المدارس الخاصة تجبر أولياء الأمور على الاشتراك في الباص.. والتعليم تعلق    19 شهيداً بينهم أطفال بقصف مدرسة تؤوي نازحين في غزة    بدر عبدالعاطي يلتقي وزير خارجية الجزائر    الخطيب: احتفالات الأهلي ستتوقف بعد الخروج من الملعب.. وأشكر الجماهير العظيمة    أحوال الطقس في مصر.. تعرف على أبرز التقلبات الجوية    تفاصيل مأساوية وراء وفاة نجل المطرب إسماعيل الليثي    حقيقة تأجيل الدراسة في أسوان بسبب الحالة المرضية    تفاصيل صادمة في سقوط نجل مطرب شهير من الطابق ال10.. ما القصة؟    متحدث الحكومة: الجزء المتبقى من الأدوية الناقصة بسيط جدًا.. والأزمة تنتهي خلال شهر    فحص 515 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    الاتحاد الأوروبي: القضية الفلسطينية عادت للطاولة بعد أحداث 7 أكتوبر    استرداد 159فدانا من أراضي الدولة بأبي قرقاص    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    اكتمال عدد المشاركين بورشة المخرج علي بدرخان ب«الإسكندرية السينمائي»    فيلم 1/2 فيتو يثير الجدل بعد عرضه في مهرجان الغردقة لسينما الشباب بدورته الثانية    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    الأزهر للفتوى: الإلحاد أصبح شبه ظاهرة وهذه أسبابه    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    ستيفان دوجاريك: جوتيريش يحذر من أي تصعيد يهدد باتساع الصراع بدارفور    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    أول ظهور لأحمد سعد مع زوجته علياء بسيوني بعد عودتهما    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    ندوات توعوية فى مجمعات الخدمات الحكومية بقرى حياة كريمة في الأقصر.. صور    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    صلاح يستهدف بورنموث ضمن ضحايا ال10 أهداف.. سبقه 5 أساطير    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في زمن الكورونا
نشر في بوابة الأهرام يوم 06 - 06 - 2020

إلى متى سيظل يرفع كفه الحانية عن بُعد فى رسالة قاطعة كافية لردع الحنان المنذر بالتدفق من حنايا شوقى الدائم إليه؟!.. إلى متى لن أستطيع ضم ابنى إلى صدرى؟!.. كم من الوقت بقى كى يأخذ بيدى ويسند ظهرى ويلثم جبينى ويربت على خدى وأضع رأسى على كتفه وأمسح دموعى فى منديله، وأعطس يقول لى يرحمكم الله، وأسعل يناولنى منقوع اللبان الدكر، وأسخن يقيس حرارتى بظهر يده ويعمل لى كمادات، ويطلب أولع له صوابعى شمع، ويخرج وأوصله بالدعاء لباب السِكة.. و..
هل هناك من يُحدد لى توقيتًا لعودة اندفاعة حفيدى لأحضانى؟ !.. وكم من الزمان لم يزل فيه سد البعاد قائمًا بين أصابعى وملمس قطيفة وجه حفيدتى؟!.. وأين منى طفولتهم عندما كان لا يحلو لهم سوى تسلق ظهرى وتمشيط خصلاتى وفرد تقطيبة الزمان على جبهتى بأصابعهم، وفتح أفواههم الصغيرة لتناول ملعقة طعام نفخت فيها بأنفاسى حتى يبرد محتواها..
وأبدًا لم ينج أحد منهم فى لعبة «آدى البيضة وآدى اللى قشرها وآدى اللى قال لها هم هم» من أن أميل عليه آكل بطنه أدغدغه ليغرغر بضحك فم لم تنبت أسنانه اللبنية بعد.. هل.. هل كان فى مخيلة الأيام أنى الآن بحكم سنى ووهنى وضعف مناعتى وكوكتيل أمراضى المزمنة قد وضعت وحدى جبريًا وصحيًا وأسريًا وحصريًا وعاطفيًا داخل شرنقة الاهتمام القسرى تخوفًا على رهافة مناعتى من ملامسة أعز الناس الذى قد يكون حاملا لمتعوس الرجاء حتى لا تثير المجازفة حفيظته فيطوينى فى الباى باى بلا قبلة وداع حميمة أو لمسة مؤازرة أو حتى مشوار مرافقة حزينة للقبر المعقم سلفًا.. وما بقى من عمرى.
