تحل اليوم الذكرى الستة وستون لثورة 23 يوليو المجيدة ، والتي كانت ثورة على الفقر والجهل ، وكان لابد من استخدام القوة الناعمة لتوصيل أهداف ومبادىء الثورة ، الأمر الذى جعل للفن دورا أساسيا وهاما خلال تطبيق مبادىء ثورة يوليو . فانتهز القائمون على صناعة السينما فرصة اعتماد الثورة على الفن للوصول إلى أكبر عدد من المجتمع المصري، و عملوا على تطوير أداء الحركة الفنية، لذا أطلق على هذه الفترة العصر الذهبي للفن بشكل عام و للسينما بشكل خاص. ولم يكن الرئيس جمال عبد الناصر مجرد زعيم ثوري يدرك أهمية الفن في دعم الثورات الوطنية، بل كان يتمتع بحس فني عال ، و لم تقع اختياراته على الفنانين الممثلين للثورة جذافا ، بل كان ذا نظرة فنية ثاقبة في اختيار الممثلين الذين يجسدون الأفلام التى تعبر عن ثورة يوليو ، فكان مثلا يعلم قدر الفنان الكوميدي إسماعيل ياسين عند الجماهير ، لذا وقع عليه الاختيار لتقديم سلسلة من الأفلام المتميزة والهامة لدعم الثورة والجيش المصري ، فكانت البداية مع "إسماعيل يس في الجيش" لتحفيز الشباب على التطوع في الجيش المصري، وعندما حقق الفيلم نجاحا كبيرا قدم بعده "الأسطول، والطيران" والبوليس الحربي" و "إسماعيل ياسين في دمشق". اثبتت الدراسات الفنية أن الانتاج السينمائي خلال حقبة عبد الناصر وصل إلى 700 فيلم ، رغم أن حصيلة الأفلام التي تم إنتاجها في القرن العشرين هى 3 آلاف فيلم فقط، وهذا معناه أن فترة ثورة يوليو شهدت أعلى معدل إنتاج سينمائى . ويعد فيلم "القاهرة 30" من أهم الأفلام التى ناقشت الظروف التى أدت الي قيام الثورة، والفيلم إخراج صلاح أبوسيف، وقصة نجيب محفوظ، ومن بطولة سعاد حسنى، وأحمد مظهر، وتوفيق الدقن، وعبدالمنعم إبراهيم، وحمدى أحمد، وعبدالعزيز مكيوى ، و تدور قصة الفيلم حول ثلاثة أصدقاء من طلبة الجامعة يعيشون فى منزل واحد، على طه الشاب المثقف الذى يحلم بثورة تقضى على الفساد والظلم، وأحمد بدير شاب لا يهتم بشىء يعمل فى إحدى الصحف، ومحجوب عبدالدايم، وهو الانتهازي الذى يتخلي عن أى مبادىء في سبيل الوصول لأهدافه المادية ، وتناول الفيلم مقارنة بين محجوب عبد الدايم المتسلق الانتهازي ، و علي طه المناضل الثورى. ومن أهم الأفلام التي حكت عن التغييرات الواجب تحقيقها نتيجة الثورة كان فيلم "الباب المفتوح" الذى استخدم الأسلوب الرومانسي الناعم لتوصيل الفكرة ، وهو ما اعتمدت عليه الأديبة لطيفة الزيات ، واستطاع تنفيذه المخرج العبقري هنري بركات ، بمساعدة عمالقة السينما المصرية : فاتن حمامة و محمود مرسي و حسن يوسف و شويكار و صالح سليم . "الباب المفتوح" أنتج عام 1963 ، و دارت أحداثه حول فتاة من الأسرة المتوسطة، تحاول أن تثور وتشارك فى المظاهرات، لكن يكبحها والدها بعنف ويعاقبها بشدة، حتى تقع فى حب ابن خالتها لكنها مع الوقت تتأكد أنه ليس حبا حقيقيا وأنه ليس الشخص المنتظر أن يشكل ثورة فى حياتها ، حتى تقابل فيما بعد صديق أخيها الثورى والمنفتح فتشعر أنه ملاذها في من أجل إيجاد ذاتها ، وتطرق الفيلم لجانب من الأوضاع الاجتماعية قبيل الثورة والتي تشكل تناقضا شديدا في المجتمع . وكان فيلم "الله معنا" من أوائل الأفلام التي قدمت عقب ثورة يوليو ، حيث أنتج الفيلم عام 1955 ومن بطولة سيدة الشاشة فاتن حمامة ، وعماد حمدي و شكري سرحان و إخراج احمد بدرخان و تأليف إحسان عبد القدوس ، وتدور أحداثه حول ضابط شارك فى حرب فلسطين ويصاب فى الحرب ويعود مبتور الذراع مع عدد من الجرحى ، ويناقش الفيلم صفقة الأسلحة الفاسدة التي تسبب في مقتل و تشويه عدد كبير من رجال الجيش المصري في حرب فلسطين ، ليتكون بعدها تنظيم الضباط الأحرار، لكى ينتقموا للوطن. أما فيلم " غروب وشروق " فناقش الظلم الذى كان يمارسه البوليس السياسي قبل ثورة يوليو من خلال قصة رأفت الميهى و تجسيد السندريلا سعاد حسني و رشدي اباظة و صلاح ذو الفقار و محمود المليجى ، بقيادة المخرج كمال الشيخ ، فداخل ملحمة فنية تم تقديم ملامح تكوين الثورة و فساد الوليس السياسى قبيل الثورة و الخيانة الزوجية و تسلط الأب و تحكمه فى حياة بنته . وهناك أيضا فيلم " الأرض" الذى تناول الثورة فى مجتمع الريق ، و فيلم "ايام السادات " وفيلم " الحرام" ، ولا يمكن أن حتى الأفلام التي ناقشت الوجه الآخر للثورة من حيث السلبيات فهي تعد من أهم الأفلام فى المكتبة السينمائية العربية مثل فيلم " الكرنك " وفيلم احنا بتوع الأتوبيس" .