بين لحظات الغضب وفعل الجريمة، يأتى دور الشيطان مسيطرًا بوساوسه على ذهن القاتل، يحرك ذرات الغضب المستشاط، ويرمى به في حفرة اللهب، وفي ثوان معدودة ترتكب الجريمة، لم يكن في مخيلة المجنى عليه أن حياته ستكون ثمنًا لهذا السبب الدنىء، لم يتبادر لعقله مثل تلك الصورة البشعة التى مات عليها، لم يتصور أن نهايته ستكون أمام أعين الجميع . "الجريمة الثانية خلف قسم العمرانية" انتقلت "بوابة الأهرام"، لرصد تفاصيل الواقعة التى راح ضحيتها شاب في ريعان عمره، والتقت جيران وأهالى المنطقة التى حدثت بها الجريمة، للوقوف على السبب الحقيقي الذي أنهى حياة هذا الشاب، بالإضافة إلى أنها لم تكن أولى جرائم القتل التى تحدث بجوار قسم شرطة العمرانية، فالأسبوع الماضى وقعت جريمة قتل راح ضحيتها عجوز يتجاوز عمره 78 عامًا، بمدخل العقار الذى يقطن به. "البداية" في أحد العقارات المكونة من 4 أدوار، بشارع حمدان، بمدينة اللوتس، بمنطقة العمرانية، كان يقطن "طارق.ج.م" 20 سنة، طالب، بصحبة والديه وأخواته الثلاث حيث كان هو أصغرهم سنًا، يعيشون حياة، البساطة عنوانها وراحة البال كل ما يحتكمون عليه، ولكن لأى سبب راح صغيرهم بهذه الطريقة التى تأبى العين النظر إليها، ما الدافع الذى بسببه انتهت حياة هذا الشاب، بطعنة في الرقبة وأخرى استقرت بقلبه، ليلفظ أنفاسه الأخيرة ويلقى مصرعه بعد ثوان معدودة، وسط الشارع بين أنظار والديه وإخوته وأهالى منطقته. "روايات وتفاصيل الواقعة" "كان شاب زى الفل..عمره معمل مشكلة في حياته" بكلمات دلت علي حسن خلق هذا الشاب الذى فقد حياته مساء أمس الجمعة، بين أنظار الجميع، بدأت إحدى سيدات المنطقة والمقربة لوالدة المجنى عليه سرد تفاصيل الواقعة التى شهدت اللحظات الأخيرة منها، قائلة "لم نسمع أو نشاهد من المجنى عليه اى شيء سيئ، فقد كان حسن الخلق وأهله ناس طيبة، وببداية الخناقة التى وقعت بينه وبين أحد جيرانه بالشارع كنت أجلس أنا وأولادى داخل البيت نتناول العشاء، لنسمع أصواتًا دلت على حدوث مشاجرة بين شباب المنطقة، الأمر الذى اعتدنا عليه رغم تواجد قسم شرطة العمرنية خلفنا مباشرة، ولكن تلك المشاجرات كان كثيرة، فلم نهتم بها، وبعدها بفترة قصيرة سمعنا أصواتًا وصيحات كثيرة، فخرجت لرؤية ما حدث، فوجدت المجنى عليه ملقى علي الأرض والدماء تغرق جسده، والأهالى يحاولون اللحاق بالقاتل". وفى السياق نفسه أكمل "محمود" أحد شاب المنطقة، ومن أصدقاء المجنى عليه المقربين، مضيفًا "طارق كان من أجدع الشباب في الشارع لم يكن من مفتعلى المشاكل مع غيره، هكذا كان شقيق الجانى الذى بدأت المشكلة بينه وبين المجنى عليه، بسبب كالاكس التوك توك الخاص به، حيث بدأت الحكاية بمشادة بين المجنى عليه وشقيق الجانى "محمود.أ.ف" 19 سنة، المقيم بالشارع نفسه، بعد أن طلب المجنى عليه منه الانتظار للانتهاء من حاجته وإبعاد الدراجة البخارية من وسط الشارع، إلا أن شقيق الجانى لم يأته صبر الانتظار ويبادر بإطلاق عاصفة من صفارة التوك توك، الأمر الذى أشعل غيظ المجنى عليه، وتحدث مشاداة كلامية بينهما". وأكمل "محمود" حديثه قائلاً، "بعدما تبادل المجنى عليه وشقيق الجانى الأصغر الكثير من الشتائم والسبباب، التى على أثرها قام المجنى عليه بضرب شقيق الجانى، لينتهى الأمر كخناقة عادية تحدث كثيرًا بين شباب المنطقة رغم أنها كانت الأولى للاثنين، ولكن بعدها بفترة حدث الأمر الذى أنهى حياة الأول، وتسببت في حبس الثانى". "النهاية" من جانبه قال "هانى" 29 سنة، أحد قاطنى المنطقة، ومن المقربين للمجنى عليه وأشقائه الثلاثة، مؤكدًا ما سبق، "لم أحضر الواقعة من بدايتها، ولكنى كنت متواجدًا بالجزء الثانى من الخناقة التى وقعت بين المجنى عليه بصحبة شقيقه الأكبر وبين الجانى وشقيقه الأصغر" مشيرًا إلى أنه سمع بما حدث بين المجنى عليه وشقيق الجانى، ولكن بعدما رأى الجانى شقيقه بهذه الحالة استشاط غضبًا، وذهب ممسكًا سكينًا "كازلاك" للمشاجرة مع المجنى عليه وأشقائه تحت العقار الذى يقطنونه. وأضاف "هانى" أنه فور رؤية أشقاء المجنى عليه الجانى مصطحبًا شقيقه الأصغر، ممسكًا سلاحه، بدأت بينهما مشاداة، قام علي أثرها الجانى بضرب المجنى عليه بضربتين الأولى في الرقبة والثانية بالقلب، لتنتهى حياته علي الفور، قائلاً "بعد ما الخناقة بدأت استغل الجانى التفاف الناس وأشقاء المجنى عليه حوله، وقام بضربه بالسكين بمنطقة الرقبة لتخرج من ناحية الأخرى، وبعدها ضربه في القلب، وكأنه قادم ليقتله وليس للخناق معه، ولم يقدر أحد علي الإمساك به، فكل من كان يقترب منه تحدث إصابة ما بجسده". وأكمل شاهد العيان حديثه قائلاً "فور وقوع المجنى عليه أرضًا وسط ذهول المتواجدين بالشارع، لم نقدر علي إسعافه، وبادرت أنا وعدد من ممن كانوا متواجدين لحظتها بالإلحاق بالجانى، والإمساك به، وتكتيفه لأخذ السلاح، وتسليمه لقسم الشرطة المتواجد خلفنا بشارع واحد". وبإعداد الأكمنة اللازمة، وعمل التحريات تمكن ضباط قسم شرطة العمرانية من ضبط الثلاثة الباقين من أصحاب المشاجرة، وهم شقيق المجنى عليه، والأخ الأصغر للجانى، وصديقهما، وتم إخطار النيابة للتحقيق.