ويارب يجعل كلامى خفيفًا على أبو نمرة 19، كى يبقى لى عمر أعيش فيه على ذكريات كان يوفرها لنا عالم يفر من بين أصابعنا، حيث لم يعد لى صديق سوى عكاز الذكريات ومشاهد كالحفريات على جدران العمر تتباعد تتلاشى على شاشة الماضى البعيد والقريب أحداثها الإنسانية حبًا وقربًا وملامسة ومؤانسة وترانيم اللقاء.. لقاء لبنى عبدالعزيز الرومانسى بعبد الحليم على أطراف صحراء مصرالجديدة ومترو البارون إمبان قبل الكبارى فى فيلم «أنا حرة» عندما بحث تهويم أصابعها عن يده لتبيت فى حضنها فيمتزجان بأيادى متعانقة فى خطوات سابحة، وعلى شاشة الممنوعات الحالية ذكرى شكرى سرحان وفاتن يطويان الشاطئ طيًا لملاقاة العناق.. أحمد.. آماااال.. وهل كان عبدالوهاب يدرى أن رائعته «بلاش تبوسنى فى عنية دى البوسة فى العين تفرق» أن الأيام القادمة حبلى بيوم أغبر سيأتى على تلك القبلة ليجعلها لا تفرق فقط بل تنزل كالضربة القاضية على مانحها ومتلقيها والتى لا بعدها نظر ولا شم ولا نفس طالع ولا نفس جاى!!
وهنيئًا للزعيم عادل إمام الذى شبع واستكفى والحق يُقال لثمًا وضمًا لبطلات أفلامه طوال مشواره الفنى المتفرد، وربما استشرافًا منه للمستقبل نقل نشاطه من حالة اللثم إلى الصفع لواحد بالذات يظل يدور من حوله لتلقى الصفعات داخل القصة..
وقبل ذهابها للسكنى معى فى عالم التراث أظل أعيش على أنغام رقصات التانجو والفالس وهات إيديك ترتاح فى لمستهم إيديا وهات عنيك ترتاح فى نظرتهم عنيا، وعيناك فى عينيه فى شفتيه، والقريب منك بعيد والبعيد منك قريب، وأدوب لك فى شرباتى شفايف الورد، وزغرودة حلوة رنت فى بيتنا لمت حارتنا وبنات حارتنا، ويا أصحابى يا أهلى يا جيرانى أنا عايز أخدكم فى أحضانى، وتسوى إيه الدنيا وانت مش معايا هى تبقى الدنيا دُنيا إلا بيك إنت أقرب منى ليّا، وقل لى ولا تخبيش يا زين إيش تقول العين للعين؟ لما العين تشوف حبيب تقوله ولا تخشاشى رقيب.. وحلال القبلة ولاّ حرام؟!.. القبلة إن كانت للملهوف اللى على ورد الخد يطوف ياخدها بدال الواحدة ألوف ولا يخشى للناس ملام.. ولا يسمع للناس كلام!
ويقولون إن الحل الوحيد لمقاومة «كوفيد 19» هو الالتزام الصارم بشروط السلامة إلى حدود تشبه قطع العلاقات بين الكائنات، فالاقتراب منك فخ ولا حل سوى التباعد، وأننا نتجه بلا شك إلى العيش فى عالم لا يشبه بحال الذى كنا ننعم بتسامحه قبل ثلاثة أشهر وبالغنا فى التذمر منه، وها نحن قد اكتشفنا هشاشة الأرض التى نقف عليها، فلا المختبرات توقعت ولا الجيوش صمدت ولا الأساطيل نجت ولا الغواصات توارت ولا العمالة أُنقذت ولا الاقتصاديات رسخت ولا السياحة دامت، وقد ضاع العلماء وضيعونا معهم، فكما دخلنا المحاجر فى جهل خرجنا منها بغموض أكبر وصار من هم فوق الخمسين من كبار السن وقد كانت المفاخرة أن الشباب بفضل معجزات الطب وممارسة الرياضة يدوم حتى الثمانين ويزيد، وملايين يعودون الآن إلى مكاتبهم ومقاهيهم ومطاعمهم ومدارسهم بينما لاتزال العدوى مستشرية والفيروس مجهول الطباع والهوية، ولا يمر يوم إلا ويطل مسئول يعلن أن بلاده وجدت الدواء الشافى، وهذا ليس من العلم فى شيء بل مجرد استعراضات إعلامية، فالأدوية لا يعلن عنها قبل اختبارات طويلة على أعداد كافية من البشر كى لا يتحول العلم إلى نكتة والكلام عن لقاح إلى مادة لتعبئة فراغ الخطب الهزيلة.
