يوم الجمعة.. لماذا سمي بهذا الاسم؟ وماذا حدث فيه منذ بداية الخلق.. وماذا سيحدث فيه حتى قيام الساعة؟ أما صلاة الجمعة.. فكيف نستعد لها؟ وما نص أول خطبة جمعة للرسول في المدينة المنورة؟ سر اسم يوم الجمعة تم تسمية الجمعة بهذا الاسم؛ لأنها مشتقة من "الجمع"، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه كل أسبوع للصلاة، وفيه كمل جميع الخلائق، وفيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة، كما ثبت بذلك فى الأحاديث الصحاح، وثبت أن الأمم قبلنا أُمروا به فضلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت، واختار النصارى يوم الأحد، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة، وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ). كيف نذهب إلى صلاة الجمعة؟ يستحب لمن جاء إلى صلاة الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها، ويستحب أن يلبس أحسن ثيابه ويتطيب ويتسوك ويتنظف ويتطهر، فقد روى الإمام أحمد عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى) أخرجه الإمام أحمد أول خطبة جمعة للرسول "صلى الله عليه وسلم" لما وصل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" إلى المدينة يوم الإثنين نزل بقباء لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول، حيث بدأ وقتها التاريخ الهجري، وأقام هناك حتى يوم الخميس، وأسس هناك أول مسجد بني في الاسلام، ثم خرج يوم الجمعة إلى المدينة، وحان وقت صلاة الجمعة وهو بين قباء والمدينة، فاتخذ هناك مسجدًا، وجمع الناس وخطب فيهم أول خطبة جمعة في المدينة، حيث قال فيها: "الحمد لله وأستعينه وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط وضل ضلالًا بعيدًا، وأوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله، فاحذروا ما حذركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك نصيحة، ولا أفضل من ذلك ذكرا، وإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية، لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكن له ذكر في عاجل أمره وذخر فيما بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان من سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدًا بعيدًا، ويحذركم الله نفسه، والله رؤوف بالعباد، والذي صدق قوله، وأنجز وعده لا خلف لذلك، فيقول عز وجل: (ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد)، فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية، فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا، ومن يتق الله فقد فاز فوزًا عظيمًا، وإن تقوى الله يوقي مقته، ويوقي عقوبته، ويوقي سخطه، وإن تقوى الله يبيض الوجوه ويرفع الدرجة، خذوا بحظكم، ولا تفرطوا في جنب الله، قد علمكم الله كتابه، ونهج لكم سبيله؛ ليعلم الذين صدقوا، ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم، وسماكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيى عن بينة، ولاحول ولا قوة إلا بالله، فأكثروا من ذكر الله، واعملوا لما بعد اليوم، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله، يكفه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضي على الناس، ولا يقضون عليه، ويملك من الناس، ولا يملكون منه، الله أكبر ولا قوة إلا بالله العظيم". هكذا قال ابن جرير في السند وذكر القرطبي في تفسيره عن أول خطبة جمعة لنبينا صلوات الله وسلامه عليه... المراجع: فتح العليم في تفسير القرآن الكريم وبيان أوجه الإعجاز العلمى فيه للأستاذ الدكتور: أحمد شوقى إبراهيم