رحلة عبر ملايين السنين، تحكي تاريخ الكرة الأرضية وبداية الخليقة، مرت من أرض الكنانة "مصر"... فهناك وسط صحراء الفيوم رحلة ل40 مليون سنة في وادي الحيتان، المنطقة التي عاشت فترة العصر الأيوسيني –أحد العصور القديمة قبل وجود البشر- وكانت المنطقة مغطاة بمياه البحر التيسي "البحر الأبيض المتوسط الآن"، وبسبب التغيرات المناخية المتقلبة، بدأت المياه في الانسحاب ليتكون القطبان الشمالي والجنوبي. أما في جنوبسيناء، وفي ذات الفترة تطورت الحياة بمحمية "رأس محمد" ليتكون موقع بحري مميز، يقع بالقرب من مدينة شرم الشيخ، حيث تغطي الشعاب المرجانية الحية 90% من بعض المناطق فيه مقارنة بالعديد من المناطق على طول خط البحر الأحمر. تقع محمية رأس محمد عند التقاء خليج السويس مع خليج العقبة، وتمثل الحافة الشرقية لها حائطاً صخرياً مع مياه الخليج الذي توجد به الشعاب المرجانية، كما توجد قناة المانجروف التىي تفصل بين شبه جزيرة رأس محمد وجزيرة البعيرة بطول حوالي 250 م. تتميز رأس محمد بالشواطئ المرجانية الموجودة فى أعماق المحيط المائي، بالإضافة إلي الأسماك الملونة والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض والأحياء المائية النادرة، التي تسبح بحرية داخل المياه الصافية التي لم تتعرض لتلوث قط. "الحيتان ومحمد" رحلة تاريخية أمس السبت، أعلن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، محمية رأس محمد ووادي الحيتان على القائمة الخضراء بالاتحاد، وذلك خلال مؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية التنوع البيولوجي المنعقد بمدينة شرم الشيخ، والذي تستضيفه مصر لمدة شهر بحضور ممثلي 196 دولة. تعمل القاﺋمة الخضراء للاتحاد منذ إطلاقها في عام 2014 على قياس مدى فعالية المناطق المحمية، وﺗﻤنح المكافآت لأفضل المواقع وتقدم الحوافز للمواقع الأخرى في جميع أنحاء العاﻟﻢ للمساعدة في تطوير إدارتها، كما ﺗﻤنح المواقع المدرجة على القاﺋﻤة الخضراء شهادة تثبت أنها تُدار بشكل فعال وعادل، وذات تأثير إيجاﺑﻲ على الناس والطبيعة، وهي أمور من شأنها دعم وتنشيط الملف السياحي المصري. أعربت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، عن سعادتها بإعلان محمية رأس محمد ومنطقة وادى الحيتان على القائمة الخضراء كأول موقعين بمصر يتم إعلانهما كمناطق خضراء بالاتحاد الدولى لصون الطبيعة، مؤكدة أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية بالتعاون مع المجتمع المحلي بالمحميات وكافة الشركاء الآن، والنجاح هو حماية للتنوع البيولوجى والخسارة سوف يتضرر منها الجميع. "الحيتان ومحمد" رحلة تاريخية وأشارت إلى أن إعلان محمية رأس محمد ومنطقة وادى الحيتان على القائمة الخضراء للمحميات الطبيعية هو انعكاس لجهود الحماية التى تقوم بها وزارة البيئة، بهما للحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، مؤكدة أن هذا الإعلان يحتاج للعديد من الاشتراطات والجهود التي التزمت مصر بها في صونها وإدارتها للمحمية وفق آليات التنمية المستدامة، بالتعاون مع المجتمع المحلى وشركاء العمل البيئي. وأكدت راندة ابو الحسن مدير البرنامج الإنمائي بالأمم المتحدة، أن التنمية والعمل في تطوير المحميات الطبيعية يعد من المفات الواعدة لدعم وتنشيط السياحة وتقوية أواصر الاقتصاد لكل من يبحث عن معايير جديدة للتنمية، فالسياحة الايكولوجية فرصة جديدة لمصر لما