الوحش الغامض يصطاد الشارد والوارد والجميل والقبيح لتلتهم الأرض فى تجواله آلاف النعوش بجثامينها، وأبدًا لا تنحسر شراهته لتظل أذرع الأخطبوط تلوش فى كل مكان وكل مكان خاضع لإرادته الغاشمة، ونظل فى انتظار القادم من شاطئ المستحيل بسيفه البتار ليطعنه بلقاح فعال.. من كان يتوقع قبل الثلاثة أشهر أن حياتنا سوف تنقلب رأسًا على عقب؟! لقد كان يمكن أن نتوقع عدوًا خارجيًا. أن نحتاط مما يحيط بنا.. أما الآن فقد أصبحت أجسادنا هى عدونا..
صار الخوف مبررًا من اليد إذا صافحت، والفم إذا عطس والأنف إذا استنشق.. انقض كورونا فجأة من مخبئة ليُذكرنا بأن المسلّمات ليست بالمسلّمات، وأن المقهى والمطعم والبلاج وتورتة عيد الميلاد وكوز الذرة ع الكورنيش وقبلة العاشقين وأحضان التلاقى وملامسة الأيدى والأوكازيون وزحام الملاهى وحلقات الذِكر وسرادق العزاء والعرض المسرحى الخ.. وكل الأمور التى كنا نعتبرها طبيعية ونمارسها فى حياتنا اليومية يمكن أن يتم حرماننا منها فى غمضة عين من عدو مجهول يتنقل على بساط الريح نستنشقه داخل أنفاسنا لتنكسر أشياء كثيرة فى وقت واحد وتصاب أبراج كثيرة من زجاج بشروخ لا يمكن إصلاحها.. إننا بالفعل نعيش مرحلة داروينية عنوانها «البقاء للأقوى» ذلك لأنه من الواضح حتى الآن أن كورونا المستجد أشد فتكًا بالأضعف بيننا: الكهول والمواليد الجدد ومن يعانون من الأمراض المزمنة وضعف المناعة فى الأساس.
فى زمن الكورونا تحول المصابون والضحايا من بشر من لحم ودم وأحلام إلى أرقام فى إحصائيات يومية وخطوط متعرجة صعودًا وهبوطًا بألوان مختلفة داخل رسوم بيانية صادرة عن أجهزة تكنوقراطية رسمية مكرسه لمتابعة تطورات الموقف الوبائى وتحولاته أولا بأول ويومًا بعد يوم، وبلا وعى تُنزع الصفة البشرية عن الضحايا عبر تحويلهم إلى مجرد أعداد تتقافز على الشاشات لمتابعة ورصد تحركات الفيروس ومدى تقدمه أو انحساره، وأصبحت الإحصائيات البيانية اليومية التى نحرص على متابعتها وسيلتنا لمعرفة إذا ما كنا لم نزل عرضة لفتك الفيروس واحتمالات طلوع الروح لبارئها، أو أننا لحسن الحظ وحده وضعنا أقدامنا على طريق السلامة وانحدار السلم من ذروة الولعة لبر الأمان..
