جبالي يدعو الأحزاب السياسية إلى سرعة موافاة "النواب" بأسماء ممثلي الهيئات البرلمانية    وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي وقيادات القوات المسلحة بذكرى انتصارات أكتوبر    ألفاظ خارجة في المحاضرة.. أستاذ جامعي يثير الغضب بالمنوفية    بث مباشر.. أولى جلسات مجلس الشيوخ بدور انعقاده الخامس    الحوار الوطني يدعو للمشاركة بالآراء في قضية الدعم.. ويؤكد: نفتح المجال أمام الجميع    محافظ كفر الشيخ: قوافل «بداية» تقدم خدمات في الصحة والتعليم لأهالي الكوم الطويل    ‫الزراعة تطلق 7 منافذ متنقلة لبيع المنتجات بتخفيضات 25٪ فى القاهرة    الوزراء يوافق على 2200 جنيه سعراً استرشادياً لأردب القمح موسم 2024/2025    إطلاق برنامج الشهادة الدولية المزدوجة بين جامعة القاهرة وإيست لندن    زيادة رأسمال الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية إلى 5 مليارات جنيه    10 مليارات دولار حجم صادرات الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية    محافظ المنوفية: رصف طرق في قويسنا والمنطقة الصناعية بطول 1200 ضمن «حياة كريمة»    «المستقلين الجدد»: ندعم الدولة من أجل الحفاظ على الوطن ومواجهة التحديات    الصحة الفلسطينية: 51 شهيدا و82 مصابا فى 5 مجازر إسرائيلية بغزة    9 معلومات عن صاروخ «الفاتح».. قصة «400 ثانية من إيران إلى إسرائيل»    الجيش الأردنى يحبط محاولة تسلل وتهريب كميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    الإصابة تضرب لاعب جديد في الأهلي قبل مواجهة السوبر المصري    فودين: بدأت الموسم ببطء منذ اليورو.. وأحاول العودة على الطريق الصحيح    مدرب يد الزمالك: مجموعتنا كانت صعبة وكأس العالم فرصة جيدة للإعداد لأفريقيا    علي معلول يهدد فرص نجم الأهلي في الرحيل    تفاصيل اتفاق الزمالك مع الجزيري بشأن تجديد عقده وإنهاء أزمة المستحقات    وزير الشباب والرياضة يتابع مجموعة ملفات عمل تنمية الشباب    عبدالواحد: المبالغة في الاحتفال؟!.. نريد جماهير الزمالك أن تفرح    ضربة موجعة لمعلمين المكيفات والسلاح في 9 محافظات.. سقوط 15 من تجار الصنف والحصيلة ملايين | صور    القبض على المتهم الخامس فى واقعة سحر مؤمن زكريا وعرضه على النيابة    رئيس مياه القناة: مستعدون لاستقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    ضبط 27 طن لحوم ودواجن وكبدة فاسدة بالجيزة خلال سبتمبر الماضي    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    عيد ميلادها مش النهاردة.. سر عودة مديحة سالم إلى طليقها بعد مرور 20 سنة    مهرجان الإسكندرية السينمائي يعرض بحر الماس ضمن فعاليات دورته ال40    وزارة الثقافة تعلن فتح باب التقدم لجوائز الدولة التشجيعية لعام 2025    إيمان العاصى وابنتها وأميرة أديب وعائلتها ضيوف صاحبة السعادة    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب بمشاركة 25 دار نشر.. فيديو    مواليد 3 أبراج محظوظون خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    تقي من مرض السكري.. 6 أطعمة تضبط نسبة السكر في الدم    المساواة في تكلفة الولادة.. نائبة وزير الصحة تكشف عن إجراءات خفض "القيصرية"    136 حالة بسبب الأدوية.. مركز سموم طب بنها يستقبل 310 حالات تسمم    رئيس الهيئة العامة للاعتماد: القطاع الخاص شريك استراتيجي في المنظومة الصحية بالجمهورية الجديدة    الجمعة المقبل.. غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريًا    كلاكيت ثالث مرة.. سهر الصايغ ومصطفى شعبان في دراما رمضان    ضبط شركة إنتاج فنى بدون ترخيص بالقاهرة    البحوث الإسلامية يختتم فعاليات «أسبوع الدعوة».. اليوم    رئيس الوزراء: جهاز الشرطة له دور وطني في الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين    الرئيس السيسي يهنئ غينيا وكوريا وتوفالو بيوم الاستقلال والتأسيس الوطني    السيسي يستقبل قائد قوات الدفاع الشعبية بجمهورية أوغندا    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    مساعد وزير الصحة: مبادرة «بداية» تهتم بالإنسان منذ النشأة حتى الشيخوخة    أذكار الصباح والمساء مكتوبة باختصار    محمد فاروق: الأهلي يجهز عرضين لفك الارتباط مع معلول    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    بالصور.. نجوم الفن في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 2 أكتوبر    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحياة المدمرة إيلات.. مصر لم ولن يضيع لها حق
نشر في بوابة الأهرام يوم 10 - 07 - 2020

(فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. و مسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء.. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات.. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات).