تضم من عدد كبير من المحميات الطبيعية والتي يصل عددها نحو 30 محمية طبيعية. وحول التعاون الواضح بين وزارتي البيئة والسياحة، أكدت ابو الحسن سعادتها بالتحالف بينهم في الترويج للسياحة البيئية، وهو ما يحقق الفوز للقطاعين وبما يحقق التنمية المتكاملة. وكشركاء في تطوير محمية رأس محمد، قالت مدير البرنامج الإنمائي بالأمم المتحدة، إن محمية رأس محمد هي من أقدم المحميات الطبيعية المصرية وإشراك المجتمع المحلي وكافة الشركاء للمحافظة على الموارد الطبيعية وفق آليات التنمية المستدامة خطوة جديدة. "الحيتان ومحمد" رحلة تاريخية ويقول الدكتور محمد سامح مدير إدارة الجيولوجيا والحفريات بقطاع حماية الطبيعة: أُعلنت وادي الحيتان "منطقة تراث طبيعي عالمي" من منظمة اليونسكو، عام 2005، لأنها تمثل حركة وصل بين أنواع الكائنات البرية القديمة والمائية الحديثة، مشيرة إلى أن "وادي الحيتان" تراث إنساني لا يوجد في العالم ما يضاهيه، و"لدينا نموذج يحتذى به"، من خلال إقامة أول متحف لتطور الحفريات وربطها بالتغيرات المناخية، فهذه الفكرة لم تأت لأي من الباحثين في العالم. وعن طبيعة منطقة وادي الحيتان التي تضم أكبر تجمع لهياكل الحيتان، يرويها مكتشف الحيتان: تلك الحيتان عاشت هناك بسبب التيارات المائية الهادئة في عصور سحيقة لتوفر الغذاء لنفسها من أسماك متنوعة وعرائس البحر، وكانت الحيتان مفترسة تمتلك فكًا قويًا، عكس الحيتان الموجودة الآن، التي تعتمد في غذائها على فلترة المياه لأكل الهائمات الحيوانية لأنها بدون أسنان. "الحيتان ومحمد" رحلة تاريخية ويضيف: أصبحنا قادرين على تصور هيكل كامل لأي حفرية، من خلال عظمة واحدة، لكن الأمر مختلف تمامًا وأنت تقف داخل وادي الحيتان، حيث تجد نفسك أمام هياكل عظمية سليمة كاملة على نفس صورة موتها، "كان منظره رائعًا وكانت سعادتنا لا توصف"، على حد قولها...هكذا يفتخر سامح بعمله. استطاعت بعثة مصرية كاملة اكتشاف الحوت المتكامل الذي يصل طوله إلى 18 مترًا في إبريل 2015، بعد أن تم اكتشاف أول هيكل بواسطة بعثة أجنبية كانت تدرس طبيعة المنطقة. هناك فرصة كبيرة لدعم وتنشيط السياحة، كما يقول إسلام كمال مدرس مساعد بكلية السياحة والفنادق جامعة السادات، مشير إلى أن إعلان موقع وادي الحيتان ومحمية رأس محمد علي القائمة الخضراء اعتراف كبير بدور مصر وسعيها الحثيث والدائم نحو حفظ تراثها الطبيعي وتنوعها البيولوجي، بالإضافة إلي أن هذه القائمة الخضراء تعد بمثابة أداه تسويقية غير مباشرة للسياحة البيئية في مصر وستزيد من التسويق السياحي للمواقع المصرية المعلنة علي القائمة الخضراء. "الحيتان ومحمد" رحلة تاريخية ويرى أن الإعلان سيساهم في زيادة الأعداد الوافدة من السياح البيئيين حول العالم والمهتمين بالتنوع البيولوجي والذي يتابعون بشغف القائمة الخضراء المحميات الطبيعية. وأشار، إلي ضرورة استغلال هذه الفرصة والتنسيق بين وزارة البيئة والسياحة لوضع هذه الإنجاز في المنشورات والمطبوعات الخاصة بوزارة السياحة ونشرها إلكترونيا بما يضمن نشرها علي موقع هيئة التنشيط السياحي، وضرورة نشره من خلال مطبوعات ووسائل دعائية مختلفة في المكاتب السياحية في كافة أنحاء العالم. وتستمر وزارة البيئة في سعيها لضم العديد من المناطق البيئية ذات الحساسية الخاصة ضمن القائمة الخضراء بما يعلن عن سعيها الدءوب في تطوير المحميات وتنشيط السياحة. "الحيتان ومحمد" رحلة تاريخية