غدونا مهووسين بمعرفة مدى سيطرتنا على موقف لا يمكن السيطرة عليه، ووسط الإعصار نسينا أن الأرقام ما هى إلا بشر افترسهم الوباء، والغريب والعجيب أن الاسم «كورونا» بالذات فى اللغة الإسبانية واللاتينية القديمة يعنى «التاج» ومن هنا جاء استخدامه بشكل متميز كعلامة تجارية لتغدو من أحلى أنواع الشيكولاتة مذاقا فى مصر ولم تزل تحمل لقبها للآن، وهو اسم لمشروب البيرة المكسيكية الشهيرة، واسم لشركة يابانية متخصصة فى إنتاج أجهزة التكييف والتدفئة، وشركة لمنتجات العنب فى إيطاليا، وكان قديمًا اسمًا لأحد موديلات سيارات شركة تويوتا اليابانية، وهناك مدينتان فى الولايات المتحدة الأمريكية بولاية «نيويورك» والثانية فى كاليفورنيا تحملان اسم كورونا، وحتى الاسم العلمى للفيروس «كوفيد» له أيضًا نصيب من الزمبليطة، فهناك شركة فى ولاية أريزونا الأمريكية تحمل الاسم الذى أعلن رئيس الشركة عن معاناته من ارتباط اسم شركته بالجائحة العالمية المدمرة، وعلى ذِكر الولايات المتحدة فقد بدأت المتاحف هناك فى تخزين ذكريات وباء كورونا مثل متحف «أوترى» فى لوس أنجلوس الذى قام منذ ابريل الماضى باقتناء 160 قطعة ترصد وتعبّر بدقة ومصداقية عن كل ما يتعلق بالوباء من مذكرات شخصية فى فترة العزل ووصايا ولقطات وأقنعة ووصفات منزلية وألعاب فردية ومن بين المقتنيات لوحة لطفل فى السادسة كتب فيها بحروف ضخمة بعد منعه من الذهاب للمدرسة مع الأطفال «لم أذهب إلى أى مكان» وتحتها صورة وجه حزين باللون الأزرق..
وتتوالى المتاحف فى اقتناء آثار كورونا وعلى رأسها متحف سيمثونيان الوطنى، ولابد لنا فى متحفنا المماثل من صورة لباقات الورد التى وضعها الجيران أمام باب شقة طبيب الدقهلية الذى أصيب بالداء أثناء تأدية عمله الفدائى.
ثلاثة أشهر نبدأ نهارنا بتفقد حجم الجرائم التى ارتكبها الغول ليلا، ونتفقد آخر إنجازاته قبل الذهاب إلى نوم كالكابوس، وبين الموعدين عالم بالكمامات والنصائح والتحذيرات ليترسخ الاعتقاد بأن الإنسان دُفع وحيدًا إلى نفق كئيب معتم معروفة نهايته، ولم يعد هناك من يكابر ويظن نفسه شجيع السيما مثلما ظلت إيطاليا حتى 27 فبراير غير مستعدة للتعامل مع كورونا كوباء خطير إذ كانت الوفيات لديها 17 حالة فقط، وحينها أعلنت الحكومة الحجر الصحى على 11 بلدة فقط فى الشمال، وحدث أن الحكومة بعدها لم تتشدد ولم تتعامل بحزم، بل إن زعيم الحزب المعارض «نيكولا سنجاريتى» قال للإيطاليين «يجب ألا نغير عاداتنا وأسلوب معيشتنا فاقتصادنا أقوى من الخوف».. وسافر نيكولا إلى ميلانو وجلس فى أحد المطاعم يتناول البيتزا وسط شلة من الطلبة ونشر صورته ليحث الإيطاليين على الخروج، وبعد عشرة أيام فقط تغير الوضع وبدأت سلسلة الضحايا بوفاة 233 مواطنا، هنا فقط أفاقت إيطاليا من نومها بعد أن سبقها الوباء ونشر سنجاريتى اعتذارًا واعترافًا بأنه مصاب بالفيروس المخيف، والآن تقوم عصابات المافيا فى إيطاليا بما كان يفعله الإخوان فى مصر منتهزة توابع أزمة الحجر الصحى من الفيروس الوبائى لتقديم أعمالها الخيرية الفجائية زيت وسكر الإخوان حيث تحول أفراد تلك العصابات فجأة إلى ملائكة رحمة متطوعين لإنقاذ المحتاجين من خطر الجوع والعوز وتقديم الحماية لهم، ونظرًا لانشغال الحكومة للتصدى لآثار ضربات كورونا القاتلة وجد هؤلاء الأرض أمامهم ممهدة للتحرك ولضرب عدة عصافير بحجر واحد أولها تجنيد شباب جدد وضمهم إلى صفوف الكوادر القديمة، وثانيا الاستحواذ على الكثير من الشركات الصغيرة والمحال التجارية المفلسة بأثمان زهيدة لاستثمارها تجاريا مستقبلا خاصة فى غسيل الأموال، وثالثا لتوسيع مساحة البيئة الحاضنة الموالية وتمديد حدودها لتمكينهم من التحرك والعمل بأمان وحرية..