فى العمليات الحربية .. تحدث إصابات الخارج منها على قيد الحياة أقل من واحد فى الألف.. وحكمة الله أن يبقى صاحبها على قيد الحياة.. إشارة إلى أن المعجزات الإلهية موجودة على الأرض إلى يوم الدين..
كتبت الأسبوع الماضى عن أول وثالث هذه المعجزات!
الأول مقاتل الصاعقة عبدالجواد سويلم الذى أصيب يوم 20 يوليو 1969 فى سيناء.. والرئيس عبدالناصر هو من أطلق عليه لقب الشهيد الحى.. والثالث الرائد كريم بدر الذى أصيب فى عمليات 1 يوليو 2015 الشهيرة بالشيخ زويد.
واليوم أتكلم عن الشهيد الحى الثانى.. البطل الملازم أول سمير عبدالعزيز.. الكتيبة 603 مشاة أسطول.. أسطورة الصمود فى كبريت.. وقائدها المقدم إبراهيم عبدالتواب.. الذى قاد رجاله فى ملحمة فداء أذهلت العدو الذى حاصر الكتيبة بعد احتلالها لنقطة كبريت إحدى نقاط خط بارليف القوية!. إبراهيم عبدالتواب ورجاله أسقطوا النقطة يوم 8 أكتوبر.. وحاصرهم العدو لمدة 134 يومًا شهدت كل ما فى فنون الحرب من معارك.. وبقيت النقطة حرة ولم تسقط فى ملحمة صمود غير مسبوقة فى أى حرب!. حصار دام 134 يومًا وكل يوم العدو يهاجم الكتيبة.. بنيران المدافع والدبابات وصواريخ الطائرات!. الصمود له رجاله الذين أمدهم الله بيقين وثقة وصبر ومثابرة.. وقبلها وبعدها.. شجاعة.. أساسها عقيدة قتالية.. لا مثيل لها إلا فى جيش مصر!. عندما يكون اليقين.. النصر أو الشهادة.. لا توجد قوة على الأرض بإمكانها الوقوف أمام هذا اليقين!. وسط قتال يومى لا يتوقف.. صدرت التعليمات للملازم أول سمير عبدالعزيز بحصر خسائر نقطة ملاحظة الكتيبة التى تعرضت لقصف مدفعية خلال اشتباك له مع العدو.. وقام بتنفيذ المهمة وأثناء عودته فى خندق يربط دشم النقطة القوية.. تلاقى مع اثنين من ضباط الكتيبة.. وسألاه وأخبرهما أنه لا توجد خسائر فى الأرواح بنقطة الملاحظة والخسائر فى المعدات.. وكانت هذه الجملة آخر ما قاله!. دانة هاوتزر 155مم ضربها العدو وانفجرت على مقربة من الضباط الثلاثة!. آخر ما تذكره بطلنا قبل أن يدخل فى غيبوبة استمرت 22 يومًا.. صوت انفجار هائل ناجم عن الموجة الانفجارية.. طار بسببه فى الهواء!. حاول أن ينطق بالشهادة ولم يقدر.. وآخر ما سمعه قبل أن يدخل فى الغيبوبة.. صوت الملازم أول سمير وهدان وهو «يتشاهد» عليه!.
