متي وصل الحجيج إلي مشارف مكة فعليه أن يكون محرما، ويغتسل إن استطاع أو يتوضأ ثم يتوجه إلى البيت الحرام؛ ليطوف طواف العمرة إن نويها، أو طواف القدوم إن كان قد نوي الحج. وعليه أن يكبِّر، ويهلِّل عند رؤية الكعبة المشرفة ويقول: "الحمد لله الذي بلَّغني بيته الحرام، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه -ممن حجه أو اعتمره- تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام"، ثم يدعو بما يفتح الله به عليه، فالدعاء في هذا المقام مقبول بإذن الله تعالى. وإذا لم يحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فله أن يدعو بما يشاء وبما يمليه عليه قلبه، ولا يشغل نفسه بالقراءة من كتابٍ غيرِ القرآن، فهو الذي يقرؤه ويكثر من تلاوته. بعد ذلك يأتي الطواف بالبيت، وعلي الحاج أن يبدأه وهو طاهر ويستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود، ويجعله على يمينه؛ ليمر أمامه بكل بدنه، ويستقبله بوجهه وصدره، ويرفع يديه حين استقباله كما يرفعها في تكبيرة الإحرام؛ للدخول في الصلاة، كما هو مذهب الحنفية، ناويًا الطواف، مكبرا، مهللا، معلنا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قائلًا: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. ثم يجعل الكعبة على يساره مبتدئًا من قبالة الحجر الأسود، وسر في المطاف -مع الطائفين- حتى تتم سبعة أشواط بادئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا إليه في كل شوط. ويسن استلام الحجر الأسود وتقبيله عند بداية كل شوط إن استطعت، فإن شق علي الحاج ذلك استلمه بيده وقبل يده، وإلا أشار إليه دون تقبيل. ويستحب القول عند الاستلام ما تقدم من التكبير والتهليل، ودعاء: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. ولا ينشغل الحجيج في الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله، ومن أفضل الدعاء ما جاء في القرآن الكريم كقوله تعالى: {رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي 0لدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي 0لۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ 0لنَّارِ} [البقرة: 201]، ولا يرفع صوته، ولا يؤذ غيره ويستشعر الإخلاص، فالله تعالى يقول: {0دۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ 0لۡمُعۡتَدِينَ} [الأعراف: 55]. فإذا فرغ من أشواط الطواف السبعة فليتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم ويصلي فيه -منفردا- ركعتين خفيفتين ناويًا بهما سنة الطواف، أو يصلهما في أي مكان في المسجد إن لم يجد متسعًا في مقام إبراهيم، وليدع الله بما يشاء وما يفتح به عليه. ثم يتوجه إلى الملتزم وهو المكان الذي بين باب الكعبة والحجر الأسود. وإذا استطاع الوصول إليه فليضع صدره عليه مادًّا ذراعيه، متعلقًا بأستار الكعبة، ويسأل الله من فضله لنفسه ولغيره فإن الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله تعالى.