استغلت المافيا غياب الدولة فى الأحياء الفقيرة وانتشروا فيها علنًا بسيارات محملة بالأغذية والأدوية لتوزيعها على محتاجين غير مرئيين للحكومة لأنهم غير مسجلين ضمن قوائم دافعى الضرائب لاعتمادهم على العمل فى نشاطات السوق السوداء حيث التعامل نقدًا وبشكل يومى، ولكن المافيا تعرفهم وتعرف كيفية الوصول إليهم خاصة فى مدينة «باليرمو» عاصمة صقلية.
وعلى ذِكر الجناة فإن الإشادة بالمساعدات التى قدمتها الصين لمنظمة الصحة العالمية مؤخرًا، وأيضًا ما قامت به من مساعدات فى إيطاليا وإسبانيا وغيرهما لا يعفيها من المسئولية فإنها لم تكن على مستوى الأزمة فى أولها بل لقد جنت على كل العالم بفقيره وغنيه وظالمه ومظلومه، وذلك لأنها لم تكن من الشفافية والصراحة ما يؤهلها لإعلان خبر الفيروس وإغلاق حدودها ومجالها الحيوى منذ شهر ديسمبر، بل العكس لقد قامت بمعاقبة طبيب العيون الشاب الذى اكتشف الفيروس، وحققت الشرطة معه بتهمة نشر أخبار خاطئة، وتوفى الطبيب بعدها فى فبراير مصابًا بالكورونا..
ولو تم نشر خبر الفيروس منذ ديسمبر لما دخل الصين زائر واحد، وما كان سينتشر الوباء، حيث دخل الصين فى فترة الكتمان ما يقرب من سبعة ملايين ثم خرجوا والكثير منهم كان حاملا للفيروس، ولقد صرح عمدة مدينة «ووهان» نفسه تحت الضغط بأنه لم يعلن عن ظهوره لأنه لم يكن مخولا للكشف عن المعلومات إلا بتصريح من القيادة المركزية للحزب الشيوعى.. ثم وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ أول ظهور للفيروس توجه الصين رسائل متأخرة جدًا عن الفيروس إلى بلدان العالم متحدثة عن التضامن والتنسيق.. «بعد إيه؟!».. بعد خراب مالطة وجسامة التداعيات وموت الآلاف، وهناك تقارير تشير إلى أن هناك حالات ظهرت فى مناطق صينية منذ شهر نوفمبر من العام الماضى وليس من أواخر ديسمبر كما تقول الصين وجرى التعتيم عليها، ومن تعتيمات الصين الأخرى أنه منذ أقل من ثلاث سنوات توفى الصينى الحائز على جائزة نوبل للسلام «ليو شيا وبو» فى مستشفى تحت الحراسة المشددة فى يوليو 2017، وكان قد قضى تسعة أعوام فى السجن بتهمة التحريض على العنف، ورفض النظام طلبه السماح للعلاج خارج الصين.