طبيب الكتيبة قال لقائد الكتيبة المقدم إبراهيم عبدالتواب: خلاص.. اقرأوا له قرآن!. الطبيب قال ذلك لأن الموجود أمامه.. إنسان فى غيبوبة.. ينزف من كل جسده.. الظاهر من إصاباته وجود كسور فى رأسه وجروح فى جسده!. القائد إبراهيم عبدالتواب.. فعل المستحيل لأجل إخلاء الضابط المصاب إلى مستشفى السويس وتصميمه على أن يحصل على أقصى فرص العلاج!. فى مستشفى السويس.. نفس الكلمة.. خلاص!. ولأن فى العمر بقية.. نقلوه إلى مستشفى ألماظة ومنه إلى مستشفى المعادى العسكرى والبطل فى غيبوبة!.
فى مستشفى المعادى استقدموا اللواء طبيب سيد الجندى.. وأجرى له جراحة.. وبقى فى الإنعاش وفى الغيبوبة!. فى اليوم ال22 حدثت المعجزة.. أفاق بطلنا من الغيبوبة على آلام رهيبة يشعر بها.. أول ما قاله: أنتم طافيين النور ليه! بطلنا فيما وضح لا يرى.. لكنه يشعر بكل شىء حوله!.
بدأ يتعرف على معالم إصابته!. موجات صرع تداهمه.. وهى من معالم الإصابة.. التى هى كسر فى الجمجمة وتهتك عظام الجمجمة من الخلف.. وشظية استقرت فى المخ!. الدكتور سيد الجندى قال له: سوف تسافر إلى باريس لنطمئن على حالتك هناك.. لكن الشظية الموجودة فى المخ لن يستطيع أحد إخراجها!. نحن أجرينا الجراحة والأمل فى نجاحها أقل من نصف فى المائة.. لكننا أجريناها لإرضاء ضميرنا أمام الله!.
فى فرنسا أجروا للبطل عملية ترقيع للجمجمة بواسطة أحد أكبر جراحى المخ والأعصاب بالعالم.. الجراح العالمى الشهير سأل البطل: من الذى أجرى لك العملية فى مصر.. قال له: د. سيد الجندى.. رد الجراح العالمى.. إكسلانت.. إنه عبقرى!. وعاد البطل إلى مصر.. وتحسنت حالته إلى أن أصبح يمارس حياته بصورة طبيعية.. وتلك حكاية الشهيد الحى الثانى.. الذى كان كل من يراه فى غيبوبته.. يتشاهد عليه!.
......................................................
عندما وقعت هزيمة يونيو 1967 العالم كله أجمع على أن الصراع القائم فى الشرق الأوسط منذ عام 1948 انتهى إلى غير رجعة بالضربة القاضية الفنية لمصلحة العدو الصهيونى!.
لا العدو الصهيونى نفسه ولا الغرب الذى يؤيده على طول الخط ولا حتى أى مخلوق على الأرض.. يتوقع أى رد فعل عسكرى من مصر.. عن يقين تام بأنها رقدت وستطول رقدتها!.
العدو والغرب والدنيا كلها.. فات عليهم أن توقعهم هذا.. يسرى على كل خلق الله.. إلا المصريين الذين من صلبهم يخرج خير أجناد الأرض والذين هم فى رباط إلى يوم الدين!. غرورهم بانتصارهم وجهلهم بأصولنا.. أعمى قلوبهم قبل عيونهم عن معرفة الحقيقة.. التى ظهرت ملامحها بعد ثلاثة أسابيع فقط من الهزيمة يوم 1 يوليو 1967 فى رأس العش!. يومها العدو فقط هو من فوجئ.. بأن المقاتل المصرى صلد وصلب وشجاع!. يومها عرفوا أن المصريين لحمهم مُر وبأسهم شديد و30 مقاتلاً مصريًا أوقفوا طابورًا مدرعًا صهيونيًا.. فى معركة استمرت أكثر من سبع ساعات.. اضطروا بعدها للانسحاب ولملمة خسائرهم وفشل خطتهم فى احتلال مدينة بورفؤاد التى بقيت حرة!. وقتها أراد الله هذه المعركة لنعرف ونتأكد نحن.. من أن لقب الجيش الذى لا يُهزم الذى أطلقه الغرب على الجيش الصهيونى.. وهم أرادوا تصديره لنا.. ليبقى الرعب فى قلوبنا!. يوم 1 يوليو 1967 العدو فقط هو من عرف على الأرض شجاعة المصريين!. فى الغرب لم يتوقفوا عند ما حدث فى رأس العش.. لأنهم أصلا لم يسمعوا عنها.. إلا أنهم فوجئوا وانصدموا بعدها بعشرة أيام.. فى يوم 11 يوليو!.
