في مخيلة طفل صغير، بدأت ترتسم رويدًا رويدًا صورة الأب كشيطان كبير، كانت كلماته كقذائف اللهب تتوالي مع طلعة كل شمس على أذن الطفل لتملأ قلبه الصغير ببركان من الحقد والكره على هذا الرجل. أنصت الطفل بوجدانه وروحه لحمم الحقد والكراهية التي زادت يومًا بعد يوم، وكانت الأيام تمر وبركان الشر والكراهية يمتلئ عن آخر في قلب الطفل. كان الطفل الذي لم يبلغ عامه الرابع عشر تراوده صور والده وهو يرمى على أمه يمين الطلاق، وهو لا يدرى الأسباب والدوافع. بدأ الطفل وقد دخل في طور المراهقة لا يحتمل كلامًا لوالده ويرد عليه الكلمة بالكلمة، مما يدفع إلى اختلاق المشكلات مع والده فتارة يتشاجر معه بسبب عدم دفع مصاريف الدروس وتارة يتشاجر معه بسبب قلة المصروف، حتى جاء يوم الحادث. جلس الأب يتناول وجبة الغذاء مع ابنه فنشبت مشادة كلامية حادة بينهما فالطفل مشحون وكلام الأب ينزل على مسامعه كمطارق الحديد، ويبدو أن أسلوب الطفل لم يعجب الأب فبدأ بسبه ثم صفعه على خده. استشاط الابن غضبًا واحمر وجهه ونفث الشيطان في صدره بعد أن شتمه الأب بأمه فلم يدر إلا وهو يهرول سريعًا نحو المطبخ ليحضر سكينًا ويطعن الأب المسن فى صدره وهو لا يدرى عظم الجرم الذي ارتكبه. تلقى المستشار محمد الجرف، مدير نيابة حوادث شرق القاهرة الكلية، إخطارًا بوقوع جريمة قتل بشارع عبد الستار عبد الغفور الواقع بين منطقة عين شمس والمطرية، فانتقل إلى مكان الحادث وكشفت مناظرته عن مقتل محمد لطفى "56 سنة" بطعنة نافذة بالصدر، كما كشفت معاينته عن العثور على السكين المستخدمة فى الجريمة وعليها آثار دماء القتيل. وكشفت تحقيقات المستشار محمد الجرف، مدير النيابة، أن وراء ارتكاب الواقعة نجل المجنى عليه ويدعى "مصطفى" 14 سنة بعدما نشبت بينه وبين أبيه مشادة كلامية بسبب المصاريف المدرسية، وقيام الأب بسبه وصفعه على وجهه بعد أن تطاول عليه، وأضافت التحقيقات أن الابن رد على أبيه بعد ضربه قائلاً "متشتمنيش بأمى" وقرر الانتقام منه فذهب مسرعًا إلى المطبخ وأحضر سكينًا وطعنه طعنة واحدة فى الصدر ثم تركه وفر هاربًا لا يلوى على شيء. وأوضحت التحقيقات أن الأب حاول إنقاذ نفسه وفتح باب شقته ونزل على السلم يصرخ فقابل شقيقته وهو ممسك بصدره وتنزف منه الدماء قائلاً "مصطفى ابنى قتلني" فحاولت شقيقته إنقاذه إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل نقله إلى مستشفى المطرية، وتمكنت المباحث من القبض على المتهم، واعترف بأن يوم الحادث نشبت مشادة كلامية بينهما وسبا بعضهما بألفاظ نابية، فأحضر سكينًا من المطبخ وسدد له طعنة نافذة فى الصدر أسفرت عن مقتله، وأضاف أن والده انفصل عن أمه منذ عدة سنوات وأن والده كان يسبه دائمًا بأمه ويضربه ويتعمد تشويه سمعتها وإهانتها. وباستجواب ابنة المجنى عليه، ذكرت أنها سمعت ليلة الحادث أصواتًا من شقة أبيها وأسرعت إلى شقته فوجدته على سلالم المنزل غارقًا فى دمائه إثر إصابته بطعنة نافذة بمنطقة الصدر فحاولت إسعاف أبيها وقال لها " ابني مصطفى قتلني"- إلا أنه فارق الحياة.