وقد تصاب بالكورونا وتظن أنه زكام فتشفى منه سريعًا، وقد تصاب بزكام وتتوهم أنه كورونا فتتعب كثيرًا بل قد تموت.. الشاهد من الكلام أن الحالة النفسية تلعب دورًا كبيرًا فى الشفاء والتعافى من أى مرض وليس كورونا فقط.. فلا تموتوا ب داء الخوف فالعمر لن ينتهى حتى نبلغ الأجل، وأنا من ناحيتى أفضل عدم الإفراط فى الحزن وعدم الإفراط فى اليأس وعدم الإفراط فى الاستسلام، فهناك شعور يراودنى بأن إنسانية الإنسان تكمن فى بقاء النافذة مفتوحة فى انتظار فجر قادم من هناك فى نهاية الطريق.. فى انتظار شرارة تأتى من جمرة تراكمت فوقها حقول الرماد.. فى انتظار طلوع شمس النهار وليس ومضة مزيفة لنجمة بذيل... حقيقة الحياة الآن تتأرجح على سلك البين بين.. شوية شوية.. لا كده ولا كده ولا كده.. وعلى رأى أحمد حلمى المستنفر فى إعلانه: ما أنا عادى أهوه.. ولو افترضنا أن لدى كوفيد عقلا قادرًا على التفكير والمراقبة والتخطيط فسنجده قد اكتشف أن نقطة ضعفنا كبشر هى: حاجتنا أن نكون سويًا.. فعلى مستوى العلاقات الإنسانية لا يمكن لأى تطبيق اتصال مرئى رقمى أن يعوضنا عن حاجتنا لمعانقة من نحب، أو تقبيل جبين آبائنا وأمهاتنا، أو مصافحة من نود شُكره، أو حضور الأفراح أو أداء واجب العزاء، كما لا يمكن للتعليم عن بُعد مهما تطورت الخوارزمات المتعلقة به من تعويض الاستفادة التى يحصل عليها الطفل فى فصل دراسى واحد مع زملاء التختة وتحت إشراف الأبلة والأستاذ.. وعمومًا فإن سيناريوهات التغيير مفتوحة من بعد الطوفان، فالبشرية لم تزل فى البرزخ يعتريها الذهول، والرؤية غائمة، والضباب كثيف، وحين تكون عالقًا فى نفق لا تملك لنفسك سوى الانتظار.. والحديث عن تغير العالم من بعد كورونا يطرح أمامنا تسونامى هائلا من الأسئلة على رأسها.. ما الذى سيتغير فى العالم؟! هل التغير سيشمل جميع مكونات عالم اليوم وأبعاده؟!. ما الذى سينتهى وما الذى سيبدأ من بعد كورونا.. وها هى أمريكا قد نزعت أقنعة الحماية من الفيروس ونزلت لخضم المظاهرات ليصف دونالد ترامب المحتجين بالرعاع والفشلة وقتلة نزلاء دور المسنين عندما تركوهم عزلاء فى مواجهة الموت.
و.. من أدبيات الكورونا: الصحة بتقول اغسل ايديك لمدة عشرين ثانية قبل الأكل.. أهلى جايبين كباب رحت أغسل ايدى ورجعت لقيتهم بيشربوا الشاى.
بعد ما فشل موضوع وعى الشعب إحنا دلوقت بنراهن على جدعنة الفيروس.
النهاردة بس عرفت قيمة الكمامة.. عديت جنب واحد سالف منه فلوس ومعرفنيش.. أمريكا خصصت 2 تريليون دولار لمواجهة كورونا.. الموقف ده بيفكرنى لما تاخد فلوس حرام من حد.. فيدعى عليك تصرفها ع الدكاترة.
وكان المصريون القدماء فى عام 2020 يحتفظون بملابس خروجهم إيمانا منهم بأن هناك حياة بعد الحظر.
المصريين كل ما يتكلموا.. يموتوا.. «موتنى من الضحك».. أنا ميت من الجوع. أنا ميت من البرد.. كنت هموت من الصدمة».. أنا ميت من التعب.. «مت من كتر الشغل».. بموت فيكى».. حقيقة ناس غريبة جدًا.. أموت وأعرف بيجيبوا الكلام ده منين؟!
على فكرة إنت طلعت سلبية.
- وانت عديم المسئولية وأنانى ومتسلط ومهمل وعايش فى الوهم ومبتفكرش غير فى نفسك ومامتك هى اللى ممشياك
- يا مدام أنا الدكتور وبقولك على نتيجة التحليل.
«وكنت أعشق قبلا لحن عطستها فصرتُ إن عطست ينتابنى الهلعُ» أبو كمامة الكورونى
- الناس اللى كانت بتقول احنا داخلين على أيام سودة.. اصحوا يا حبايبى احنا وصلنا..