فى هذا اليوم حدثت مواجهة بين المدمرة إيلات ولنش الطوربيد 522 بقيادة النقيب عونى عازر والملازم أول رجائى حتاتة ضابط أول لنش الطوربيد!. أصابوا لنش الطوربيد إصابة قاتلة وهى مسألة وقت ويبتلع البحر لنش الطوربيد!.
البطلان عازر وحتاتة.. اتخذا أجرأ وأشجع قرار!. التحرك بأقصى سرعة للنش الطوربيد للاصطدام بالمدمرة إيلات.. رسالة حاسمة واضحة للعدو بقدرتنا على النيل منهم!. المدمرة دمرت لنش الطوربيد وهو على بعد ثلاثة أمتار منها!. البطلان الشهيدان بقرار الاصطدام بالمدمرة.. كسرا حاجز الرهبة من المدمرة العملاقة.. ومهدا الطريق للتفكير.. ولِمَ لا نقضى عليها.. وهذا ما حدث بعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام.. وتلك هى حكايتنا اليوم والتى زلزلت العالم وقتها فى 21 أكتوبر 1967 أى بعد هزيمة يونيو بأربعة أشهر و16 يومًا.. الجيش الذى اعتبره العالم لن تقوم له قائمة.. أغرق أكبر قطعة بحرية فى الأسطول الصهيوني!. تعالوا نبدأ الحكاية من أولها:
لنشات الصواريخ.. دخلت الخدمة سنة 1961 كأحدث سلاح فى البحرية المصرية.. قيادة هذا السلاح الجديد أسندت للعقيد بحرى أركان حرب السيد عبدالعال كفاءة القائد مع الروح المعنوية العالية للرجال لامتلاك مصر مثل هذا السلاح الجديد.. ظهرت واضحة فى التدريبات واستيعاب هذه التكنولوجيا الجديدة علينا.. وفى فترة قياسية أصبح لدينا سرب لنشات صواريخ جاهز للعمليات ممثلا فى لنش الصواريخ 504 بقيادة النقيب أحمد شاكر عبدالواحد ولنش الصواريخ 501 بقيادة النقيب لطفى جاد الله.. لنش الصواريخ طوله 18 مترًا وتسليحه صاروخ جانب أيمن وصاروخ جانب أيسر.. المهم هنا أن التعليمات صدرت بانتقال سربى.. الطوربيد والصواريخ إلى قاعدة بورسعيد البحرية القريبة من مسرح عمليات محتمل فى البحر الأبيض قبالة سيناء التى يحتلها العدو!.
وفى يوم 11 يوليو صدرت التعليمات إلى سرب لنشات الطوربيد.. بالتحرك واستطلاع ما يدور فى مياهنا الإقليمية قبالة بورسعيد.. على ضوء المعلومات التى تفيد بوجود قطع بحرية للعدو.. وخرج السرب المكون من لنش القيادة بقيادة النقيب عونى عازر واللنش الثانى بقيادة النقيب ممدوح شمس.. ودخل اللنشان فى مواجهة مع المدمرة إيلات وبعض لنشات الطوربيد المصاحبة لها!. المدمرة دمرت لنش الشهيد النقيب ممدوح شمس بصاروخ.. لينفجر اللنش بكل من عليه!. ثم أطلقت المدمرة صاروخًا آخر على لنش الطوربيد 522 فاشتعلت النيران فى مؤخرة اللنش.. ليأمر قائده النقيب عونى عازر من تبقى من طاقمه أحياء بالقفز فى المياه.. وبالفعل قفز الأربعة المتبقون أحياء إلى الماء.. ونجوا من الموت ليحكوا لنا فيما بعد اللحظات الأخيرة.. التى رفض فيها الملازم أول رجائى حتاتة تنفيذ تعليمات قائده عونى عازر بمغادرة اللنش.. وإصراره على أن يبقى معه.. لينفذا آخر مهمة لهما والتى هى قرار استشهادهما.. وهو الاصطدام بالمدمرة باللنش وهما على متنه!. القرار الذى أذهل قائد المدمرة إيلات وكتبه فى مذكراته التى صدرت باسم «الرحلة الأخيرة» ووصف به ما رآه.. إنها شجاعة وصلت حد الجنون!.
