يعد "التحول الرقمي" من أبرز الملفات التي طرحتها الحكومة بهدف تقديم خدمات متميزة للمواطنين من خلال معاملات إلكترونية، والتي تُسهم في القضاء على الفساد، من خلال مشروع التحول لمجتمع رقمي يهدف إلى إتاحة الخدمات الرقمية بطرق بسيطة، وتكلفة ملائمة في أي وقت وأي مكان لجميع المؤسسات والمواطنين من خلال تطوير منظومة رقمية متكاملة مؤمنة على المستوى القومي، وكذلك تحفيز الصناعات الرقمية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل عن طريق دعم وتنمية الصناعة الرقمية والإبداع التكنولوجي، وإنشاء ممر مصر الرقمي لضمان تحقيق الاستغلال الأمثل لموقع مصر الجغرافي لتصبح مركزًا عالميًا لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ويعد أمن المعلومات أحد أهم العوامل لضمان تحقيق هذا التحول وتعزيز منظومة الشمول المالي، والتي تعمل عليها الحكومة حاليًا، وسيكون هناك دور لكل وزارة في هذا الملف وذلك تنفيذًا لبرنامج "مصر تنطلق" لتحقيق غد أفضل. "بوابة الأهرام" استعرضت آراء عدد من المختصين حول "التحول الرقمي"، والطرق المثلى لتحقيق تلك المنظومة. القضاء على البيروقراطية كانت البداية مع الدكتور أسامة مصطفى، الخبير التكنولوجي، الذي قال إن التحول من المعاملات الورقية إلى المعاملات الإلكترونية تطور عام، و"قد نهجته دول العالم من زمن بعيد، فالتحول الرقمي سوف يوفر الوقت والجهد، هذا بالإضافة إلى أنه رادع رئيسي للفساد"، مضيفًا أن هذا التحول "سوف يقضي على البيروقراطية، مما يحدث معدلات رضا لدى المواطنين، لأن الخدمة سوف تتم دون أي عواقب وفي أسرع وقت". ولفت مصطفى إلى أن تنفيذ ذلك يوجب الاهتمام بالبنية التحتية وشبكة المعلومات ونظم التأمين، مؤكدًا أن مصر تمتلك خبرات في ذلك المجال، هذا بالإضافة إلى تعميم هذا النظام على كل الجهات الحكومية. وعن المعوقات التي يمكن أن تقابلها الحكومة عند تطبيق تلك المنظومة، يشير الخبير التكنولوجي إلى ما يسمى ب"الجهل الإلكتروني"، وهي عدم معرفة بعض العاملين بالتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي، الأمر الذي يستدعي تنظيم دورات تدريبية حتى يتسنى لهم التعامل مع الأجهزة، لافتًا إلى أن هناك ما يقرب من 50 مليون شخص يستخدمون الإنترنت في مصر. وشدد مصطفى على ضرورة "وضع مدة زمنية محددة لتطبيق هذه المنظومة، ومواكبة التحول الرقمي بالعالم، مثلما فعلت دولة الإمارات العربية بإعطاء مهلة عامين للجهات الحكومية في عام 2016، وانتهت بالفعل من تطبيق منظومة التحول الرقمي". الثقافة التكنولوجية من جانبه، يري المهندس وليد حجاج، الخبير في تكنولوجيا المعلومات، أن هناك عدة عوامل مهمة للتحول إلى مجتمع رقمي، وهي: "ضرورة وجود آلية لحرية تداول المعلومات، وصدور قوانين بحرية تداول المعلومات، وسرعة الرد على الشائعات، بالإضافة إلى ووجود جهات من شأنها الرد السريع على الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، واحتضان المجهودات الفردية ووضعها تحت مظلة حكومية للشباب الذين يقومون بالرد على مثل هذه الشائعات"، مشيرًا إلى ضرورة تضافر جهود الدولة ومؤسساتها بتخصيص جهة تابعة للدولة للرد الدائم على الرد على الأخبار والشائعات الكاذبة. وشدد حجاج على ضرورة