"الله يرحمه سمير ماكنش مخلينا محتاجين حاجة" تقولها منال راشد عندما تتذكر زوجها الذي رحل تاركًا لها 5 أولاد مصدر رزقهم الوحيد معاش زوجها البالغ 230 جنيهًا فقط، لكن حياة منال وأولادها أصبحت أفضل بعد أن تعرف عليها أعضاء "جمعية لكفالة الأيتام في كفرالشيخ". خشيت "منال" على أولادها من نظرة أقاربها في حالة تكرارها طلب المساعدة، خاصة أن زوجها سمير عبد السلام، الذي عمل كمهندس زراعي وتوفي عن (49 سنة) منذ 8 سنوات لم يترك لهم شيئًا يعينهم على المعيشة، فلم تجد مفرًا سوى البحث عن العمل. لم تهتم "منال" بنوعية العمل ومدى صعوبته لكنها كانت تخشى تأثير تأخرها في العمل على تربية أولادها الصغار، حيث إن "شذا" أكبر أولادها الخمسة كانت في هذا الوقت بالصف الرابع الابتدائي، وحاولت "منال" إقامة مشروع يعينها على تربية أولادها وتعليمهم، إذ كانت تحلم بأن يصبح أولادها الخمسة أطباء. بدأت أم الأبناء الخمسة بتربية الدواجن ولم يكن النجاح حليفها في تجربتها، ولم تيأس من فشل مشروعها الأول لأنها كانت تدرك السبب، وهو أنها تعيش في قرية صغيرة بمحافظة كفر الشيخ ويربي جميع أهل القرية الطيور بالمنازل. فكرت في مشروع آخر لكنها كانت قد أنفقت كل ما تمتلكه من أموال في مشروعها الأول، "انتظرت حتى تجمع في إيدي مبلغ" وبدأت تشتري لوازم محل صغير للبقالة ولكن المشروع لم يدر دخلًا ولذلك لم ينجح هو أيضا. رغم فشل مشروعيها فكرت "منال" في تجميع الألبان من الأهالي وبيعها لتاجر أكبر، ما أدر عليها دخلال ليس بالقليل، ولكنها اكتشفت قيام بعض الأهالي بالغش في اللبن، حيث يخلطونه بالمياه ليزداد وزنه، فقررت إلغاء مشروعها خشية إطعام أولادها من أموال حرام. حالة منال ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، حيث إنها امتداد لظروف اجتماعية واقتصادية داخل المجتمع، وفقًا لمحمد السيد، مدير جمعية الإيمان لكفالة الأيتام في كفرالشيخ"، الذي قال: أيتام كتير فقدوا الأمل، وبنحاول نرجعه لهم، وبدأنا في الجمعية بكفالة 20 أسرة من الجانب التعليمي والاجتماعي لأسرهم، وخاصة الأم التي كثيرًا ما تشعر بأنها أصبحت وحيدة وتراكمت على رأسها الأعباء، وخوفها من الإحساس بعدم القدرة على تلبية مطالب أولادها بعد وفاة رب الأسرة. باتت "منال" في حيرة مابين قبول العمل في "تجميع الألبان" أو طلب المساعدة من الأقارب، حتى وجدت جمعية "الإيمان لكفالة الأيتام" ومقرها بمحافظة كفر الشيخ تدق أبواب شقتها التي تتكون من حجرتين وصالة تسكن فيها مع أولادها الخمسة، وتقدم لها المساعدة. فكرت "منال" في رفض العرض ولكنها سرعان ما حضر في ذهنها صورة لأولادها الخمسة وكم الأموال التي تريد إنفاقها لتعليمهم جيدًا، وقالت: " قررت قبول المساعدة لأوفر لأولادي حياه كريمة، ولكني لم أكن أعرف شيئًا عن نشاط الجمعية..قلت أجرب". خشيت "منال" أن تزيد مطالبها فتصبح عبئًا على الجمعية واكتفت بالكفالة التي تصرفها لأولادها وادخرت منها مبلغًا ماليًا استطاعت بواسطته شراء بعض المشغولات البسيطة وبدأت في بيعها لجيرانها. في عام 2004 تم إشهار جمعية الإيمان، وأرجع محمد السيد، مدير الجمعية، فكرة إنشائها لأسباب منها أنه تربى يتيما وأنه يدرك المعاناة التي يواجهها اليتيم سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية. بدأت الجمعية تمارس نشاطها في شقة صغيرة بالإيجار بتجميع جلود الأضاحي والتبرعات ليتسع النشاط ويمتد العمل الخيري حتى تم توقيع بروتوكول تعاون مع مؤسسة الشارقة الإماراتية الخيرية لتكفل 1000 طفل يتيم منذ عام 2009 وتقدم كفالة شهرية لكل يتيم قيمتها 200 جنيه بجانب توفير الزي المدرسي وكسوة العيد وتكريم حفظة القرآن الكريم.