منذ قرر البنك المركزي المصري، يوم الخميس الماضي، الموافق 6 يوليو 2017، برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، بواقع 200 نقطة أساسية، ليصل إلى 18.75% و19.75%، و 19.25% على التوالي، وحالة من الترقب تسيطر على المشهد الاقتصادي، جراء ذلك القرار، الذي له انعكاسات إيجابية، وأخرى سلبية، في ظل برنامج إصلاحي تنتهجه البلاد، من المفترض أن يصبو في النهاية إلى نتائج ملموسة، ومؤشرات، يشعر بها المواطن المصري. قرار رفع أسعار الفائدة الأخير، لاحتواء أثر خفض دعم الطاقة، بحسب ما أشار إليه البيان الصحفي للبنك المركزي المصري، جعل الفائدة ترتفع بنحو 700 نقطة أساس، منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016. رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة باستمرار، هو محاولات للحفاظ على ارتفاع عائد أذون الخزانة، لتشجيع جذب تدفقات نقدية أكبر، بحسب في أحدث تقرير لبحوث بنك الاستثمار "بلتون"، حصلت "بوابة الأهرام" على نسخة منه، موضحًا أن العائدات ارتفعت إلى متوسط 20.987% (مقارنة ب 19.3% في منتصف مايو)، مما جعل مصر ثاني أكبر سوق جذاب بعد الأرجنتين، وذلك بعد رفع أسعار الفائدة الأخير في مايو، بنحو 200 نقطة أساس، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مستويات محفظة التدفقات النقدية، لتقدّر بحوالي 2 مليار دولار، منذ شهر مايو، بما يمثل 19% من إجمالي التدفقات، منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي. وتدعم التدفقات النقدية المستمرة، بحسب التقرير، التصحيح المتوقع لمسار الجنيه خلال الربع الحالي من العام، دون التأثير على مستويات الاحتياطي الأجنبي، التي ارتفعت بشكل ملحوظ، لتغطي واردات من 3 إلى 6 أشهر من واردات 3 أشهر فقط عام 2013، وسينعكس ذلك بالتأكيد إيجابيًا على حجم السندات التي ستطرحها مصر في الأسواق العالمية، حيث كشفت الحكومة المصرية بالفعل، عن خططها لطرح سندات مقومة باليورو خلال الربع الحالي من العام، على أن يتراوح هذا الطرح مبدئيًا بين 1-1.5 مليار يورو، بما يقل عن الطرحين السابقين في يناير و مايو 2017، بقيمة 4 مليارات دولار، و 3 مليارات دولار على التوالي. لكنه أشار إلى أن زيادة أسعار الفائدة، يمثل ضغوطًا إضافية على إجراءات خفض عجز الموازنة، حيث يضيف حوالي 50 مليار جنيه على فاتورة الدين العام المتضخمة، مما قد يمحو أثر خفض الدعم، الذي كان متوقعًا أن يوفر 51.5 مليار جنيه "40 مليار جنيه من فاتورة دعم الوقود و 11.5 مليار جنيه من فاتورة دعم الكهرباء، حيث تبلغ فاتورة الدين العام في موازنة العام المالي 2017/2018 حوالي 381 مليار جنيه، مرتفعة بنحو 88 مليار جنيه عن العام الماضي، وذلك دون الأخذ في الاعتبار رفع أسعار الفائدة الأخير. ويعول الجميع آمالاً على التصحيح المتوقع في سعر الجنيه، الأمر الذي سيدعم هدوء معدلات التضخم، وسط التوقعات بمخاطر تضخمية محدودة، مع بداية هدوء أثر إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث توقع التقرير هبوط التضخم إلى متوسط 10.2% في النصف الثاني من 2018، مقارنة بمتوسطه 30.2% في النصف الثاني من 2017، مما سيساعد في الوصول إلى مستهدف المركزي للتضخم عند 13% (+/-) بنهاية 2018. ويعتبر قطاع البنوك، مستفيدًا مباشرًا من القرار، نظرًا لتأثرها بارتفاع عائدات سندات الخزانة، وفقًا للتقرير، خاصة البنوك الخاصة، حيث بلغت استثماراتهم الضخمة في سندات الخزانة (التي تمثل ما بين 40-50% من الأصول) مع اقتراب عائداتها بالفعل من أعلى مستوياتها على الإطلاق بين 20-21% (قبل خصم الضريبة)، فضلاً عن إعادة تسعير قروض الشركات بمجرد رفع أسعارالكوريدور، حيث تمثل قروض الشركات الجزء الأكبر يقدر ب 80 من محفظة القروض، إلى جانب إعادة تسعير الأصول التي تكون في الغالب قصيرة الأمد (تتراوح بين 6-9 أشهر). وفى قطاع التطوير العقاري، فإن محافظ الأراضي هي الرابحة، فإن الشركات المستفيدة، وهي الشركات التي تمتلك محافظ أراضٍ ضخمة، حيث يعملا بأقل مديونية، وتم تسديد التزامات أراضيهما بالكامل، أما المتضررة فهى مرتفعة المديونية. و معظم شركات الأدوية تعمل بميزانيات تخلو من الديون عادة، مع عدم وجود خطط توسعية رئيسية في الوقت الحالي، أو زيادات قريبة في الطاقات الإنتاجية، كما تستفيد معظم شركات الأسمدة التى نسبة المديونية في ميزانياتها خلال الأشهر الستة الماضية. ورغم جهود البنك المركزي في خلق المحفزات الرئيسية، لرفع التصنيف الائتماني، عبر زيادة احتياطيات النقد الأجنبي، واستقرار سعر صرف الدولار في الأسواق، يظل خفض عجز الموازنة، والسيطرة على الدين العام، هدفًا رئيسيًا، وإلا فلا جدوى لما تسعى إليه السياسة النقدية، ولن تنعكس تلك الخطوات بشكل فعلي على الاقتصاد. فعجز الموازنة والدين الداخلي والخارجي ومعدلات التضخم في زيادة مستمرة، كما أن معدلات التضخم "مؤشر الغلاء" وصل لمستويات تاريخية، والجميع يترقب نهاية المطاف. وتشير البيانات الرسمية، إلى وصول الدين الدخلى 3400 مليار في منتصف 2017، ما يمثل 108% من الناتج القومي، مقارنة ب1203 مليار جنيه في عام 2013، ووصل الدين الخارجي إلى 67 مليار جنيه، مقابل 34 مليار جنيه في فترة المقارنة، وعجز الموازنة كان 240 مليار جنيه في موازنة 2013، ووصل الآن 370 مليار جنيه في موازنة 2017/2018.