منذ أربع سنوات، تحديدًا في أبريل من عام 2007، عندما تم إطلاق جائزة البوكر العربية في الرواية، لم يكن يتوقع مؤسسوها، أن تثير كل ذلك الجدل في دوراتها التالية، أو حتى في دورتها الأولى، التي لم تكد تعلن نتيجتها بفوز الروائي بهاء طاهر، إلا وكشفت النقاب عن عدة مشاكل بين أعضاء لجنة التحكيم، حول اختيار اسم الفائز. كان هذا بمثابة بداية الخيط، الذي كرّ وراءه بكرة الخيط الكبيرة، وأصبح هناك سيناريو سنوي مقرر ومكرر سنويًا، عنوانه "جائزة البوكر". الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، تم إطلاقها رسميًا في أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. وهي ثمرة تعاون وتنسيق بين مؤسسة "بوكر"، ومؤسسة "الإمارات" ومعهد "وايدنفيلد للحوار الإستراتيجي"، التي كانت تتوق إلى تطوير جائزة خاصة بالرواية العربية. ومن ثم تم إنشاء لجنة من المختصين ورؤساء التحرير والصحفيين الثقافيين، من أجل تقديم المشورة حول طريقة تنظيم الجائزة وتشكيل مجلس أمنائها، الذي تم اختيار أعضائه من العالمين العربي و"الأنجلوفوني". وهم مسئولون عن إدارة الشئون العامة للجائزة. والجائزة خاصة بالرواية حصرًا، وهي تكافئ كلًا من الروايات الستّ، التي تصل إلى القائمة النهائية "القصيرة" بعشرة آلاف دولار أمريكي. بالإضافة إلى خمسين ألف دولار أمريكي للفائز، ولأن الجائزة وهيئتها أعلنت منذ البداية أن هدفها خدمة الأدب العربي، وتقديمه للعالم عن طريق الترجمة، قدر لها أن تكون محورا لجدل لا ينتهي أبدأ، منذ إعلان القائمة القصيرة للجائزة عام 2008. حيث انتشرت الأقاويل وقتها أن الجائزة ستذهب إلى بهاء طاهر، قبل أن يتم الإعلان عن ذلك بشهور، بزعم أن الجائزة تحتاج إلى اسم كبير، لكي يرفع من شأنها، وهي لا تزال "وليدة". ويضيف نجاحه إليها نجاحا، ويزيد التركيز الإعلامي عليها. ثم جاءت الدورة التالية للجائزة عام 2009، بشائعات ومزاعم جديدة، أولها أن حائز الجائزة لن يكون مصريا، حتى لا يفوز بها مصريون في عامين متتاليين. ولأن رواية عزازيل بالأخص لن تفوز بها، لأنها من إصدار دار الشروق، حتى لا تتهم الجائزة، بأنها تحابي دار نشر بعينها. لكن نتيجة الجائزة جاءت صادمة وخالفت كل التوقعات، حيث فازت رواية عزازيل للروائي المصري يوسف زيدان بالجائزة، وهو ما أغضب "رياض الريس" الناشر اللبناني، الذي أعلن احتجاجه وانسحب من مجلس أمناء الجائزة. وتأكد الجميع أن "الريس"، انسحب بعدما خسرت "المترجم الخائن" الصادرة عن دار النشر التي يملكها، لكن "الريس" عاد لينفى بطريقة، هي أقرب لتأكيد الشائعة من نفيها، حيث قال: "دور مجلس الأمناء تنفيذي، ولا دخل لهم باختيار الأعمال الفائزة"، وكأنه يقول: "لو كان لي دور ما فازت عزازيل". وجاءت الدورة الفائتة 2010، لتكون الأشهر في تاريخ جائزة البوكر، الذي لم يكن قد تعدى الثلاث سنوات بعد، والتي بسببها توقع الكثيرون موت الجائزة بعدها. إذ هوجمت الجائزة هذه المرة منذ إعلان قائمتها الطويلة خالية من أعمال حازت إعجاب النقاد، مثل "فى كل أسبوع يوم جمعة"، للكاتب إبراهيم عبد المجيد، و"ملحمة السراسوة" لأحمد صبرى أبو الفتوح"، و"أبناء الجبلاوى" لإبراهيم فرغلي. ثم بعد ذلك حدثت عدة مفاجآت، إذ جاءت دورية "الغاوون" اللبنانية، لتتهم لجنة تحكيم الجائزة، التي كانت مكونة من "الروائي الكويتي" طالب الرفاعي، الذي ترأس اللجنة، والدكتورة رجاء بن سلامة من تونس، والشاعر العماني سيف الرحبي، والناقدة الدكتورة شيرين أبو النجا، والمترجم الفرنسى فريدريك لاجرانج، بالتواطؤ من أجل إعطاء الجائزة للروائية اللبنانية علوية صبح. حيث أشارت الغاوون إلى اجتماع رباعي سرى، ضم جمانة حداد مديرة الجائزة، والناقد جابر عصفور، وصمويل شمعون، والروائية علوية صبح، التي كانت روايتها "اسمه الغرام"، ضمن روايات القائمة الطويلة، وذلك لترتيب ذهاب الجائزة إلى صبح فيما يشبه "كعكة" يتم تقسيمها. وهو ما أثار غضب واستهجان كتاب ونقاد كبار، مثل جمال الغيطاني، الذي تساءل في افتتاحية "أخبار الأدب" عن جدوى لجنة التحكيم واجتماعاتها وأسفارها، إذا كانت النتيجة محسومة سلفًا. كما شن الناقد الدكتور صبري حافظ هجوما آخر، ضد المشرفين على الجائزة، خصوصًا شمعون وزوجته البريطانية. ودفعت قوة الشائعات مؤسسة الإمارات -راعية الجائزة- إلى إصدار بيان تؤكد فيه ثقتها الكاملة في مجلس أمناء "البوكر"، وآليات عملها وفى لجنة التحكيم. وجاءت القائمة القصيرة للجائزة بدون رواية علوية صبح، الأمر الذي دفع البعض للقول إن هذا الاستبعاد كان بمثابة درء للشبهات، واتخاذها "كبش فداء" حتى لا تفقد الجائزة سمعتها. إلا أن استقالة الناقدة الدكتورة شيرين أبو النجا، من لجنة تحكيم الجائزة، التي أتت بعد إعلان القائمة القصيرة للجائزة، زادت من الشكوك حول الجائزة. حيث اعترضت شيرين أبو النجا على الطريقة، التي تم بها التصويت على الروايات الفائزة. فيما أكد "عصفور" أن لجنة التحكيم قد تأثرت بالغوغائية، التي حدثت حول علوية، وعبر عن عدم احترامه للجنة التحكيم، ووصف رئيسها، طالب الرفاعي ب "روائي من الدرجة الثانية". وانتهت هذه الدورة الصاخبة بفوز الروائي السعودي عبده خال بالجائزة. كل ذلك الصخب، الذي صاحب البوكر في دورتها الثالثة، لم يكن ببعيد عن الدورة الحالية. حيث تردد أن جمال الغيطاني رفض ترشيح دار الشروق لجائزة البوكر، عن روايته الصادرة هذا العام بعنوان "من دفتر الإقامة". كما قامت الروائية رضوى عاشور بالأمر نفسه، ورفضت ترشيح روايتها الجديدة "الطنطورية"، دون إبداء أسباب. ثم حدث أن دعا إبراهيم عبد المجيد كبار المبدعين والشباب، إلى مقاطعة جائزة البوكر. مؤكدًا أنها جائزة أثبتت فشلها بجدارة. مضيفًا أنه لا ينبغي أن يضع المبدعون أنفسهم، تحت رحمة أعضاء لجنة التحكيم "الهوائيين"، الذين أثبتوا عدم مصداقية الجائزة، على مدار تاريخها". ورغم كل ذلك الجدل، إلا أن القائمة الطويلة للجائزة، التي ضمت 16 عملًا روائيًا، من أصل 123 عملًا روائيا من 17 بلدًا عربيًا، تضمنت للمرة الأولى أفغانستان. وضمت القائمة الطويلة، رواية "إسطاسية" للروائي خيري شلبي، الصادرة عن دار الشروق، و"رقصة شرقية"، لخالد البرى الصادرة عن دار العين، و"بروكلين هايتس"، لميرال الطحاوي الصادرة عن دار ميريت، واثنين من المغرب هما: "معذبتي"، لبنسالم حميش والصادرة عن دار الشروق، و"القوس والفراشة" لمحمد الأشعري، وروايته الصادرة عن المركز الثقافي العربي. ومن الجزائر رواية "البيت الأندلسي"، للروائي