في خطوة قابلها المسلمون البوشناق في البوسنة والهرسك بالترحاب، أصدرت أمس محكمة العدل الدولية في لاهاي، حكمًا بالسجن مدى الحياة، على رادوفان كاراديتش رئيس صرب البوسنة السابق، المتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية للمسلمين أثناء حرب البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي. وتعليقًا على الحكم، قال الدكتور مصطفى سيريتش مفتي البوسنة والهرسك السابق ل"بوابة الأهرام": هذا الحكم دليل على أن القانون الدولي ما زال فاعلًا ومعتبرًا، وأن جريمة الإبادة الجماعية لم تذهب هباءً، ومهما طال الوقت أو قصر، فإن ضمير المجتمع الدولي السليم سيعاقب عليها أشد عقاب. وتابع سيريتش: هذا الحكم على كاراديتش مدى الحياة يمثل عزاء لضحايا جريمة الإبادة الجماعية، وهو رسالة واضحة لجميع المجرمين أنه لا يمكن الهروب من العقاب لا في الدنيا ولا في الآخرة مهما طال الأمد. وفي تصريح نقلته وكالات الأنباء العالمية، قال رئيس محكمة الاستئناف في المحكمة العليا، فاجن بروس جونسين: إن الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية وهو 40 سنة سجن لكاراديتش، هو حكم "يعكس الجدية الاستثنائية لمسئولية كاراديتش عن ارتكاب الجرائم". وعلى صعيد متصل، نشر إسماعيل سيديتش، رئيس مركز البوسنة الحقوقي تغريدتين، أعلن في إحداهما صدور الحكم ضد كاراديتش، فيما كتب في الثانية "تم الحكم على كاراديتش بالسجن مدى الحياة، و11 عامًا لنائبه، و20 عامًا سجنًا للمتحدث باسم البرلمان.. دون أن أذكر طبعًا القادة العسكريين"، في إشارة إلى صدور أحكام ضدهم أيضًا. وكانت المحكمة الجنائية الدولية في الاتحاد اليوغسلافي السابق، قد حكمت على رادوفان كاراديتش في عام 2016 بالسجن مدة 40 عامًا، لتورطه في مذبحة سربرينيتشا عام 1995 التي راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف مسلم، بالإضافة إلى 9 إدانات أخرى ترتبط بارتكابه جرائم حرب، من بينها حصاره للعاصمة البوسنية سراييفو استمر لنحو أربع سنوات، وأسفر عن مصرع حوالي 10 آلاف شخص، خلال عمليات القصف والقنص التي كانت تنفذها قواته. وكان كاراديتش الذي ظل فارًا من وجه العدالة بعد تنحيه من مناصبه الحكومية طوال 13 عامًا، قد اُعتقل عام 2008 في حافلة قرب العاصمة الصربية بلجراد، وكان حينها يحمل أوراقًا وبطاقة هوية مزيفة تحت اسم دراجان بابيتش يعمل في عيادة خاصة، وكان متخفيًا تحت شعر أبيض ولحية بيضاء كثيفة وطويلة، مدعيًا أنه رجل غير صربي، ويعمل في مجال الطب البديل، مستفيدًا من خلفيته الطبية.