مصر فى هذا اليوم خسرت 34 شهيدًا.. ومصر فى هذا اليوم أرواح شهدائها.. سطرت ووقعت رسالة تحويل أوراق المدمرة إيلات إلى الآخرة!.
ومرت الأيام إلى أن جاء يوم 19 أكتوبر وفيه رصدت رادارات قاعدة بورسعيد أهدافًا معادية.. تظهر وتختفى.. وتكرر الأمر يوم 20 أكتوبر.. أهداف تظهر على الرادار وتختفى.. ولحسم الأمر.. أرسل النقيب أحمد شاكر قائد سرب لنشات الصواريخ.. الملازم أول حسن حسنى ضابط أول لنش الصواريخ 504.. إلى نقطة الاستطلاع البصرى الموجودة أعلى فندق الهيلتون المواجه لقاعدة بورسعيد البحرية.. وبالفعل تم رصد هدف بحرى عسكرى للعدو.. وكانت تلك هى اللحظة التى ينتظرها الرجال بفارغ الصبر!. لحظة الثأر عما سبق فى 5 يونيو.. وما لحق لل34 شهيدًا بصاروخى المدمرة إيلات!.
درس لنشات الطوربيد وعيناه!. رادارات القاعدة تتوقف منعًا للرصد!. لا خروج لعرض البحر من ممر الشمندورات المرصود من رادار المدمرة إيلات!. المسافة بين اللنشين أقصر مسافة.. ليظهرا على رادار المدمرة كأنهما هدف واحد!.
وبالفعل بدأ تنفيذ التعليمات!. سرب الصواريخ تحرك!. اللنش 504 بقيادة النقيب أحمد شاكر ولنش الصواريخ 501 بقيادة النقيب لطفى السيد جاد الله.. الخروج تم من فتحة ضيقة يمين ممر الشمندورات الذى ترصده المدمرة!.
الفتحة الصغيرة هذه تخرج منها «بلانصات» الصيد الصغيرة!. ولأجل أن يبدو الأمر أنه مراكب صيد صغيرة.. كل لنش أطفأ ثلاثة محركات.. حتى يبدو وكأنه مركب صيد!. المسافة بين اللنشين أقل من 50 مترًا.. ليظهرا على الرادار وكأنهما هدف بحرى واحد!. التحرك تم فى الخامسة بعد ظهر 21 أكتوبر.. اللنشان وصلا الموقع المحدد فى الخامسة و28 دقيقة.. وهو وقت لا ينسى ومستحيل أن ينسى!.
النقيب أحمد شاكر قائد السرب واللنش 504 أصدر تعليمات بإطلاق الصاروخ الأول (صاروخ جانب أيمن) ليصيب الجزء العلوى من المدمرة.. الموجود به غرفة القيادة وغرفة الرادار واللاسلكى.. محطمًا الجزء العلوى من المدمرة ومنعها عن طلب النجدة!. وقبل أن تفيق المدمرة ومن عليها من الصدمة.. أصدر القائد أمر إطلاق الصاروخ الثانى (صاروخ جانب أيسر) بعد دقيقة واحدة من إطلاق الصاروخ الأول.. ليصيب منتصف المدمرة تمامًا لتنشطر المدمرة إلى نصفين.. وبدأت فى الغرق.. بعد أن دمر الصاروخ الثانى غرفة الماكينات!. فخر البحرية الصهيونية.. تغرق!.
ويصدر قائد السرب أوامره للنش 501 بعدم إطلاق نيرانه.. والعودة إلى القاعدة!.