واسيني الأعرج الصادرة عن منشورات الجمل، ومن السودان أمير تاج السر، عن روايته "صائد اليرقات" الصادرة عن دار الثقافة للنشر، ومن سوريا ابتسام إبراهيم تريسي وروايتها "عين الشمس"، الصادرة عن الدار العربية للعلوم "ناشرون"، ومها حسن "حبل سرى"، الصادرة عن دار الكوكب، و"جنود الله" لفواز حداد الصادرة عن دار رياض الريس، ومن السعودية "طوق الحمام" لرجاء عالم الصادرة عن المركز الثقافي العربي، و"فتنة جدة" لمقبول موسى العلوي الصادرة عن دار الكوكب، ومن ليبيا "نساء الريح" لرزان نعيم المغربي الصادرة عن دار الثقافة للنشر، ومن اليمن "اليهودي الحالي"، الصادرة عن دار الساقي لعلى المقري، ومن لبنان "الخطايا الشائعة" لفاتن المرة، الصادرة عن دار النهار، و"حياة قصيرة" لرينية الحايك، الصادرة عن المركز الثقافي العربي". وهذه الدورة الرابعة مرت قائمتها الطويلة، بعد إعلانها مرور الكرام، ولم تحدث أي ضجة بالمرة، رغم خلوها من أعمال، مثل رواية "التكوين"، وهي الجزء الثاني من ملحمة "السراسوة"، الذي سبق أن أثار استبعاد الجزء الأول منها جدلا واسعا، حول اختيارات لجنة التحكيم في الدورة السابقة. كما قررت لجنة الجائزة تأجيل إعلان أسماء أعضاء لجنة التحكيم، لحين إعلان القائمة القصيرة، في تقليد جديد منها. حيث كانت تعلن في الدورات السابقة، تزامنا مع إعلان القائمة الطويلة، في محاولة منها لكسب الثقة مرة أخرى، بعد أن كادت تفقدها نهائيًا. لكن فوز عبده خال ب"البوكر" في دورتها الماضية، فتح الباب لعديد من الشائعات هذه المرة، إذ حمل فوزه دلالة مباشرة إلى التوجه الإقليمي، في منح الجائزة، ولم تنتج هذه الدلالة من ذهاب الجائزة إلى روائي، ينتمي إلى منطقة الخليج العربي، وإنما جاء بإشارة واضحة من لجنة تحكيم الجائزة، التي قالت إن سبب منح خال الجائزة، جاء رغبة لإلقاء الضوء على الرواية السعودية وتطورها. الأمر الذي يحيل مباشرة إلى وجود كوتة إقليمية للجائزة، مما جعل الأنظار جميعها تتجه هذا العام إلى الروائي الجزائري، واسيني الأعرج الذي تضمنت القائمة الطويلة اسمه. وحدثت المفاجأة مرة أخرى، بظهور القائمة القصيرة للجائزة اليوم، خالية من اسم واسيني الأعرج، كما خلت من اسم الروائي خيري شلبي، حيث ضمت من مصر روايتي "رقصة شرقية" لخالد البري، الصادرة عن دار العين للنشر، و"بروكلين هايتس" للروائية ميرال الطحاوي، الصادرة عن دار ميريت للنشر، ومن المغرب روايتي "القوس والفراشة" لمحمد الأشعري والصادرة عن المركز الثقافي العربي، و"معذبتي" لبنسالم حميش والصادرة عن دار الشروق، ومن السودان رواية "صائد اليرقات" لأمير تاج السر والصادرة عن دار الثقافة للنشر، ومن السعودية "طوق الحمام" لرجاء العالم والصادرة عن المركز الثقافي العربي". فهل يتجدد الجدل مرة أخرى حول الجائزة، بعد إعلان قائمتها القصيرة وإعلان لجنة تحكيمها، المكونة من الشاعر والروائي العراقي فاضل العزاوي، والناقدة البحرينية منيرة الفاضل، والمترجمة الإيطالية إيزابيلا كاميرا دافليتّو، والكاتب الأردني أمجد ناصر، والناقد المغربي سعيد يقطين. وهل تتأكد الشائعة الجديدة فعلًا، وتذهب الجائزة إلى كاتب من المغرب العربي، إذ تضم القائمة القصيرة كاتبين مغربيين؟