أثارت زيارة الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية إلى القدس اليوم موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى نتج عنها حالة انقسام لرواد تلك المواقع بين فريق مهاجم للمفتى مطالبًا بعزله، وفريق أخر يعتبرها زيارة عادية لا تستوجب هذا الضجيج والاتهامات المثارة حولها. على الرغم من تأكيد الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية، أن زيارة المفتي لمدينة القدس وصلاته بالمسجد الأقصى اليوم الأربعاء لا تعني التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإنها جاءت في إطار علمي غير رسمي لافتتاح كرسى الإمام الغزالى، إلا أن ردود الفعل الغاضبة توالت على تلك الزيارة وبرز تداخل الشأن الدينى بالسياسي فى تحليلات وتعليقات رواد مواقع التواصل. انتقد قطاع عريض من رواد تلك المواقع زيارة جمعة، معتبرين أنها بمثابة تطبيع مع إسرائيل على المستوى الدينى واعتراف بشرعيتها فى السيطرة على القدس وقبول ذلك كأمر واقع نظرًا لأن الدخول والتحرك داخل الأراضى المحتلة يتطلب تأشيرات وتصريحات من قوى الاحتلال الصهيونى خاصة بعد ما تردد حول كون الزيارة تمت تحت حراسة قوات الاحتلال الإسرائيلى، معتبرين أن المفتى بذلك قد خان القضية الفلسطينية وطعنها فى الصميم، ومعتبرين أن زيارته للقدس والأقصى يبعث برسالة إلى العالم بأنهما فى أمان مع الكيان الصهيونى وأنه كيان متسامح يصون حرية العقيدة والعبادة. واعتبر المنتقدون أن مقاطعة الدخول للأراضي المحتلة خيار قومي لمساندة القضية الفلسطينية خانه المفتى بزيارته، وعلى الرغم من كون المقاطعة لا تستدعي بالضرورة الانقطاع التام عن تنقل الأفراد المتضامنين من العرب وغير العرب الذين لم يتخذوا موقف المقاطعة إلا أنهم اعتبروا أن التساهل فى مثل تلك الزيارات وكسر المقاطعة قد يفتح الباب للتطبيع وتطوير العلاقات الطبيعية مع الكيان الصهيون،ى معتبرين أن الزيارة تتخذ أبعادا سياسية ولو بشكل غير رسمى. فيما استنكر البعض الآخر الحملة الشعواء للهجوم على المفتى متهمين وسائل الإعلام بتضخيم الحدث وإعطائه أكبر من حجمه من أجل إثارة ضجة لشغل الرأى العام عن قضايا آخرى أهم معربين عن تأييدهم ودعمهم له فى تلك الزيارة التى اعتبروها تأتى لإبداء التضامن مع المقدسيين والمقاومة الفلسطينية من أجل التأكيد على أنه مهما تجاوز الاحتلال الصهيونى ومارس التضييق والانتهاكات ضد القدس والمسجد الأقصي، فإن مصيرهما سيظل محتوما ولن يخضع أبدا للاحتلال، مؤكدين على أن زيارة السجين لا تعني أبدا التطبيع مع السجان كما أن المفتى زار فلسطينالمحتلة وليس إسرائيل تأكيدا على أن القدس ستظل عربية وأن مصر تهتم وتحرص على أن تبقى القدس عربية ولن تكون أبدا يهودية. أدان الداعمون لجمعة اتهامات التطبيع التى شنها ضده قطاع عريض من القوى السياسية وتيار الإسلام السياسي مستنكرين موقف هؤلاء من نظام مبارك عندما قام بالتطبيع مع إسرائيل عبر الاتفاقيات التجارية مثل الكويز وتصدير الغاز وغيرها ووجود الصهاينة فى الاقتصاد المصرى بامتلاك مصانع وعقد شراكات تجارية مع رجال أعمال مصريين متسائلين عن موقف قوى الإسلام السياسي من الإخوان والسلفيين من كل تلك القضايا، ولماذا لم يهاجمون من شارك فيها كما يهاجمون المفتى حاليا مؤكدين أن زيارة المفتى خطوة شجاعة كسرت حواجز النفاق والمتاجرة من قبل الباحثين عن الزعامة الزائفة فى وسائل الإعلام بعيدا عن اتخاذ مواقف شجاعة. أكدوا أن التطبيع لا يقتصر فقط على عقد علاقات طبيعية مع الكيان الصهيونى بل يتضمن الامتناع عن حماية القدس من التهويد والتخلى عن مساندة أهلها وإبداء التضامن معهم وشد أزرهم ولو على المستوى المعنوى. مشيرين إلى أن المقاطعة تتطلب أكثر من مجرد إدانة زيارات التضامن مع الفلسطينيين عبر بناء حركة مقاطعة إيجابية داخل مصر على المستوى الرسمى والشعبي. لفت البعض إلى أن سيف التخوين والتكفير الذى يتم التلويح به فى وجه كل من يريد زيارة القدس من العرب والمسلمين سيضر بالقضية الفلسطينية، معتبرين أن الوضع الحالى للمدينة والتهديدات التى تتعرض لها وعملية التهويد الممنهجة التى تتسارع وتيرتها تفرض على الجميع تغيير مواقفهم بالابتعاد عن التصريحات الرنانة والبحث عن استراتيجيات جديدة لدعم المدينة وأهلها الذين يتعرضون للتهجير والاضطهاد.