مصر بعد الحظر حتتكون من عيلتين بس.. عيلة الفخايدة وعيلة عزيز الهانش.
نفتح تدريجى وزى ما تيجى تيجى، ولا نفتح حبّة حبّة واللى خايف يستخبى؟ that is the question
فى زمن الحظر.. دخل فوجد زوجته تقطع البطاطس فانتابته نفحة رومانسية حانية وقال: اوعى تجرحى إيدك.. فأجابته بواقعية مدمرة: ليه دخل عليا سيدنا يوسف.
موضوع كورونا مش محتاج مسحات ودفع مبالغ طائلة.. هات حتة بسبوسة وحتة جبنة قديمة ودوق.. لو الاتنين واحد يبقى سلّم لى على المترو..
أحب أشكر ظروف الحظر اللى خلتنى أقعد فى البيت مع أولادى واكتشفت إنى معرفتش أربى.
حكمة اليوم: «ياريت لو فيه لفظ خارج ياخدنى معاه».
إن شاء الله بعد ما نخلص من الكورونا حنقسم نفسنا أربع مجموعات: الأولى حتروح لدكاترة جلدية علشان تتعالج من آثار الكحول والكلور. الثانية حتروح لدكاترة نفسيين علشان تتعالج من الاكتئاب. الثالثة حتروح لأخصائى تغذية علشان مش عارفين يطلعوا من الباب. الرابعة حتروح للمحاكم علشان تخلص إجراءات الطلاق.
احنا روحنا نعقم شقة رنينا الجرس أم المُصاب فتحت سألتها فين الحالة؟ قالت لى: «بيجيب عيش من الفرن وجاى مش هيتأخر يا ضنايا»..
صديق لقيته منزّل خبر مُفرح وسط الأحداث دى كلها.. عملت له بلوك. هو دا وقته!
واحد قابل جاره فى مدخل العمارة وقف يقول له شايف يا حاج من ساعة ما قفلوا الكوافيرات والستات بانت على طبيعتها.. رد عليه: حاج مين يا عديم النظر أنا مدام رشا جارتك فى الخامس..
سمعت جارتنا بتقول لجوزها لو قعدت عاقل وشاطر هخليك تنزل ترمى الزبالة.
جوزى رجع من برّه خليته يستحمى بديتول ومية بخل وغرغر بمية عليها معقم للفم ورش كلونيا.. كده كفاية ولاّ أغليه!
واحد بيتلكك لمراته وهى نازلة بيقول لها: الكمامة دى ضيقة متلبسيهاش تانى.
وسيذكر التاريخ أننا انتصرنا على الكورونا باستخدام الBDA.. أى بركة دعاء الوالدين.
كان هيحصل إيه يعنى لو مدام ياسمين الخيام قالت يارب كتر أفراحنا وسكتت، وماكانشى لازم تقول على أد نيتنا ادينا..
إحنا ساعة كمان فى البيت والأستاذ جورج قرداحى هيستضيفنا فى برنامجه « المسامح كريم »
- عاجل لعلاج الفيروس: لمدة يومين اشرب مية وعسل وليمون.. ثالث يوم اشرب مية وليمون، هايطلع لك الفيروس يسألك أمال فين العسل؟! اضربه بالشبشب على أم راسه هيموت علطول.
وسجل يا زمان إننا والحمد لله من الجيل اللى شاف كل حاجة: زلازل وثورات و4 رؤساء وحروب ووباء.. وتجينى تلاقينى لسه بخيرى.
رحت أشترى لب لزنقة الحظر، البياع محترم لابس جوانتى فى إيده.. قال لى لازم نخاف على غيرنا.. وقام نافخ فى القرطاس من تحت الماسك عشان يعبى اللب.
من كتر معلومات الكورونا على موبايلى بدل ما يرن بيعطس.
أنا ممكن استحمل أيتها حاجة إلا أن مراتى تقول للعيال: عيب كده لعبوا أبوكم معاكم شوية.
