21– بعد 47 عامًا من العبور المصري المجيد في حرب أكتوبر عام 1973 واجتياز الساتر الترابي الرهيب والسيطرة على جميع النقاط القوية لحصون خط بارليف المنيع.. وبعد كل ما حصل من متغيرات إستراتيجية إقليميًا وعالميًا بفضل الانتصار العظيم، يبدو أنه ما زالت هناك عند ممن يحكمون إسرائيل حاليًا بقايا للأوهام الأسطورية التي كانت قد سيطرت على العقل والوجدان الإسرائيلي بعد معارك يونيو 1967 ، وأفرزت إحساسًا بأن إسرائيل تمتلك قوة عسكرية غير قابلة للانهزام أو الانكسار من نوع ما انزلق إليه بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، وادعائه بأن إسرائيل حسمت نهاية حرب أكتوبر لصالحها، متجنيًا على الحقيقة التي اعترف بها الإسرائيليون في حينها وأطلقوا مصطلح «التقصير» بدلا من مصطلح «الهزيمة» لتخفيف الصدمة على الرأي العام الإسرائيلي . ومن هنا تأتي أهمية ما يجب علينا القيام به لحماية هذا النصر المجيد من أي محاولات للتشويه في إطار عواصف الحروب النفسية ، التي عادت عواصفها للهبوب من جديد صوب بلادنا من أجل خلط الأوراق و تزييف الحقائق وهز ثقة الأجيال الجديدة في نفسها. لابد لنا أن نتذكر جيدًا أن الهدف النهائي لخصوم هذه الأمة من قبل حرب أكتوبر ومن بعدها كان ولا يزال هو السعي لإبقاء الوطن العربي كله جغرافيًا وسياسيًا واقتصاديًا ونفسيًا مثل شظايا متناثرة على الصحراء المترامية بين المحيط والخليج، بحيث تفقد الأمة أي حد أدنى من الإرادة الموحدة التي تمكنها من التصدي للمخططات الرامية للسيطرة عليها. إن أجيال الحاضر والمستقبل لابد لها أن تتغذى ب كوكتيل الأمل والثقة بالنفس ومعرفة أن ما حدث في حرب أكتوبر كان زلزالا إستراتيجيًا عنيفًا، أسقط كل الأوهام والأساطير البالية بواسطة عمل عسكري جبار بلغ من روعة التخطيط وقدرة كتمان السر وبراعة التنفيذ ودوي المفاجئة أنه اختطف الأبصار وأبهر الأنفاس، ليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها وإنما على امتداد الكرة الأرضية كلها. إن استمرار إحياء ذكرى نصر أكتوبر ينبغي أن يظل ضمن أهم أولويات العمل الوطني لسنوات طويلة قادمة، حتى نستطيع أن نحمي الحقيقة من طوفان الأكاذيب الذي تحركه قوى إقليمية ودولية يشهد عليها سجلها بأنها لن تسكت ولن تتوقف عن محاولة العبث بأمجد صفحات تاريخنا الوطني، سعيًا لتشكيك مصر في قدرتها وتشكيك العالم العربي في قدرة مصر! ويبقى أن نصر أكتوبر المجيد يقدم للأجيال الجديدة القدوة والمثل على عظمة العطاء مع حسن التواضع وإنكار الذات من جانب أبطال وشهداء هذه الحرب، الذين لم يصدر عنهم أي قدر من المن على مصر، أو الادعاء بالفضل عليها مثلما نسمع ونشاهد هذه الأيام على ألسنة بعض الأقزام الذين يزعمون كذبًا أنهم أصحاب فضل على هذا البلد العظيم، والحمد لله أن موجة التسريبات الأخيرة قد فضحتهم أمام الرأي العام! وكل عام ومصر رئيسًا وحكومة وشعبًا تحيي ذكرى أمجد انتصاراتها! [email protected] * نقلًا عن صحيفة الأهرام