العمل على "رفع ثقافة المواطن التكنولوجية، واستحداث منبر لنشر ثقافة الأمن المعلوماتي والتعامل السليم مع التكنولوجيا"، مشيرًا إلى "استغلال الطاقات والكفاءات الشبابية في المجال التكنولوجي بشكل أكبر وأعم". ويضيف حجاج إلى تلك العوامل "التركيز على التعليم واعتماده على التكنولوجيا أكثر من اعتماده على الكتب، وذلك من خلال إنشاء أقسام في مجال الأمن المعلوماتي بالجامعات المصرية"، مشددًا على رفع كفاءة البنية التحتية للاتصالات وسرعة الإنترنت، والاعتماد على خفض الاشتراكات وليس رفع قيمتها وتوصيل الخدمة لكافة ربوع مصر". وأردف: إن التحول الرقمي يستلزم رفع مستوى التوعية لدى المواطن، وذلك من خلال تنظيم اللقاءات الشبابية والتوعية الكافية، مؤكدًا ضرورة رفع كفاءة العاملين بالوظائف القيادية ومتخذي القرار للتعامل السليم مع التكنولوجيا، واتباع المعايير الأمنية لها. الفساد الإداري وفي السياق ذاته، يقول النائب أحمد بدوي، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، إنه لا بد من الاتجاه إلى التكنولوجيا والتحول إلى منظومة المجتمع الرقمي لمواكبة العالم من حولنا، مشيرًا إلى إتمام مناقشة قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، وأنه تم الانتهاء من وضع آلية لتنفيذ ما يسمى ب" الحكومة الإلكترونية". ويضيف بدوي أن نظام التحول الرقمي، الذي استعرضه الدكتور مصطفى مدبولي أمس في اجتماعه بالحكومة، "يقضي على الفساد الإداري، ويعمم منظومة الميكنة على كافة الجهات الحكومية". وأضاف بدوي، ل"بوابة الأهرام": هناك تنسيق خلال أيام بين لجنة الاتصالات والتكنولوجيا بالبرلمان ومجلس الوزراء لوضع آلية التنفيذ لتلك المنظومة. الاقتصاد الرقمي وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ونتائج التحول الرقمي، يقول الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، ل"بوابة الأهرام": إن المجتمع الرقمي هو المجتمع الحديث المتطور الذي يتشكل نتيجة لاعتماد ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنزل والعمل والتعليم والترفيه، ولا تنفصل في هذا المجتمع الثقافة والتجارة، وهو مجتمع ينمو ويزدهر اقتصاديًا إذا توفرت لمواطنيه الحرية والأمن وحماية الحقوق، مشيرًا إلى أن حرص الحكومة على التحول لمجتمع نقل يحتاج لآليات متمثلة في الشمول المالي والحكومة الإلكترونية والحوكمة والاقتصاد غير النقدي، وتوافر بيانات ومعلومات صحيحة ودقيقة عن المواطنين، سواء عن الاستهلاك والدخل والتعداد السكاني والطلب والعرض على السلع والخدمات في السوق، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والسياسية. ويتفق الدكتور علي الإدريسي مع الدكتور أسامة مصطفى في أن إدخال التكنولوجيا والميكنة إلى الجهات الحكومية سوف يسهم في التحول للمجتمع الرقمي، وتقليل معدلات الفساد والبيروقراطية، والعمل على خلق اقتصاد قوي و تنافسي، وخلق مناخ جاذب للاستثمار، موضحًا أن التحول للمجتمع الرقمي "مسئولية الجميع، سواء الدولة أو المواطنين، للحصول على مستوى معيشة أفضل، في مجتمع آمن، في ظل التغيرات العالمية التي توجب علينا عملية التحول لاقتصاد رقمي، سواء بإرادتنا أو بغير ذلك، لمواجهات التحديات العالمية و تغيراته.