اكتشافات فى الأسبوع الأخير:
- عدد بلاطات السيراميك فى الشقة 620 بلاطة
- سلك الدش حوالين الحيطان 90 شبر
- وزن ترابيزة الصالون أثقل من وزن كرسى الأنتريه بمقدار كبايتين رز
- درج التلاجة بيشيل 30 ليمونة و90 خيارة بالطول أو 55 بالعرض.
- لقيت 7 فرد شباشب ملهومشى دعوة ببعض..
- لقيت الشراب النبيتى فوق الدولاب
- الكومبنيشن بيحتاج ل3دقائق و39 ثانية عشان يتملى مية.
- فيه فرق مقداره ربع ثانية ما بين دوسة زرار النور وإن اللمبة تنور.
- الملاية فيها 27 وردة روز صغيرة و22 فرع بنى مايل ع اليمين وزيهم ع الشمال
- قزازة المية الكبيرة ممكن تشربها على 214 مرة لو شربتها عن طريق ملو غطاها.
- مراتى بتتقلب فى نومها 271 مرة فى 106 منها تقول آه يانى، و36 تقول تعالى لى يامة والباقى تزوم من غير نفخ.
...
مُعَلقة عمرو بن كلثوم فى زمن الكورونا:
ألا هبىّ بكمام يقينا رذاذ العاطسين وعقَمينا
...
فنحن اليوم فى قفص كبير وكورونا يبث الرعب فينا
...
إذا ما قد عطسنا دون قصد تلاحقنا العيون تزدرينا
...
وإن سعل الزميل ولو مزاحًا تفرقنا شمالا أو يمينا
...
وباء حاصر الدنيا جميعا وفيروس أذل العالمينا
...
تغلغل فى دماء الناس سرًا فباتوا بائسين وعاجزينا
...
يقاتلهم بلا سيف ورمح ويتركهم ضحايا ميتينا
...
أيا كوفيد لا تعجل علينا وأمهلنا نخبرك اليقينا
...
بأنا الخائفون إذا مرضنا وأنا الجازعون إذا ابتلينا
...
وأنا المبلسون إذا افتقرنا وأنا الجاحدون إذا غنينا
...
وأنا الباخلون إذا ملكنا وأنا الغادرون بمن يلينا
...
وأنا قد ظلمنا وافترينا وشوهنا وجوه الصالحينا
وأنا قد هجرنا كل حق وصافحنا أكف المجرمينا
...
وأنا ما شكرنا الله حقا على نعم أتتنا مصبحينا
وهذى صفعة أولى لنصحو ونخرج من حياة الغافلينا
وإلاّ فالمصائب مطبقات ونرجو الله دوما أن يقينا
...
واحد خد مراته وراح حللها كورونا وبعد يومين كلموه.. التقرير بتاع مراتك اتلخبط مع تقرير تانى واحنا حاليا مش عارفين هى عندها كورونا ولا عندها زهايمر.. الراجل سأل: طيب أنا المفروض أعمل إيه؟ قالوا له تنزل تروح بيها مكان بعيد عن البيت وتسيبها.. لو عرفت ترجع البيت لوحدها متفتحلهاش.
أنا أبويا ماصرفشى عليا عشان عيل صغير يشوفنى فى البنك بالجوانتى يقول لى عاوز تين شوكى.
- محتارة ألبس إيه بكرة وأنا خارجة للرسبشن.
يوم كمان فى البيت وأطلع اضرب جرس الجيران وأجرى
واحد صاحبنا من كتر قعدته فى البيت مع مراته حبها وعرض عليها الزواج.
إجراءات جديدة للحكومة «قد نضطر لأخذ خطوات أكثر قساوة» معقول يا خدوا مفاتيح البيت ويقفلوا علينا من برة!!
رجاء من الجيران.. لما تتخانقوا علوا صوتكم نفهم إيه القصة.. مش حظر وكمان غموض!
قعدت أكح فى الشغل عشان يمشونى بدرى.. مشونى خالص..
أحسن عقار لعلاج الكورونا حتى الآن هو العقار اللى انت ساكن فيه.
ياريت اللى حيفضل لآخر 2020 يبقى يطفى النور ويتمم على محبس الغاز ويقفل الباب وراه.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.