أعلن رئيس كوريا الجنوبيّة مون جاي-إن الخميس، أنّه لن تكون هناك حرب في شبه الجزيرة الكوريّة، مؤكدا أن لدى سيول بحكم الأمر الواقع "فيتو" في ما يتعلق بأي عمل عسكري أمريكي ردا على برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي. وتصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية في الأشهر القليلة الماضية، عقب قيام بيونغ يانغ بتجربتين ناجحتين لإطلاق صاروخين بالستيين عابرين للقارات، مما يضع قسمًا كبيرًا من الأراضي الأمريكية في مرمى نيرانها. والأسبوع الماضي هددت بيونج يانج بإطلاق صواريخ باتجاه جزيرة جوام الأمريكية في المحيط الهادئ، ولو أنها تراجعت لاحقًا على ما يبدو عن هذه الخطة، فيما توعدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب "بالنار والغضب" مؤكدًا أن الخيار العسكري "جاهز للتنفيذ" ضد كوريا الشمالية. ويثير هذا الخطاب الناري من الجانبين مخاوف من خطأ تكون له عواقب كارثية، حيث إن بيونغ يانغ تنشر سلاح مدفعية يمكنه بلوغ سيول حيث يعيش ملايين الأشخاص. غير أن مون قال في مؤتمر صحافي لمناسبة مرور مئة يوم على تولّيه منصبه "سأمنع الحرب مهما كان الثمن". والولاياتالمتحدة هي الجهة الضامنة لأمن كوريا الجنوبية منذ نهاية الحرب الكورية عام 1953 وتقسيم شبه الجزيرة. ولا تزال الكوريتان في حالة حرب من الناحية التقنية، لعدم توقيع اتفاقية سلام بينهما. وتنشر واشنطن 28500 عسكري في كوريا الجنوبية لحمايتها من كوريا الشمالية. لكن مون قال إن سيول تملك بحكم الأمر الواقع "فيتو" في ما يتعلّق بأيّ عمل عسكري للولايات المتحدة، حليفة بلاده. واضاف أن واشنطن وترامب أعلنا انه "مهما كان خيارهما بشأن كوريا الشمالية، فإن أيّ قرار لن يُتّخذ إلا بعد استشارة جمهوريّة كوريا والحصول على موافقتها". وأثارت لهجة ترامب مخاوف لدى المراقبين لكن مون الذي زار واشنطن في نهاية حزيران/يونيو الماضي، لم ينتقد نبرة خطاب ترامب. وأضاف "أنّ جميع الكوريّين الجنوبيّين عملوا بجدّ معًا لإعادة بناء البلاد من أنقاض الحرب الكورية. لا يمكننا خسارة كل شيء في حرب أخرى". تقول بيونج يانج إنها تحتاج للأسلحة النووية للدفاع عن نفسها من اجتياح محتمل من قبل "العدو الإمبريالي" الولاياتالمتحدة، وهي تسعى منذ وقت طويل لتطوير صاروخ يمكن تحميله رأسا نوويا، يكون قادرا على ضرب الأراضي الأمريكية. وفرض مجلس الأمن سبع حزم من العقوبات على كوريا الشمالية على خلفية برنامجها النووي، كان آخرها في وقت سابق هذا الشهر، ووعدت الصين، حليف بيونج يانج الرئيسي، بالالتزام بها. ويتزايد استياء بكين من جارتها المشاكسة، لكنها تخشى من زعزعة الاستقرار في هذه الدولة ومن احتمال انتشار قوات أمريكية على حدودها في كوريا موحدة. وكان مون، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان واليساري التوجه، أيد الحوار مع بيونغ يانغ لإحضارها إلى طاولة المفاوضات، بموازاة سياسة العقوبات، وهو خط أثار المخاوف من أن يتسبب بخلافات مع واشنطن. لكن منذ توليه السلطة، تواجه خطواته بالرفض من قبل بيونغ يانغ، ولم يعد يركز على ضرورة التفاوض مع الشمال. وقال "لا أعتقد أنه يتعين علينا التسرع في ذلك" مضيفا "على كوريا الشمالية أن تتوقف على الأقل عن القيام بالمزيد من الاستفزازات من أجل إيجاد أجواء مناسبة للحوار". ورأى أنه لكي تجرى محادثات "يتعين وجود ضمانة بأنها ستؤدي إلى نتيجة مثمرة" مؤكدا أنه فقط عندما يحصل ذلك يمكن لسيول أن تنظر في إرسال موفد إلى الشمال. وأكد أن "الخط الأحمر سيكون بإنجاز كوريا الشمالية صاروخها البالستي العابر للقارات وتزويده برأس حربية نووية وتسليحه". وقال "إذا قامت كوريا الشمالية باستفزاز آخر ستواجه عقوبات أقوى ولن تكون قادرة على تخطيها. أود أن أحذر كوريا الشمالية بأن توقف مغامرتها الخطيرة". وكان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج-أون أعلن الثلاثاء أنه "سيراقب لفترة أطول بقليل" قبل اتخاذ أي قرار بشأن إطلاق صاروخ باتجاه غوام، فيما رحب ترامب بالإعلان ووصفه "بالحكيم جدا". غير أن الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية تستعدان لإجراء مناوراتهما العسكرية المشتركة المعروفة باسم "اولشي فريدوم غارديان" والتي تستمر 10 أيام اعتبارا من الإثنين بمشاركة عشرات آلاف الجنود، وهي مناورات تندد بها كوريا الشمالية على الدوام باعتبارها تدريبا على اجتياح. وغالبا ما قامت بيونج يانج باستفزازات في استعراض للقوة ردا على تدريبات عسكرية سابقة، مثل إطلاق صواريخ أو تحريك ترسانتها وقواتها على طول الحدود التي تشهد توترا.