المفاجأة.. بورسعيد كلها على شاطئ البحر.. تتابع بفخر وكبرياء وشموخ.. ما يحدث على «مدد الشوف» فى عرض البحر!. الصاروخان صوتهما سمعته بورسعيد.. والنيران التى تحرق المدمرة إيلات.. رأتها بورسعيد!.
فى السابعة إلا الربع.. رصد القارب 501 هدفًا فى مكان المدمرة التى تحترق وتغرق.. وفى السابعة صدرت التعليمات للقارب 501 بالتحرك والتعامل مع أى أهداف جديدة فى المنطقة.. ووصل إلى منطقة العمليات فى السابعة والنصف.. فوجد المدمرة.. تقاوم فيما يبدو الغرق والنار تحرقها!. قائد اللنش 501 النقيب لطفى جاد الله.. أطلق عليها رصاصة الرحمة!. صاروخ جانب أيمن.. تبعه صاروخ جانب أيسر.. أرسلا المدمرة إيلات إلى الآخرة.. لتسكن قاع البحر قبالة بورسعيد!.
مصر لا ولن يضيع حق لها.. لأنها على حق تدافع عن نفسها وأرضها وعرضها!. ال34 شهيدًا أبطال سرب الطوربيد.. أخذنا بثأرهم ب365 قتيلاً من طاقم المدمرة وطلبة نهائى الكلية البحرية للعدو الذين كانوا على متن المدمرة فى رحلة العربدة قبالة بورسعيد!.
إغراق المدمرة إيلات بعد شهور من الهزيمة.. كان إخطارًا للعالم بعلم الوصول.. أن القضية لم تنته وأن الصراع فى الشرق الأوسط لن ينتهى إلا باستعادة أرضنا.. وأن العدو عليه أن يدرك جيدًا.. أنه فى متناول جيش مصر فى كل لحظة وأى مكان.. وأيضًا!.
تاريخ العسكرية فى العالم.. سجل للبحرية المصرية السبق.. فى أنها صاحبة أول عملية عسكرية فى تاريخ الحروب.. التى تستخدم فيها صواريخ سطح-سطح من قطعة بحرية صغيرة.. ضد قطعة بحرية ضخمة وتغرقها!.
أبطال لنش الصواريخ 504 هم: القائد.. النقيب أحمد شاكر عبدالواحد.. وضابط أول: الملازم أول حسن حسنى أمين.. وضابط التسليح ملازم أول: السيد عبدالمجيد وضباط الصف حسين محمود عمارة وفصيح صابر شحاتة وعبدالهادى شوقى ومحمد رجب وعلى عبدالعزيز وصلاح الدين حافظ ومحمد جودة ومحمد على حسين وسمير محيى الدين وخيرى بركات وعلى عبدالله وأحمد الجوهرى وسعيد فودة البدراوى وعبداللطيف محمد وحمدى على فرغلى والسيد أحمد محمود ومحمد شعبان الوكيل والسيد البكينى أبطال لنش الصواريخ 501.. القائد نقيب لطفى السيد جاد الله وضابط أول الملازم أول ممدوح مصطفى منيع وضابط تسليح ملازم أول محمد شهاب أبوالسنون وضباط الصف: حامد التابعى ومحمد زيدان وإبراهيم يونس ووهبة عرفة حسونة وعبدالحميد مناع وبكرى فتح الله ومحمد رشاد وعبدالعزيز المنشاوى ونعيم حمد الله والسيد عبدالسلام ومعوض سرجيوس وأحمد سلامة ومحمد سعد الدين وعبدالعزيز طاحون والسيد صبرى والسعيد عبدالمحسن ومجند سالم إبراهيم سالم.
مهندس سرب الصواريخ.. نقيب مهندس سعد الدين السيد حسن.. أما قائد هؤلاء الأبطال.. العقيد السيد عبدالعال.. قائد اللواء الثانى لنشات صواريخ.
السلام عليكم أينما كنتم أيها الأبطال العظام.. والتحية والشكر والامتنان والحب والفخر والتقدير إلى جيش مصر العظيم فى الأمس وفى اليوم والغد وكل غد بمشيئة الله..
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.