانت هذه هى نفس الشروط التى وضعتها الإدارة الحالية، إذلم يكن الهدف من تشديد العقوبات عليها هو إسقاط النظام على سبيل المثال أو الدخول فى مواجهة عسكرية معها) وما ستفعله إدارة بايدن سيُعد استكمالا أو استثمارا لسياسة العقوبات التى فُرضت عليها، وربما الجديد سيتمحور حول إيقاف الحرب اليمنية، وعمل نوع من التوازن بينها وبين الدول الخليجية، وقد كان ذلك أحد مطالب النواب الديمقراطيين فى الكونجرس.
وفى نفس السياق، لن تشهد العلاقات مع إسرائيل تغييرا دراماتيكيا، ليس فقط بسبب انحياز الحزب الديمقراطى التاريخى لها، ولكن لأن فريق بايدن لم يعلن عن أى احتمال للتراجع عن الخطوات التى اتُخذت بشأن نقل السفارة الأمريكية للقدس أو ضم الجولان أو أى كلام محدد حول وضع المستوطنات أوتبادل الأراضى وضم أجزاء من الضفة الغربية لصالح الدولة العبرية كما كان مقررا وفق ما عُرف بالخطة الأمريكية للسلام، كل ما هنالك كان حديثا عاما حول حل الدولتين دونما التطرق للتفاصيل، وهى جوهر المشكلة، والأمر ذاته يمتد إلى اتفاقيات التطبيع التى يعتبرها الرئيس المنتخب مشجعة على العودة إلى مفاوضات السلام ومحفزة لها، ومن ثم فالمتوقع هو استئناف جزء من المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية ربما تصاحبها إعادة فتح مكتبها فى واشنطن.
تبقى أجندة نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والتى تستدعى التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى كأداة من أدوات السياسة الخارجية، هى العنصر المميز لأى إدارة ديمقراطية، وإن لم يمنع ذلك من توظيف الجمهوريين لها حسب ما تقتضيه الظروف مثلما حدث مع إدارة جورج بوش الابن والتى تم تبرير غزو العراق بها، ودائما ما تكون أى مساعدات مشروطة بما يتم تحقيقه فى هذا الملف، ولكن يبقى الفيصل فيما تقتضيه لغة المصالح أيضا، بعبارة وجيزة ستبقى السياسة الأمريكية مزيجا من المتناقضات.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.